جولة على المنازل الفاخرة التي تم تشييدها جنوب وشرق المدينة الرياضية معظم قاطنيها من رموز وقيادات نظام( المخلوع)
“””””””
عندما أصدرت قيادة الحزب المخلوع قرارا في ديسمبر من العام 1992 بإنشاء مدينة السودان الرياضية هلل الجميع وكبروا واستبشروا خيرا وما كانوا يدرون أن “الثعالب الحرامية” يلعبون بعقولهم ويخططون للسرقة تحت مسمى تطوير البنية التحتية للرياضة، ليكتشفوا بعد مرور ما يقارب ثلاثين عاما أكبر عملية فساد إداري ومالي في تاريخ السودان وأكبر عملية سطو تمت على أراضي الدولة في عهد النظام البائد، استمرت هذه الحالة في النهب والضحك على عقول الرياضيين طويلا، فكان كلما أتى وزير جديد للرياضة يعِدُ بفتح الملف الملغوم وسرعان ما يغلقه حتى يحافظ على منصبه الصوري، تم التعدي في وضح النهار على المدينة الرياضية التي تقلصت مساحتها بسبب النهب من “1. 488. 144” ألف متر مربع لتصبح بعد التغول “406. 000″م2 وتمت هذه السرقة على مراحل، حيث ذهبت أراضي المدينة الرياضية لنافذين وجزء منها لجهات مجهولة، وكشف التقرير الخطير الذي كان مركونا في ديوان المراجع القومي طيلة السنوات الماضية، حيث تحصلت (التيار) على نسخة منه وهو يؤكد بالدليل القاطع أن كل أراضي المدينة الرياضية المسروقة مسجلة باسم حكومة السودان حتى الآن، “الصحيفة” تفتح هذا الملف الخطير عبر حلقات متتالية لتملك الشعب الحقائق كاملة في أكبر عملية فساد شهدتها البلاد منذ الاستقلال.
“””””””
# التنفيذ الفعلي للمدنية الرياضية
لتنفيذ مدينة السودان الرياضية وقعت وزارة الشباب والرياضة عقداً مع شركة دانفوديو على عدة مراحل تحت إشراف الدار الاستشارية جامعة الخرطوم ودار كونسولت.
# المرحلة الأولى
وقع العقد بتاريخ شهر إكتوبر 1997 لتشييد مقصورة الاستاد الاولمبي بالمدينة الرياضية111.827.791 دينار وبدأ العمل بموجب خطاب موافقة من الاستشاري بتاريخ 25/3/1997، وبعد الانتهاء من العمل في هذه المرحلة اتضح أن التكلفة الفعلية لهذه المرحلة بلغت17.876.143دينار، علماً بأن التكلفة النهائية تحسب في وجود الاستشاري وموافقة على سداد الصرفية لا تشهد مرحلة المراجعة بصحة الأرقام لاختلافها في المصادر الثلاث المذكورة أعلاه.
# المرحلة الثانية
وقع العقد بتاريخ 17/10/ 2003 بمبلغ 478.113.600 دينار وبعد الانتهاء من هذه المرحلة اتضح أن التكلفة الحقيقة بلغت (354.700.365) دينارا بفائض عن العقد قدره123.413.235 دينارا لصالح المالك، علماً بأن التكلفة النهائية تحسب في وجود الاستشاري، وتم سداد جزء من المبلغ بسندات حكومية قيمتها (201.000.000) دينار سدد الباقي بواسطة وزارة الشباب والرياضة أي مبلغ (116.319.40) دينار وقد صدق الاستشاري بالصرف.
# المرحلة الثالثة
وقع العقد بتاريخ 20/9/2004 بمبلغ (734.106.600) دينار ثم أضيفت تكلفة حوض التخرين لهذه المرحلة، وبلغت التكلفة النهائية التي تحسب بموافقة الاستشاري مبلع (742.517.000) دينار أي بزيادة عن العقد بلغت (8.410.400) دينار لتغطية دخول حوض التخرين.
جملة الدفوعات لهذه المرحلة
– (424.000.000) دينار وزارة الشباب والرياضة
– (100.000.000) دينار قيمة جازولين بخطاب من وكيل وزارة المالية
– (210.000.000) دينار تسوية من وزارة المالية
ووفقا لتقرير المراجع القومي الاتحادية مع شركة دانفوديو القابضة لصالح دانفوديو الخيرية (المقاول وجميع الدفيعات واليون التي تمت أو الديون المستحقة للمالك تمت مراجعتها واعتمادها من المهندس والمشرف والدار الاستشارية وتم الصرف لهذه المرحلة من المقال حتى 22/5/2006
# مرحلة الحوض الاولمبي
تم توقيع عقد الحوض الاولمبي بمبلغ (240.363.900) دينار وعند حساب التكلفة النهائية لهذه المرحلة في وجود الاستشاري بلغت (263.672.000) دينار وقد تم سداد قيمة هذه المرحلة كالآتي:
البيان السداد/دينار النيجة/ جنيه
إجمالي المرحلة 2.636.720
مقدم 33.036.390
دفعيات للمقاول بالموقع 45.500.000
وزارة الشباب والرياضة 58.528.677
الجملة 137.065.067 1.370.650
دين مستحق للمقاول (المتبقي من التكلفة) 1.266.070
# المرحلة الرابعة:
تم توقيع العقد بتاريخ 17/1/2006 بتكلفة أولية بلغت (4.198.371) دينار على أن تدفع وزارة المالية 25% عند بداية التنفيذ والمتبقي يدفع بأقساط شهرية وعدل هذا الاتفاق باتفاق آخر وهو أن يكون السداد بالأجل لمدة ثلاث سنوات بواقع 8% سنويا كتكلفة تمويل اي بتكلفة تمويل نهائية 3*8=24% تضاف إلى مبلغ العقد.
بلغت التكلفة النهائية للمرحلة الرابعة وجزء من المرحلة الرابطة تحت التنفيذ بتصديق الاستشاري بالصرفية للمقاول بتاريخ 25/1/2010 مبلغ (411.246.416) دينار، سددت وزارة المالية مبلغ (410.000.000) دينار بسندات حكومية ليصبح المقاول دائن بمبلغ (1.246.41.68) دينار إضافة إلى دين المرحلة الثالثة ليصبح جملة الدين المستحق للمقاول حتى نهاية المرحلة الرابعة (1.390.711.68) جنيه ولا تشهد المراجعة المراجعة بصحة هذه المبالغ لاختلافها في المصادر.
# مرحلة حوض السباحة
تم إنجاز حوض السباحة بمبلغ (258.000) جنيه إضافة لأعمال المرحلة الرابعة، وهنا تقدم المقاول بمطالبة مبلغ (666.033) جنيه وبهذا يكون المقاول دائن بمبلغ (924.033) جنيه يصبح اجمالي الدين (2.314096.19) جنيه ولا تشهد المراجعة بصحة الدين لاختلاف الأرقام والقيم بين المصادر الثلاث.
# توصيات المراجعة
هنا أوصت لجنة من ديوان المراجع القومي بالبحث مع الجهات ذات الصلة لمعرفة مصير المساحة المخصصة باسم المجلس القومي للرياضة الجماهيرية البالغة مساحتها (110.000) متر مربع مخصصة من القطعة 235 مربع 34 حيث لم تجد المراجعة أي معلومات بشانها وإلزام ولاية الخرطوم بإرجاع المساحات التي تعدت عليها وجبر الضرر لمتضررين من قرارات الولاية بمساحة (525.300 متر مربع) وإلزام سجلات الأراضي بعدم تسجيل اي قطعة لأي مستفيد إلا بإجراءات من المالك (وزارة الشباب والرياضة)
ووفقا للتقرير وبمراجعة القطع التي لم تشيد داخل الميدنة الرياضية ونزعها وتحويلها إلى وزارة الشباب والرياضة (المالك) تنفيذا لقرار رئاسي رقم (45) لسنة 1991 وقررا المجلس الوطني رقم (5) بتاريخ 25/10/2011
كما أوصى الديوان بمراجعة أداء الطريقة التي اتبعت لنزع وبيع قطع تجارية حسب القوانين واللوائح المعمول بها.
التعديات وإعادة المساحات شملت
مساحة(11359) متر مربع على القطعة رقم( 339)، مساحة (17040) متر مربع على القطعة (394) المستفيد استثمارات أرض المعسكرات بسوبا، مساحة قطعتين استثماريتين بإجمالي (4589) متر مربع، مساحة (4000) متر مربع من القطعة رقم (379) مربع (26) الأزهري (مبرة الشيخ عبدالرؤوف التكينة) ومساحة (4800) متر مربع من القطعتين (332 و320) وهي عبارة عن ورش لصيانة العربات.
* عند عبورك بالجسر الطائر عند تقاطع شارع إفريقيا بالسوق المركزي الخرطوم لن تجد صعوبة في أن تلاحظ عمال المباني وهم يسابقون الزمن لإنهاء عمليات “التشطيب” للاستاد الأولمبي بعد استقطاعات المدينة الرياضية وتبديد الحلم.
هنا أصبحت المدينة الرياضية محل تندُّر وسخرية مخلوطة بأسى لقطاعات واسعة من السودانيين، وصاروا يعلقون على وضعها كلما مروا عبرها سواء خلال انتظارهم للمواصلات العامة أو عبورهم بالسيارات، ذلك أنها ظلت شاهدة ومجسدة لصورة فساد حكومة الإنقاذ الوطني التي جاءت للحكم عبر انقلاب عسكري في العام 1989 حتى أن أحدهم اعتبرها بأنها ” أيقونة فساد الإنقاذ”.
ولا تقتصر مظاهر الفساد على طول الفترة الزمنية التي استغرقها بناء المدينة، ولا كثرة التعديلات التي أُدخِلت على التصاميم، وإنما أيضا على المساحة التي بنيت فيها والتي تقل لنحو 73% من مساحتها الأصلية التي تم التصديق لها في العام 1994.
# منازل فاخرة سلبت من المشروع
وخلال جولة لها على المنازل الفاخرة التي تم تشييدها جنوب وشرق المدينة الرياضية، لاحظت (التيار) أن معظم قاطني هذه المنازل هم من قيادات الدولة المعروفين وقيادات الأجهزة النظامية ولقد تم تشييد المنازل بمواصفات فخمة وحرص كثيرا منهم على الاستعانة بوحدات أمنية لحراستها.
وظل رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة في حكومة الإنقاذ يوسف عبدالفتاح يرفض خلال لقاءات صحفية مختلفة الاتهامات الموجهة إليه ببيع القطع السكنية والاستفادة من عوائدها، إلا أنه عاد وأكد في حوار صحافي أجري معه قبيل سنوات أن جهات نافذة في الدولة هي التي طالبته بالتصرف في الأراضي وبيعها لأفراد من جهات تتبع لمؤسسات تتبع للحركة الإسلامية وواجهات للإسلاميين.
وقال عبدالفتاح أن المدينة الرياضية تم تسجيلها في عهد الوزير “إبراهيم نايل إيدام”، وزاد:”أنا بدأت فيها المنصة الرئيسية لتثبيت المشروع، وفي عهدنا أنشئ مضمار ألعاب القوى، وتوفرت له ميزانية من الـ(فيفا) بواسطة “حسن عجباني”. وقد شهد وزير الرياضة الأسبق “حسن رزق”، في اجتماع في البرلمان، بأنني لم أبع أو أمنح أية أرض خاصة بالمدينة الرياضية.. فقط حالة واحدة، حيث إني تلقيت توجيهاً بخطاب رسمي من الأخ “علي عثمان”،
وهو كان وزير التخطيط الاجتماعي، وأنا وزير دولة مسؤول عن الرياضة، بأن أمنح (20) فداناً من أراضي المدينة الرياضية لجامعة أفريقيا العالمية، لتشييد مطبعة مصحف أفريقيا، وأن يتم تسليمها لهم عبر إدارة الأراضي. وأنا– فقط- نفذت التعليمات. بخلاف هذه لم أسلم أية جهة أو شخصاً متراً من أراضي المدينة وتشير (التيار)عندما بدات شركة دان فوديو – التي تعتبر من إحدى استثمارات الإسلاميين في السودان – عملها في بناء المدينة الرياضية كأول شركة تبدأ تنفيذ المشروع على الأرض، كان المخطط له عبارة عن مدينة رياضية تشمل كل الألعاب الرياضية وفنادق وأسواق ومجمعات سياحية. لكن وفي هذا الصدد، يقول أحد كبار المهندسين الذين كانوا يعملون في المشروع أن الشركة تركت المشروع بعد أن تراكمت الديون عليها وأن العمل فيها أصبح مستحيلا بعدها.
وأوضح يقول” كنّا قد اتفقنا على تسليم المشروع كاملا خلال ثلاث سنوات في حال توفير الميزانية المطلوبة، ووجدنا وعودا قوية وواضحة بأن هنالك ميزانية جاهزة.. وبدأنا العمل لكن وبعد مرور فترة قصيرة اكتشفنا أن الميزانية المرصودة ذهبت إلى اتجاهات أخرى ولم تصلنا واستلمنا أقل من 15% من المبلغ المحدد٠٠ وأعتقد أن هنالك جهات تدخلت واستفادت من الميزانية المرصودة وبعدها قررت الاستعانة بشركة أخرى”.
وتعاقب نحو 11 من وزراء للشباب والرياضة ومسؤولين آخرين على المدينة الرياضية ومن بينهم يوسف عبد الفتاح، حسن عثمان رزق و، عَبَد القادر محمد زين، حاج ماجد سوار، محمد يوسف عبد الله وحيدر جالكوما وعبد الكريم موسي. كما عمل مساعد الرئيس موسي محمد أحمد على هذا الملف قبل سنوات. وقال أحد مدراء مكتبه في حديث سابق( للتغيير الإلكترونية” أنهم فشلوا في بناء المدينة الرياضية بعد أن تراجعت دولة قطر عن وعودها السابقة ببناء كامل المدينة.
ويضيف” قطر قررت التراجع عن وعودها ببناء المدينة الرياضية بشكل كامل بعد أن رأت أن هنالك مظاهر فساد متعلقة بها مثل الأراضي وتغيير الخرط والتصاميم لأكثر من مرة.. إضافة إلى تدخل جهات أخرى في المشروع ومطالبتها بالحصول على عمولة من المنحة المقدرة.
وليس من الواضح حجم الأموال التي تم ضخها في هذا المشروع، لكن المؤكد هو أنها تبلغ مليارات الجنيهات تم اقتطاعها من خزينة الدولة التي يتم ملؤها من أموال السودانيين عبر الضرائب والجمارك والجبايات وغيرها من الرسوم الحكومية.