صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أعدل حالك ولا أدينا عرض أكتافك

550

تأمُلات

كمال الهِدي

أعدل حالك ولا أدينا عرض أكتافك

* وجد (المقاطيع) طوال سنوات حُكمهم البغيض مجموعات مهولة من إداريين وصحفيين ركزوا جهودهم على إلهاء الشباب بمعارك جانبية في الوسط الرياضي، وكرة القدم على وجه الخصوص حتى يبدد هؤلاء الشباب طاقاتهم ووقتهم فيما لا يفيد ولا ينفع من أجل إطالة سطوة المفسدين.
* وقتذاك عقدنا كل آمالنا على ثورة لا تبقي ولا تذر لينصلح معها حال الرياضة والشباب كقطاع حيوي وهام.
* لكن المؤسف أن وزيرة الشباب والرياضة الإنتقالية ولاء البوشي سارت على ذات النهج القديم.
* فهي حقيقة لم تقدم عملاً ملموساً منذ توليها واحدة من أهم الوزارات في الحكومة، لكونها تعنى بالشباب الذين قادوا هذه الثورة المجيدة.
* وأمام فشلها في أداء ما كان متوقعاً منها، وجدت البوشي ضالتها في خوض معركة بغير مُعترك مع دكتور شداد حول استئناف النشاط من عدمه.
* بالطبع لا أعفي دكتور شداد من مسئولياته، ولا من القصور الشديد لإتحاده في العديد من الملفات.
* لكنني فقط أُذكر بعض الثورجية الجدد الذين ظلوا يرددون في الأيام الفائتة أن شداد لم يقدم شيئاً طوال عقود خلت، فكيف له أن يلوم البوشي التي لم تُنصب وزيرة سوى من عام ونيف ! فهذا سؤال مردود عليكم أيها الثورجية الجدد لأننا سنسألكم بنفس القدر سؤالاً بالغ الصعوبة هو: أين كنتم أنتم طوال تلك السنوات التي لم يقدم فيها شداد شيئاً؟!
* ألم تكونوا جزءاً من نظام القتلة واللصوص والمفسدين تزينون لهم الأخطاء وتغبشون الحقائق وتشيدون بجرائمهم؟!
* لو كانت لدينا صحافة نزيهة وحرة حقيقة لما استطاع شداد أو غيره أن يجلس على كرسي دون أن يقدم شيئاً.
* وأنتم سكتم على جرائم البشير وهارون وغيرهما، يعني بقت على شداد!!
* ولا تنسوا أيضاً يا ثوار السودان الجدد أن شداد الموصوف عندكم بأنه جاء محمولاً على أكتاف الكيزان سبق أن خسر معركة أمام مجموعة معتصم بمؤامرة مشهودة لشباب المؤتمر الوطني كنتم جميعاً جزءاً أصيلاً منها.
* وعندما بلغ فشل مجموعة معتصم مداه وعجزوا عن تقديم ما يشفع لهم، أو حتى تبرير فسادهم وخرابهم، ناشد الكثيرون وضغطوا على شداد بقبول فكرة العودة لرئاسة الإتحاد مع المجموعة الحالية.
* إذاً شداد لم يأت مجدداً برغبته الخالصة، ولا أظنه كان يؤمل في الفوز بدورة جديدة بعد تلك السنوات التي قضاها بعيداً عن هذا الوسط.
* فإياكم ومحاولات التغبيش لأننا لا نتمتع بذواكر سمكية كما تفترضون في كل القراء.
* ويوم أن بدأ إسم شديد يرشح كبديل محتمل لمعتصم جعفر ناصحته بأكثر من مقال ورجوته ألا يفعل لأنني شعرت بأن القوم أرادوا أن يعيدونه في هذا العمر المتقدم لكي يسيئوا لتاريخه وقلت ما معناه أنهم سيختارون له مجموعة فاشلة حتى يتورط في أمور لم يعهدها الناس فيه.
وهي نصيحة وافتراض إستغربه الكثيرون وقتها ظناً منهم أن الأمور لم تبلغ من السوء درجة أن تطالب السلطة بعودة شداد من أجل الإساءة لتاريخه.
وليته سمع النصيحة وواصل إبتعاده عن هذا الوسط.
كما لا أظن أن الكثيرين قد نسوا كلماته الأولى بعد العودة حين قال أنه ما كان يتوقع من الناس في البلد أن يلجأوا لرجل طاعن في السن مثله يجلس على كرسي بالقرب من القبر ليطالبونه بالعودة للعمل.
وهذا الحديث معناه لمن يفهم أن الشباب الذين تصدوا للمهمة بعده كانوا فاشلين وفاسدين بدرجة غير مسبوقة، وإلا لما احتاجت البلد لشخص تعدى الثمانين مثله، ولما ألح عليه الرياضيون والمسئولون بالعودة مجدداً.
ما تقدم هي ظروف عودة شداد لمن نسوا حتى لا يمارس عليكم الثورجية الجدد ألاعيبهم المعهودة.
أما ما يتعلق بإستئناف النشاط من عدمه، ومع قناعتي الشخصية بعدم إستئنافه في هذا الوقت، ليس بسبب الكورونا وقتها، وإنما لأن البلد يحتاج لتركيز الجهود في قضايا أخرى أكثر أهمية من لعب الكرة.. مع ذلك لا أرى سبباً واحداً لمعركة البوشي مع البروف.
فقد استند شداد في قراره على موافقة من اللجنة العليا للطواريء.
لكن هذه اللجنة، ولأنها جزء من حكومة هشة وضعيفة ولا تعمل في الضوء كما يفترض الكثيرون، فقد غيرت هذه اللجنة قرارها وعادت لمخاطبة الإتحاد بكلام لا يسوى الحبر الذي كُتب به.
قالوا أن موافقتهم الأولى بإستئناف النشاط لم تكن تعني تجاوز وزارتي الصحة والشباب والرياضة!!
وهم بمثل هذا الكلام (الخايب) أكدوا على أن أمور عدة قد جرت من تحت الطاولة حقيقة، وإلا فلماذا تجاوزت اللجنة نفسها الوزارتين المعنيتين وأصدرت قرارها الأول بإستئناف النشاط؟!
لم يختلف الوضع عما كان يجري أيام حُكم (المقاطيع).
وفي كل صباح نجد أنفسنا أمام قرار أو تصرف أو سلوك لا يشبه ثورة ديسمبر العظيمة في شيء.
فكفانا مهازل وإهداراً للوقت، وعلى الثوار الشرفاء أن يبدأوا في التو واللحظة في تصحيح ثورتهم.
كفانا مجاملات وإنقياد وراء العواطف على حساب الوطن.
بعض الشباب الثوريين الأنقياء غُرر بهم وصدقوا (وهمة) أن أي تراجع عن دعم دكتور حمدوك معناه عودة الكيزان.
على المستوى الشخصي ظللت داعماً لهذه الثورة قبل سنوات من إشتعال جذوتها بشكلها الأخير الذي أزاح الطاغية وأثناء الحراك وبعد أن تولى حمدوك رئاسة الحكومة بالرغم من تحفظي الشديد على الرجل منذ لحظة ترشيحه كوزير محتمل للمالية قبل تعيين معتز صدمة.
ظللنا ندعمه على أمل أن يستفيد الرجل من هذه الشعبية التي لم تتحقق لقيادي سوداني طوال تاريخ البلد.
توقعت أن يسعفه ذكاؤه ليعدل عن بعض الأفكار المفروضة عليه خارجياً ويسعى لإيجاد نموذج سوداني خالص بعد ما رأه من تضحيات وبسالة لهؤلاء الثوار.
لكن وضح جلياً أنه ماضِ فيما جاء من أجله.
وتأكد أنه سيضرب بعرض الحائط كافة المناشدات والمطالبات والدعوات الثورية.
وإلا فما سبب إصراره على إحاطة نفسه في مكتبه بشخصيات لا يعرف الناس لها أي تاريخ نضالي!
وما سبب إصراره على تعيين الكثير من الدبلوماسيين الكيزان والأمنجية بعدد من سفاراتنا بالخارج!
وما الذي يدفعه ومن معه لعدم التنفيذ الكامل لبنود الوثيقة (على علاتها)!
الأسئلة كثيرة، وإن أسهبت فيها فلن أنتهي.
لذلك كل ما أرجوه وأتمناه هو أن نفهم جميعاً أن المجاملات والإفتراضات الخاطئة وانتظار النتائج الصحيحة من المعطيات الخطأ هو ما أضاع هذه البلاد خلال العقود الماضية.
فالبشير وسادته الذين سطوا على السلطة بقوة السلاح ظل محل أمل ورجاء الكثيرين لسنوات عديدة دون مبررات منطقية.
في البداية بدأنا بنقاش ساذج حول ما إذا كانوا كيزان أم لا.
ثم تدرجنا لنصل مرحلة أن المشكلة في الترابي.
وبعد المفاصلة وضع الكثيرون آمالاً عريضة في البشير ظناً منهم أن الأجواء صارت مؤاتية له لكي يقدم عملاً نافعاً.
وتجاهلنا على الدوام حقيقة أن الكاذب سيظل كاذباً، وطالما أن البشير والترابي كذبا على الشعب السوداني فمن المستحيل أن ينصلح حال أي منهما.
والآن أرى أننا نخدر أنفسنا ونتجاهل معطيات واضحة وضوح الشمس ونفترض إفتراضات في غير مكانها.
فليس هناك ما يمنع دكتور حمدوك عن تحقيق شعارات الثورة كاملة سوى رغبته في عدم تحقيقها.
أي كلام غير هذا أعتبره تخديراً وإهداراً للطاقة والوقت.
وحين تفترض أن حمدوك شخصية محترمة لا تستحق منك سوى الدعم يا عزيزي الثائر تذكر أنه في الوقت الذي كان يهنأ فيه بالإستقرار والراحة وراء البحار كانت أم هزاع تبكي فلذة كبدها اليافع الذي ضحى بحياته من أجل هذا التغيير.
ووقت أن تطوف بذهنك فكرة أن أي إضعاف لشعبية حمدوك معناه عودة الكيزان تذكر أن دكتور بابكر تحدى رصاص القتلة وأصر على مداواة رفاقه ليفقد حياته أثناء أداء تلك المهمة النبيلة.
وفي اللحظة التي تتوهم فيها أن دكتور حمدوك هو حامي هذه الثورة تذكر أن اليافع الأعزل محجوب التاج دافع عن زميلاته في وجه سفاحين مدججين بالسلاح فأزهقوا روحه البريئة.
نخلص من ذلك إلى أن هذه الثورة لم يشعلها لا حمدوك ولا شلته التي تتحكم في حياتنا حالياً، بل قادها شباب وشابات في منتهى البسالة والجسارة.
ومثلما فعلوا ذلك أمام السفاحين العتاة الغلاظ لن يعجزوا عن المحافظة على ثورتهم وتصحيحها.
فإما أن (تعدل) حالك يا حمدوك، أو (تدينا عرض أكتافك).
لا يفترض أن نقبل بأي حل وسط من المؤكد أنه سيدخل هذا الوطن في عنق زجاجة لن يخرج منه مطلقاً.
البديل ليس عودة الكيزان كما يتوهم البعض، وإنما هو الفوضى والحرب والإقتتال وتشرذم البلد.
وهذا ما يحدث حالياً بفعل سياسات دكتور حمدوك ومن معه، واستهانتهم بالثورة وتضحياتهم وإذعانهم لإرادة العسكر.
* فماذا تنتظرون يا ثوار؟!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد