زووم
ابوعاقلة اماسا
أدب المريخ..!
* العنوان أعلاه ليست دعوة مني لتشييد مدينة المريخ الفاضلة، ولا هو (فانتازيا) الواقع المريخي المبعثر، وإنما هي محاولات للمذاكرة في كتاب ثمين وعزيز ألقي بإهمال في ركب بعيد من حياة المريخاب الغنية بالمآثر.. واعتقد أننا محظوظون للغاية لأننا عشنا في هذا الكوكب أياماً قدر لنا أن نتعلم فيها من رموز وقامات مثل أستاذ الأجيال/حسن محمد عبدالله، ورئيس الرؤساء مهدي الفكي، والقبطان حاج حسن عثمان وآخرون ممن مروا على كوكب المريخ وأثروا فيه الحياة بمواقفهم وأخلاقهم، وهم.. ومن كان قبلهم ووصلتنا قصصهم بالتواتر، الذين أوجدوا مصطلح (أدب المريخ) وجعلوا منه دستوراً ينير الطريق لهذا المجتمع.. وكان ذلك الأدب يقوم على مصفوفة معاملات ومفاهيم غير قابلة للتحليل والتطويع والتمييع، وعندما أجمعوا على ضرورة إحترام (رئيس نادي المريخ)، لم يضعوا في الإعتبار من هو هذا الرئيس، وهل هو متعلم أم أمي، أو قبيح أم مليح، ولا فاحش الثراء أو تكنوقراط، فالقيمة كانت في المنصب وليس الشخص..!
* الأستاذ حسن محمد عبدالله، الذي كان هالة من الأدب والذوق والحكمة تمشي بين الناس، كان مريضاً ذات مرة وقد اشتد به المرض مما دعا أهل المريخ لزيارته زرافات ووحدانا، في تلك الديار الرحبة بأم درمان شارع كرري، وكعادته كان جمال الوالي أول من يعاود المريض، ويشيع الموتى ويطيب الخواطر، وإن كان حديث عهد بالرياضة في تلك السنوات فقد أهله تواضعه لأن يتعلم سريعاً ويحتل مكانة لم يوصلها البعض في عقود من العمل دأبا..!
* جمال الوالي زار أستاذ الأجيال معاوداً ومتفقداً برفقة نفر من كبار المريخ.. وعندما دخل عليه، سأل الأستاذ ولده مستفسراً عن الزائر.. فقال له: إنه جمال الوالي برفقة حسن إدريس.. وكانت المفاجأة عندما رفض مصافحة رئيس النادي وهو في هيأته تلك مستلقٍ على فراشه… وحتى لا يذهب الضيوف بعيداً، إستطرد أستاذ الأجيال مخاطباً جمال الوالي: رغم أنك في عمر ولدي هذا.. ولكنك الآن رئيس المريخ، ورئيس المريخ واجب إحترامه وتقديره..!
* ركزوا على هذا الموقف وتخيلوه مشهداً أمامكم بالصوت والصورة، ومن ثم قارنوا بما حدث في المريخ بعد أن رحل الكبار وجاء من لا يعترف بأدب المريخ ولم يسمع به من قبل..!
* الراحل المفضال، طيب السيرة.. عمنا مهدي الفكي، رغم أنه كان عالماّ من علماء السودان، وصاحب أرفع المناصب ذات يوم، إلا أنه لم يتعالى على مجلس إدارة نادي المريخ ومن يعمل فيه من الرئيس وحتى أصغر عضو، وكان يرى أن مساندة مجلس إدارة النادي مبدأ مهم جداً يعلو ويقدم على أي فكرة للمعارضة، وكان ذلك الفهم الراقي وراء موقفه من مجلسي محمد إلياس محجوب وجمال الوالي معاً، ولم بتعلل يوماً بأعذار واهية تمنعه من دعم قيادة النادي، بل كان مثالاً للأفكار الإيجابية متى شعر أن هنالك أزمة.. ولم نره يتبنى فكراً معارضاً بسبب أن المجلس جاء بالتعيين أو الإنقلاب، بل كان مع الشرعية وصولاً للإستقرار كهدف سامي..!!
* هذه لمحة بسيطة جداً من ثوابت السلف في هذا النادي الكبير.. نكتبها برغبة صادقة في مذاكرتها بشكل جماعي لنحاول إعادة بعض أدبيات المريخ.. وقد كان قائماً على الإحترام المتبادل وتقديم المصلحة العليا على الخاصة..!!
حواشي
* حاولت مقارنة كل ذلك بإشتباك إستفزازي حدث بين عضو حديث عهد بالمريخ مع رئيس سابق من رؤساء النادي، وأمام مرأى ومسمع من البشر في قروب يضم مريخاب وهلالاب وآخرين لا نعرفهم..!!
* وغيره عشرات المواقف والتعليقات لمن يدعون الإنتماء لهذا المجتمع العريق ويهتكون تقاليده ويخالفونها مع سبق الإصرار والترصد.. تجد تعليقاً لأحدهم على حديث لرئيس النادي من عينة (قوم لف..) أو (قوم قد)..!!
* كل ذلك مع التغيير الكبير في طريقة تفكير الناس ونظرتهم لرئيس النادي وأعضاء مجلس الإدارة.. وبعضهم يعتقد أن رئيس المريخ خلق ليطيع تعليماته ويلبي رغباته دون أن يكلف نفسه حق الإحترام للمنصب..!!
* كانت المقامات محفوظة، والإحترام مبذول بحب بين الناس.. عكس ما يحدث الآن.. حيث أعضاء المجلس أنفسهك لا يعترفون بأدب المريخ ويعاملون بعضهم مثلما كانوا محتطبين في غابة واصطدموا بعصابة مجهولة النشاط…!
* قبل أن نطالب رئيس نادي المريخ بدفع المال وحل مشاكل النادي.. أو حتى النظر إليه بعين لا ترى فيه إلا أنه خزينة مليئة بالمال والذهب.. قبل كل ذلك علينا إحترام المنصب وحشد ما يستحقه من تقدير… إختلفنا.. أو اتفقنا..!!
* وقبل كل ذلك فإن المريخ مثله ومثل المجتمعات الأخرى المتحضرة… كلما زادت القيم والعادات والتقاليد وتماسكت… كلما أصبح أكثر استقرار وتركيزا على الأهداف..!!
* المواقف الجميلة التي تستحق أن تحكى وتنقل للأجيال الحالية والقادمة كثيرة جداً.. وكل منها تشكل محاضرة من القيم..!
* مشكلة السماني الصاوي ليست كبيرة ولا أظنها معقدة ولكن من أوكل لهم الملف تواضعت قدراتهم ومعارفهم.. ففشلوا حتى الآن في الوصول لشيء..!!