سباق البرامج في رمضان أغاني وأغاني .. فلسفة الغرض وواقعية الفعل. كورة سودانية: ايمن عبد الله
ها قد بدأ السباق البرامجي الرمضاني السوداني وأنطلقت الهتافات المروجة والمناهضة للبرامج، كل يغني على ليلاه ويساند ويدفع بنفسه وبرنامجه فيما يخوض البعض منافسة في أخرى بإتجاه هدم مجهود الآخر وإيجاد سبل لزم البرامج المنافسة بطرق شتى قد تصل لإيجاد فتاوى دينية تحرم مايقدم أو فتح باب جدلي حول مشروعية البرامج.
ومن هذه البرامج التي واجهت هجوماً عنيفاً خلال هذا العام والأعوام السابقة تحت بند حرمة الغناء في رمضان وتحت بند وقت البث وإتجاهات أخرى كلها كانت تسعي في أن تصب في خانة إيقاف البرنامج الرمضاني الشهير. وأغاني واغاني يعد واحد من اكبر البرامج التلفزيونية مشاهدة في تاريخ التلفزيونات السودانية وأكثرها رواجاً وإثارة للجدل وتعرضاً للهجوم من قبل الصحافة الفنية.
والبرنامج الذي يعد هذا موسمه التاسع المتواصل والمتتالي إصطحب معه عدد من الفنانيين الشباب الذين استمروا في تقديم اعمال واغنيات كثيرة قد تجاوزت الـ 1351 اغنية وذلك بمعدل 5 أغنيات في الحلقة قدمت خلال هذه السنوات المتواصلة في حالة توثيقية نادرة جداً لم يسبق لها مثيل في تاريخ الوسائط الإعلامية السودانية وتعريف المواطن السوداني والأجيال الحالية بتراث وترايخ الأغنية السودانية على مدى مسيرتها الطويلة الممتدة لقرون عديدة بمراحلها المختلفة وسنواتها الطويلة التي غيتدت من عصر مملكة مروي القديمة في حوالي القرن 2500ق..م حيث كان إبتداع السلم الخماسي المعروف الآن وأمتد لخلق نمط غنائي سوداني خاص بالسودانيين يختلف عن كل العالم.
وارخ البرنامج لمراحل التطور الغنائي في السودان في كل مراحله خاصة فترة غناء الحقيبة التي تعتبر من أزهى المراحل الغنائية وأغناها بالمفردات الشعرية واللحنية وصناعة الشكل الغنائي المسيطر على الساحة ختى الىن ومروراً بمرحلة صناعة الجملة اللحنية التي بداها الشاعر والملحن والفنان الكبير “خليل فرح” الذي وضع عديد مقدمات لحنية حتى التصميم النهائي الذي صاغه (إبراهيم الكاشف) الذي وضع الجملة اللحنية المنفردة الموازية للنص الشعري ومن ثم مروراً بالكبار محمد وردي ومحمد الامين وآخرين حتى آخير جيل من الفنانيين الكبار.
وواصل التوثيق للمسيرة الطويلة للفن الغنائي فبدت تظهر ملامح الكبير الحاج محمد أحمد سرور الذي يعد واحد من اعظم الاصوات السودانية واقواها والتجربة الغنائية الاعلى بجانب قدراته اللحنية الخرافية. وذلك دون ان يغفل الفنان (كرومة) الذي هو الآخر يعتبر واحد من كبار التاريخ والمؤثرين والمضيفين للغناء والموسيقى السودانية وكل الذين جاءوا معهما وبعدهما وكانوا وجوداً في خارطة الغناء.
وفي إتجاهٍ آخر أرخ البرنامج للمغنيين الذين واصلوا التغني بالطريقة التقلدية والتي واصلت على النمط القديم نوعياً وذلك بإستخدام الآلات القديمة كـ(الرق – البنقز) وبقية الإيقاعات فكان ان قربت الصورة على تجربة الفنان “محمد أحمد عوض” الذي يعد مؤسس ماعرف بالغناء الشعبي وإلى ذلك كل الذين ساروا على هذا الدرب. التوثيق باصوات الشباب
منتج البرنامج ومعده الشفيع عبد العزيز قال : ( في الاساس الفكرة كانت عندما قدمتها أول مرة هي تقديم غناء الرواد باصوات الشباب ومحاولة وتعريف هذا الجيل بالأغنيات السودانية والمبدعين السودانيين الرواد والقدام، وتطورت لتصبح الرآن أقرب للتوثيق بجانب حكايات ومواقف ذات صلة وراتبطت بتاليف وتغني هذه الاغنيات وكتابتها وصناع الفلن وممارسيها من الاجيال السابقة، والآن ايضاً يمكن إعتباره رابط بين كل الأجيال السودانية السابقة وهذا الجيل الحالي).
وإذا تابعنا حديث الشفيع عبد العزيز نجد انه رؤيا بجانب أنها مبدعة وجديدة كانت في ذلك الوقت فهي ايضاً تضيف لخارطة الغناء بجانب إضافتها البرامجية، وهو الآن يكاتد يكون البرنامنج التوثيقي الأكثر تناولاً للاغنيات والعاملين عليها من شعراء وملحنين ومغنين ومصاحبة ذلك بقصص تصبح خالدة وراسخة في أذهان المشاهدين.
ومن حديث كثير قيل ويقال يمكن أن برنامج اغاني واغاني واحد من اهم البرامج التلفزيونية السودانية على الإطلاق ، ولا يمكن تجازوه باي حال من الأحوال أو عدم التحدث عنه في حال التحدث عن البرامج مهما كان محور الحديث ، وهو بمقايس الإنتاج والمونتاج والتقديم والمادة المقدمة ونسبة المشاهدة والمادة الإعلانية التي فيه برنامج كبير ومثير ويحمل الرقم واحد بدون منازع. ويكفي حالة التكرار الفاشل التي اوجدت بعض القنوات نفسها فيها وهي تحاول تقليد البرنامج وإعادة إنتاج الفكرة والمحتوى.
ويظل أغاني أغاني مؤثراً كبيراً ليس في الخارطة البرامجية فحسب بل حتى في الخارطة التوثيقة للغناء وسيضاف في مستقبل الايام لجيل التوثيقيات الغنائية الكبيرة أمثال برنامج (من حقيبة الفن) الإذاعي وبرنامج (مطرب وجماهير) التي كانت غضافات حقيقة للإعلام والغناء وتوثيق السيرة الثقافية والإنسانية السودانية.