صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

التّحليل (الفلسـفي) لمُباراة الهِلال والمولوديّـة

42

صَـابِنَّهَـا
محمد عبد الماجد

التّحليل (الفلسـفي) لمُباراة الهِلال والمولوديّـة

أول نقطة أقف عندها في هذا التحليل هو التوفيق الذي حالف الجهاز الفني للهلال في اختيار ملعب أماهورو بكيجالي لمواجهة المولودية الجزائري، فقد ظهر أثر الملعب في أداء الهلال وساعدت مساحة الملعب في الانتصار الذي تحقّق، إلى جانب أنّ الهلال في أماهورو حُظي بدعم ومُساندة جماهيرية كبيرة، جعلت الفروقات الجماهيرية بين ملعب شهداء بنينا وملعب أماهورو معدومة أو قليلة.
الهلال يبدع عندما يلعب على نجيل طبيعي ـ كما أنّه يرتاح ويظهر بصورة أفضل في الملاعب ذات المساحة الكبيرة، لأنّ معظم عناصر الهلال خاصّةً المهاجمين، لاعبو مساحات.
هذا أمرٌ يُشكر عليه مدرب الهلال ريجيكامب فقد أحسن الاختيار، ويبدو أنّ ذلك تم بعد دراسةٍ عميقةٍ، وهو اختيارٌ يؤكد أنّ المدير الفني الروماني للهلال يعرف لاعبيه جيداً.
النقطة الثانية والجوهرية في اللقاء، قبل أن ندخل في تفاصيل أوفى، تتمثّل في تسجيل الهلال الهدف الأول بعد نهاية الزمن الرسمي في الشوط الأول، حيث سجل روفا في الدقيقة الثانية بعد نهاية الوقت الرسمي للشوط الأول، والتسجيل في هذا الوقت دلالة تركيز ووعي تكتيكي، حيث كان يغيب التسجيل في هذا الوقت خاصةً أمام منافس قوي.
الهدف الثاني أيضاً جاء في توقيت صعب، حيث عاد الهلال وتقدم على منافسه في الدقيقة 75، والعودة أمام منافس مثل المولودية أيضاً أمرٌ يُحسب لك، ولا يغيب علينا أن ذلك الأمر والعودة في الجزء الأخير من عُمر المباراة، بدأ يرسخ في الهلال منذ الموسم الماضي، حيث عاد أمام المولودية نفسها في مباراة الإياب وتعادل، وكان قد حافظ على تقدُّمه في الجزائر الموسم الماضي في مباراة الذهاب، وعاد الهلال كذلك أمام مازيمبي في مباراة الذهاب فانتصر في نواكشوط، لكن هذا حَدثَ في الموسم الماضي والهلال أكثر جاهزية، هذا الموسم وإن كان الهلال أقوى، إلا أنه حتى يلعب في مرحلة المجموعات بدون دوري، أما الأمر الآخر، والحديث عن النتيجة، تتجسّد في قدرة الهلال للمحافظة على تقدمه، حتى بعد طرد صلاح عادل ليلعب بعشرة لاعبين لأكثر من عشر دقائق.
تقدم الهلال ومحافظته على انتصاره رغم أنه ليس جاهزاً بشكل بدني وفني كامل، أمرٌ يُحسب له لأنّ الفريق يلعب قبل المشاركة في الدوري، كما أشرت، ويواجه منافساً لعب في دوري بلاده 8 مباريات بعد أن وصل الدوري في الجزائر للجولة الـ11.. فريق لم يخسر في 20 مباراة.
نتيجة المباراة لو انتهت بالتعادل، كانت هذه النتيجة سوف تنعكس على لاعبين اثنين في الهلال بصورة سلبية وقد تؤثر عليهما، لأن الجمهور والإعلام كانا سوف يُحمِّلهما وزر ذلك ـ اللاعب الأول هو مصطفى كرشوم الذي سجّل في مرماه هدفاً عكسياً، أما اللاعب الثاني فهو صلاح عادل لأنه وضع الهلال في موقف صعب بعد أن خرج بالكرت الأحمر.
تخيّل إذا كان الطرد في الشوط الأول أو قبل نصف ساعة من نهاية اللقاء، كان الأمر سيكون صعباً على الهلال، لذلك على صلاح عادل أن يتوقّف عند هذا الكرت الأحمر كثيراً.
هدف المولودية ومع أنه عكسي من كرشوم، إلا أنّ خروج فريد من مرماه ساعد في ولوج الهدف، لو تأخر فريد خطوة كان سوف يستلم كرة كرشوم ـ التوفيق كان في جانب المولودية في هذا الهدف ـ وربما حدث ذلك لتكون فرحتنا بالانتصار كبيرة، ولنعيش لحظات صعبة قبل نهاية المباراة.
الأكيد أنّ الهلال لم يصل بعد للمستوى المطوب، لكنه مع ذلك نجح في أن يحصد أول ثلاث نقاط في مرحلة المجموعات أمام منافس لم يخسر في 20 مباراة رسمية، إضافةً إلى مباراتين وديتين.
أن لا تخسر في (22) مباراة هذا أمرٌ يمنحك قدراً كبيراً من الثقة ويمنحك دفعة معنوية، خاصةً أنّ المولودية بقيادة المدرب الجنوب أفريقي “رولاني موكويينا” الذي لم يخسر، لتكون الخسارة أمام الهلال هي الأولى له مع المولودية.
فنياً، ظهرت خُطورة الهلال على الأجنحة بشكلٍ واضحٍ، لاحظت في كثيرٍ من الأستديوهات الرياضية في عددٍ من الفضائيات، الحديث عن أجنحة الهلال وعن تميُّزها بالمهارة وسُرعتها، وأقف هنا عند حديث خالد الغندور في برنامجه على قناة المحور، حيث تحدث عن الهلال وأشاد به، وقال إنّ الهلال في هذا الموسم غير، وإنّه يمتلك أجنحة خطيرة، وهنا علينا أن لا ننوم في عسل الإشادة بالهلال والتغَـزُّل في لاعبيه، كما حدث للهلال في الموسم السابق ـ هدفنا هذا العام أكبر من التأهُّـل من مرحلة المجموعات، وأكبر من أن نحصد كمية من الإشادات والغزل ـ علينا أن لا نقف عند ذلك كثيراً، ويجب أن لا نسمع غير صوت واحد، الصوت الذي يطالبنا بالمزيد من النجاح والتقدم.
الحديث عن جان كلود بهذه الصورة، ونحن جزءٌ من ذلك، قد يفقد اللاعب التركيز أو قد يصيبه بشئ من الغرور، أو قد يجعل على الأقل، الأندية تركِّز عليه، علينا أن نقلل الكلام عنه، ونتجاوز مربع التفاخر به والغزل، حتى لا نفقده.
مهمٌ جداً أن لا نقدم جان كلود للأندية بهذا العرض، فهو ليس للبيع.. وأرجو أن لا أسمع حديثاً عن الاستثمار والتسويق، لأن هذه الأمور ليس هذا وقتها فاجتنبوها.
يلعب صنداي وروفا دوراً كبيراً في تشغيل أجنحة الهلال وجعلها في وضع الطيران ـ ورغم أنّ جان كلود قام بدور كبير في هدف روفا، إلّا أنّ صنداي قام بدور محوري وفاصل في الهدف ـ كما أنّ روفا يُحسب له التحرُّك والتّقدُّم مع الهجمة، ويُحسب له التعامل الممتاز مع الكرة العرضية ومُعالجتها بصورة مُباغتة من لمسة واحدة وهو يضعها في الزاوية الضيقة أو القريبة.
وهو نفس التعامل الذي كان من الغربال في الهدف الثاني، غير أنّ الغربال عالجها في الزاوية البعيدة ـ ولكنه فعل ذلك من أول لمسة، الغربال سجّل الهدف الثاني رغم أن هنالك عدداً من المدافعين إلى جانب حارس المرمى يحجبون أو يسدون امامه المرمى، لكنه مع ذلك نجح في التسجيل، مع أنّ التمريرة لم تصله داخل الـ6 ياردات.
ومثلما يُحسب الهدف الأول لجان كلود إلى جانب صاحب الهدف روفا، يُحسب كذلك لاستيفن إيبولا صناعة الهدف الثاني، فقد مرر كرة عرضية بصورة ذكية وهو يلعبها للخارج ـ وهذا الهدف كما الهدف الأول تظهر فيه بصمة المدرب وتوضح فيه الجرعة التدريبية العالية.
وهنا أقول إن باكي الهلال اللذين أصبحا جزءين من توليفة الوسط والحديث عن إيبولا ولوزولو، أصبحا يقومان بدور هجومي واضح، حتى ظهر ذلك وانعكس على مردودهما الدفاعي، لذلك تظهر بعض الثغرات في دفاع الهلال، لأنه يلعب بدون أطراف دفاعية واضحة.
هذا الوضع جعل المسؤولية كبيرة على قلبي الدفاع كرشوم وإرنق إلى جانب صلاح عادل، اتّضح ذلك في هدف المولودية، إذ سجل كرشوم هدفاً عكسياً لأنه كان يسد التقدم والضغط الذي يأتي على الهلال من الطرف اليمين، وطرد صلاح عادل بسبب مخالفة ارتكبها في الطرف اليمين وقد حدث ذلك بسبب غياب الطرف اليمين أو بسبب تقدُّمه ودوره الهجومي الذي أفقده القيام بالدور الدفاعي على الوجه الأكمل.
شفتوا الفلسفة دي كيف؟
الملاحظة في أهداف الهلال، أن الهدف الأول سجّله روفا القادم من الخلف وهو صانع ألعاب، وسجّل الهدف الثاني بديله الغربال، الذي لعب في نفس خانة روفا وكان أيضاً قادماً من الخلف.
التحرك في الهدفين من قبل روفا والغربال كان جميلاً.
مطلوبٌ من مدرب الهلال الانتباه إلى أنّ الأندية التي تباري الهلال سوف تنتبه إلى أجنحة الهلال وستعمل على إغلاق الطريق أمام جان كلود وكوليبالي، كما ستعمل على إيقاف إيبولا ولوزولو والاستفادة من تقدمهما الهجومي، لذلك لا بُـدّ من حلول إضافية للتعامل مع (مضادات) الأندية التي تنازل الهلال والتي سوف تعمل على إسقاط طيران الهلال على الأجنحة.
عودة النجاعة الهجومية لأطراف الهلال كانت غائبة عنه في السنوات الأخيرة، ففد غابت الخطورة الهجومية لأطراف الهلال منذ زمن تنقا وزاهر مركز ومحمد حمدان، ثم كانت تعود لفترات وتختفي لفترات، فقد عادت مع أنور الشعلة وظهرت بقوة مع يوسف محمد، وهكذا كان لأطراف الهلال النزعة الهجومية التي تظهر وتختفي من حينٍ لآخر.
الآن عادت خطورة الأجنحة في الهلال وربما بشكل أكبر، وتوافق تلك العودة إلى أنّ المدارس الحديثة في كرة القدم أصبحت تعتمد بشكل ظاهر على الأجنحة، يحدث ذلك على مستوى ريال مدريد وبرشلونة وليفربول والأندية التي لا تملك أجنحة قوية ولا تهاجم من الأطراف أصبحت تعاني، ظهر ذلك بشكل واضح على مانشستر سيتي في الموسم الماضي، رغم أنه يمتلك أخطر مهاجم في مركز رأس الحربة وهو النرويجي هالاند.
لذلك لا خوف على الهلال لأنه أصبح يتبع الأسلوب الأمثل للهجوم، ويتّخذ أقصر الطرق نحو مرمى المنافس.
فقط على الجهاز الفني للهلال الانتباه إلى ما يمكن أن ينتج من خلل أو ثغرات دفاعية بسبب هذا الأسلوب الهجومي ـ والأكيد أنّ أيِّ طريقة يوجد فيها بعض الثغرات والسلبيات، وأعتقد أن إيجابيات هذا الأسلوب الذي يلعب به الهلال كثيرة، وهي تكفل له أن يُحقِّق أهدافه ويصل إلى ما يُخطِّط له.
الأهداف التي تُسجّل بسبب ارتفاع نسبة الاستحواذ أصبحت قليلة، خاصةً في ظل الطرق التي تعتمد على الأجنحة السريعة والمهارية ـ حيث تُسجّل الأهداف عبر هذا الأسلوب عن طريق الهجمة المرتدة، يحدث ذلك حتى بالنسبة لريال مدريد الذي حقّق أكبر رقم من البطولات في العالم من خلال اعتماده على هذا النهج، بعيداً عن فلسفة الاستحواذ، حيث الاستحواذ في حد ذاته في ريال مدريد ليس غاية ولكن وسيلة، عكس ما يحدث في برشلونة ومانشستر سيتي، إذ يبدو الاستحواذ في حد ذاته غاية.
خلاصة الأمر أنّ الهلال يلعب بأسلوبٍ، قادر أن يُحقِّق به طموحات وتطلُّعات جماهيره، والأهم من ذلك أنّ الهلال يملك الأدوات التي تجعله ينجح في هذا الأسلوب المُتّبع في الهلال مع الروماني ريجيكامب.

متاريس
أفضل من يقوم بدور صلاح عادل ويسد خانته أمام سانت لوبوبو هو ليس بترويس، أفضل من يمكن أن يُعوِّض غيابه هو ياسر جوباك، وهو أصلاً لاعب وسط، أتمنى أن يستفيد منه الهلال، في وسط الملعب سوف تظهر إمكانيات جوباك بصورة أكبر ـ على، خالد بخيت أن يلفت انتباه ربجيكامب لذلك.
وهذا ليس تقليلاً من بترويس الذي أحسب أنّ وجوده كلاعب أساسي أمام سانت لوبوبو أمرٌ في غاية الأهمية ـ نتمنّـى أن يعود اللاعب ويتعافى من الإصابة التي تعرّض لها.
ياسر جوباك في كل الأحوال وجوده في وسط الهلال مهمٌ أمام سانت لوبوبو، خاصةً إذا تعذّرت مشاركة بترويس.
الكثافة العددية في الوسط في مباراة الهلال وسانت لوبوبو ضرورية ـ أتمنى كذلك مشاركة ماديكي.
الأهلي المصري حقق فوزاً كبيراً على فريق شبيبة القبائل الذي ظهر بشكل ضعيف، وكذلك فاز صن داونز وسجل ثلاثة أهداف في شباك سانت لوبوبو، وكذا كان الحال بالنسبة لبيراميدز ونهضة بركان.
الترجي هو الفريق الوحيد من بين الكبار الذي فشل في الانتصار على ملعبه وهو يواجه الملعب المالي واكتفى بالتعادل.
أعتقد أنّ أفضل الأندية مستوىً وإمكانيات من بين الأندية التي خسرت في الجولة الأولى من مرحلة المجموعات هو فريق المولودية.
الهلال في 5 مباريات بالبطولة الأفريقية استقبل فقط هدفين، وسانت لوبوبو في نفس عدد المباريات استقبل 6 أهداف.
واضحٌ أن سانت لوبوبو يعاني دفاعياً، على الهلال الاستفادة من ذلك.

ترس أخير: التّركيز الشـديد مع جَـان كلود يفقـده التّركيز ـ مَـا تركِّـزوا مَعَــاهُ.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد