صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الجهل مصيبة

47

من أسوار الملاعب

حسين جلال

الجهل مصيبة

حاولت قدر الإمكان، وعلى المستوى الشخصي، الابتعاد عن الدخول في أي مهاترات جانبية مع أي شخص، حتى لا أُهدر وقتي في قضايا لا تخدم مسيرتي في النقد والتحليل الكروي، مهما كان حجم أو اسم من يهاجمني. وظللت أحصر كتاباتي في الجانب الفني والتحليلي فقط، دون التعرض لأشخاص بعينهم أو الانزلاق إلى الشخصنة.

إلا أنني فوجئت، ودون أي مقدمات، بهجوم مباشر من المدعو ود الشريف، وجّه فيه سهام انتقاده لشخصي، واصفاً إياي بـ«حديث العهد» و«الهش المنتفع»، لمجرد إشادتي بالمدير الفني كواسي أبياه، رغم إخفاق المنتخب وخروجه من الدور الأول لبطولة كأس العرب بالدوحة، بعد التعادل مع الجزائر دون أهداف، والخسارة أمام العراق والبحرين.

وجاء هذا التقييم في ظل ظروف قاسية ومعقدة تمر بها البلاد، تحت وطأة أصوات المدافع والرصاص والمسيّرات الاستراتيجية في بعض المدن السودانية، وفي واقع استثنائي تجاوزت معاناته أكثر من ثلاث سنوات، مع انعدام المنافسات المنتظمة والدوري التنافسي لأندية الممتاز، وفشل اتحاد الكرة السوداني في توفير بيئة إعداد حقيقية.

ورغم كل هذه الظروف، نجح المدرب الغاني كواسي أبياه في قيادة المنتخب إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية «الكان» بالمغرب، والتأهل إلى نهائيات بطولة الشان بدول كينيا وأوغندا وتنزانيا، والوصول إلى المربع الذهبي، إضافة إلى تحقيق المركز الثالث في تصفيات كأس العالم 2026 (أمريكا – المكسيك – كندا)، بعد أن كان المنتخب قريباً جداً من التأهل وتصدر المجموعة حتى الجولة الخامسة، لولا ضعف الإعداد والتحضيرات.

كما قاد المنتخب إلى نهائيات كأس العرب بالدوحة بعد تجاوز لبنان، رغم اللعب منقوصاً منذ ربع الساعة الأولى، وقلب كل التوقعات في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، والأوضاع الإنسانية المتردية للمواطن السوداني الساعي فقط لتأمين لقمة العيش، في وقت لا تمثل فيه كرة القدم أولوية أمام هذه المآسي المتسارعة.

أليس كل هذا كافياً لأن نتحلى بقليل من الموضوعية، ونتوقف عن الهراء والحديث غير المؤسس؟

الرياضة في أي دولة منظومة متكاملة ذات أعمدة مترابطة، إذا اختل أحدها سقطت بقية الأركان، ولن تتطور المنظومة الرياضية إلا بالدعم المالي، والصرف المنهجي، ووضع أسس واستراتيجيات واضحة، وتخطيط سليم للمراحل السنية، والبراعم، والشباب. فالتطور لا يتحقق بمدرب أو لاعب أو إداري فقط، بل بمنظومة كاملة.

وليس المغرب عنا ببعيد، فقد ضخ أموالاً طائلة في كرة القدم، فجنى ثمارها:
منتخبات الفئات السنية التي توجت بكأس العالم في تشيلي، منتخب المحليين الفائز ببطولة الشان، المنتخب الثاني المتوج بكأس العرب، المنتخب الأولمبي الحاصل على فضية الأولمبياد، وأخيراً المنتخب الأول الذي حقق إنجازاً تاريخياً للقارة الإفريقية والعرب بالوصول إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 2022.

وأكاد أجزم أن ود الشريف، في متطلبات كرة القدم الحديثة، لا يفرق بين مصطلحات مثل «التكتيك» و«التكنيك»، ولا بين الكتلة المنخفضة والكتلة المتوسطة، ومع ذلك يسهل عليه التقليل من شأن مدرب شهدت له إفريقيا، وقاد المنتخب الغاني إلى نهائيات كأس العالم ألمانيا 2006.

أما عن حداثتي في الكتابة الصحفية، فقد نشرت أول مقالاتي في صحيفة الشبكة عام 1990، إلى جانب الأساتذة عبد الله عبد العزيز، ونصر الدين الجيلاني الذي كان له الفضل في اكتشاف موهبتي، وبكري منزول، وعمر إدريس. وكتبت في صحيفة المنتخب مع الأساتذة عاطف كرار والقامة عاطف الجمصي، ثم صحيفة السودان الرياضي مع عبد المولى الصديق والمرحوم محجوب عبد الرحمن.

كما تشرفت برفقة أستاذي ورفيق الدرب حافظ مسند، الذي ضحى بوقته في التوجيه، وصحيفة الشارع السياسي مع معلم الجيل الذهبي المرحوم عوض أبشر، والأستاذ إبراهيم عوض. وامتدت إسهاماتي خارج الوطن في الصحيفة الرياضية السعودية، وصحيفة الخرطوم (نسخة الرياض) مع الأستاذ محمد صادق، وصحيفة صوت الهلال مع الأستاذ معتصم محمود، وصحيفة الوفاق مع الأستاذ حافظ خوحلي.

وهذا، لمن أراد الحقيقة، هو ردي المختصر على من يشكك في حداثتي وتجربتي في الصحافة الرياضية.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد