سياحة رياضية
بقلم: مازن صلاح خضر
الصحافة الرياضية والتعصب
حتي وقت قريب كانت العصبية في ملاعب الرياضية السودانية تقتصر فقط علي مداعبة كل من مشجعي الفريقين للطرف الآخر، وكانت تلك المداعبات في كل الأحوال لاتبلغ مدي التعصب الأعمي الذي وصل إليه حال المشجع السوداني في وقتنا الحالي، ولعل أبرز سمات هذا التعصب الأعمي القبيح تتمثل في الخروج عن الخلق الرياضي السوي وبروذ المخاشنات اللفظية الجسيمة بين العديد من فئات المشجعين، والتي تتعدي مداها في كثير من الأحيان حتي تطال اللاعبين أنفسهم هذا إن لم تطل إدارات الأندية نفسها !!!! وأذكر أننا في السابق وحينما كنا من مرتادي الملاعب الرياضية، كانت جماهير الأندية تهب قافزةً من مقاعدها لتحية رئيس ولاعبي أي من الفريقين المتبارين، ولم نكن نسمع ألفاظاً تتعدي الذوق العام في حق تلك الفئة، وعلي الرغم من وجود المداعبات والتهاترات التي لايكون للمباراة طعماً من غيرها، إلا أنها كانت تنحصر في سياق من من الفريقين أحق بالفوز، وأي الفريقين يملك أفضل اللاعبين، أو التذكير بفوز الفريق الفلاني علي الآخر في المباراة السابقة….إلخ، وكان كل طرف من تلك الأطراف يرد علي تلك المداعبات إما بالضحك أو بما يقابلها من مترادفات…..أما الآن فقد إستشرت في ملاعبنا الكثير من الألفاظ الخادشة للحياء سواء أكان للاعبين أو الإداريين، ولايستثني من تلك الألفاظ في أحايين كثيرة وللأسف الشديد أهالي وأسر أولئك اللاعبين أو الإداريين !!! وأذكر أنه وفي مباراة لأحد طرفي القمة مع نادي خرطومي، قام أحد المشجعين بسب مدرب ذلك النادي الخرطومي ودخل معه في مشادة عنيفة تداركها رجال الشرطة في حينها، وكان ذنب ذلك المدرب أنه كان لاعباً سابقاً في نادي القمة المنافس !!! والمؤسف أن سباب المشجع تعدي المدرب ليطال والدته !!! وأذكر حينها أن الكثير من المشجعين لم يعجبهم سلوك ذلك المشجع مع مدرب الفريق المنافس، وقامت الشرطة بإبعاد ذلك المشجع إلي خارج الإستاد. هذا مثال بسيط لما يحدث الآن في ملاعبنا، وقفت ووقف عليها العديد من المشجعين شهوداً…. هذا حال المشجع الرياضي العادي، فماذا عن حال الصحافة الرياضية؟ بطبيعة الحال فإن عمل الصحافة سواء أن كانت رياضية أو سياسية أوفنية…. إلخ، يحتم عليها في المقام الأول وقبل إيراد الأخبار، أن تقوم بإرسال رسالة تثقيفية للمتلقي، ويشمل ذلك أيضاً التوعية بكافة أنواعها، ثم الكتابة بموضوعية بعيداً عن نشر المفاهيم الخاطئة، لأن دورها بخلاف وقوفها رقيباً علي العلل ومواضع الخلل، ينبغي أن يشتمل علي النشر الهادف والتوعية بحتمية السلوك القويم…..لكن المؤسف أن العديد من الأقلام الرياضية، إنحصرت كتابتها فقط في إطار تعصبها الأعمي لفريقها، وبذلك أصبح الصحفي الرياضي في مرتبة واحدة مع المشجع المنوط بالصحافة الرياضية توعيته، وبطبيعة الحال فنحن لانملك أن نطلب من أي كان من أولئك الصحفيين أن يدوسوا علي إنتماءآتهم، لكن الكتابة الموضوعية لاتتعارض بأي حال مع التناول المهني للأخبار الرياضية، فمن غير المعقول أن تتحول الأعمدة الرياضية إلي ساحة للتقليل من شأن الفريق المنافس، وتبلغ الحسرة مداها عندما يتمني بعض الصحفيين الرياضيين هزيمة الفريق الذي يشارك باسم الوطن !!! فلو أن هؤلاء الصحفيين إلزموا تعصبهم لفريقهم جانب المهاترات البريئة بين الفريقين علي النطاق المحلي لكان ذلك مقبولاً، لكن أن يتعدي الأمر لنشر أخبار الفريق المنافس خدمةً لفريق أجنبي، فإن ذلك يندرج تحت بند عدم الوطنية والتي مع الأسف غاب ذكرها عن ملاعبنا السودانية لفترات طويلة.
والشاهد أن هذا السلوك البغيض وإنتشاره كما النار في الهشيم، كان للصحافة الرياضية الأثر الكبير فيه، حيث إنصرفت الصحافة الرياضية عن أداء دورها المنوط بها في ربط نسيج المجتمع الرياضي ونشر أواصر المحبة فيما بينه، بل تحولت إلي صحافة مشجعين أكثر منها صحافة مهنية ، وبذلك ورثنا عبئاً جديداً يضاف إلي كاهل رياضتنا المثقلة بالأعباء سلفاً، حتي أصبح التنافس بين الأندية الرياضية ومشجعيها أشبه بالحرب الضروس بين عدوين، والتي تستخدم فيها كافة الأساليب المشروعة وغير المشروعة !!! ومن الآثار المباشرة لهذا التعصب أيضاً، والتي ربما لايلقي الكثير من الناس إنتباهاً لها، هو عزوف الكثير من المشجعين بمختلف أعمارهم عن تشجيع الأندية السودانية وإتجاههم إلي تشجيع الأندية الأجنبية، والمضحك أنهم إتجهوا لإنشاء روابط ومجموعات علي شبكة الإنترنت لتشجيع هذه الأندية ( الريال، برشلونة، البايرن، شيلسي، مانشيستر يونايتد ….إلخ مثالاً حياً لذلك)، وقرأنا وشاهدنا العديد من المهاترات اللفظية وغير اللفظية التي تنشب بينهم حتي أننا في بعض الأحيان نكاد نظن أن أولئك المشجعين يحملون جنسيات دول تلك الفرق !!!، فهل يعقل أن يتعصب أولئك المشجعين لتلك الفرق أكثر من رعايا دولها؟… فما السبب في ذلك؟…….
علي كل فإننا مطالبون بالبحث عن مشاكل التعصب في الملاعب الرياضية وإجتثاث أسباب وجودها، وفي هذا الجانب فإن الصحافة الرياضية المهنية والراشدة يقع علي عاتقها العبئ الأكبر، حيث أننا نؤمن تماماً بأنه وفي مقابل فئة الصحفيين الرياضيين المتعصبين، توجد فئة مازالت المهنية عنواناً لها وخطاً ثابتاً تسير عليه، ونحن نحييها علي إلتزامها بذلك الخط، ونؤمل عليها كثيراً في بث ثقافة التشجيع ونشر قيم المجتمع الفضيل بين فئات المشجعين بمختلف ميولهم.
ودمتم
يجب اعادة النظر في مؤهلات وقدرات واخلاقيات من يسمح لهم بالكتابة في الصحف الرياضية وان يلجم كل من بخرج عن الجادة. لا بد للكاتب من مشروع و رؤية وفكر و هدف وقدرة للوصول لذلك الهدف . لا للتهريج ، لا للسخرية ، لا لغياب الوعي والصمير والخلق السوي.ارحمونا يرحمكم الله الرياصة هي متنفسنا الوحبد لا تحبلوها مسخرة . عليكم بالمفبد البناء..
الانحدار الأخلاقي والثقافي والرياضي وحتي المجتمعي ظاهره طبيعيه للأوضاع السياسيه والاقتصاديه في السودان – وليس هنالك مجال للإصلاح حتي يأتي جيل جديد تحت ظروف افضل وينشاء بطريقه سليمه