صابِنَّها
محمد عبد الماجد
الهلال راقد ليه فوق رأي!!
في الطرفة السودانية، يُحكى عن أنّ أحدهم، فرضاً نسمِّيه (أبو جلة)، فَقَدَ معركته في اشتباكه مع آخر، وهُزم ووقع في الأرض، وبينما كان الذين يتابعون ذلك يتفرّقون من أمام حلبة الصراع، بعد أن أصابهم الإحباط، وتمكّنت منهم الحسرة على (وقوع) زولهم (أبو جلة) وهم ينظرون إليه في شفقةٍ، وازدراءٍ، صاح أحد أقارب (أبو جلة) في وجوه الذين تفرّقوا من حول صاحبهم، أن انتظروا، أن عودوا للتشجيع والمُساندة والثقة في زولكم، عشان (أبو جلة) الذي رقد، راقد ليه فوق رأي!!
وقتها كان أبو جلة يلفظ أنفاسه الأخيرة.
يا عالم هوي أبو جلة راقد ليه فوق رأي!!
أبو جلة عندو كلام تاني!!
اصبروا إنتو بس، ما في داعي نكشف كل أوراقنا!!
وذاك هو نفس ما يُقال الآن عن الجيش عندما فَقَدَ اليرموك، فقالوا إنّه انسحب من اليرموك حتى يجمع العدو حول الهدف فيضربهم ضربة لا قومة بعدها.
إذاً فهو (انسحابٌ تكتيكيٌّ) من النوع أبو كديس.
إنتو فاكرين أيه؟!
والكديس ما عندها علاقة بالموضوع ، ولا عندها فكرة عن (الانسحاب التكتيكي).
وهو نفس ما قيل عندما خرج الجيش من العيلفون، فقاولوا إنّ في ذلك الخروج (تكتيكاً عسكرياً) ذكياً من الجيش حتى يكون العدو مُتاحاً لطيران القوات المسلحة، وحتى يتم قصف محطة الوقود التي كان يسيطر عليها العدو بدون رحمة.
وحبل أولياء!!
جبل أولياء برضو، مالكم إنتو؟!
وفعلوا نفس الشئ عندما فَقَدنا مدني (فلذة كبد السودان)، فأكدوا أنّ ذلك الفقدان (فوق رأي)، أوعكم تقولوا غير كدا (عيب)، وأن (الاحتفال) الذي كان قبل ذلك، أيضاً كان (فوق رأي)، وهو (شَركٌ) قُصد به استدراج العدو إلى مدني.
والحاويات التي أُغلق بها كوبري حنتوب، ما وُضعت إلّا للتمويه.
أمّال أيه؟!
إنتو فاكرين شنو؟!
وفي ذلك الفقه (التكتيكي) الرهيب، دمّرنا كوبري شمبات فوق رأي، أو في (60)، وضربنا جسر خزان جبل أولياء برضو فوق رأي وإياكم، إياكم أن تقولوا غير ذلك، فهذا (تكتيك حربي) لا يفهمه إلا الخبراء العسكريون.
وبيت ندى القلعة!!
بيت ندى القلعة مالو؟ عليكم الله اتجاوزوا الحِتّة دي.
ما عاوز اتكلم في الحُتّة دي.
وما حدث هنا، حدث بنفس السيناريو في نيالا والجنينة وزالنجي، حتى إنّ البعض أصبح يعتبر (الانسحاب التكتيكي) انتصاراً كاسحاً للجيش.
وما أن تقع معركة، إلّا صاح قائدهم أن انسحبوا، انسحبوا يا أبطال، فإنّ النصر كُتب لكم في (الانسحاب).
أكبر دليل على أنّ الانسحاب كان خدعة وكان (خيانة)، أنّ القوات المسلحة أعلنت في بيان رسمي عن تحقيقها في انسحاب قواتها من مدني، مع تأكيدي أنّ الخيانة لا يمكن أن تحدث في القوات المسلحة، الخيانة تحدث في مكان آخر، من تعوّد أن يحمل روحه في كفه لا يخون.
وبعد كدا.
نحن لا نريد أن نبحث مُبرّراً لتعادل الهلال أمام النجم في دار السلام، وقبل ذلك خسارته من نفس الفريق في رادس، ونقول إنّ تلك التعثرات كانت فوق رأي.
وهي عثرات (تكتيكية) لاستدراج الترجي في رادس وبترو أتلتيكو في دار السلام.
علينا أن نتعامل مع الخسائر كما هي بشفافية وصدقٍ، وأن لا نفقد ثقتنا لا في الجيش ولا في الهلال، لأنّ كل النتائج يمكن تعويضها، ولأنّ المعارك والمباريات تقبل أيِّ نتيجة، والعبرة في النهاية بمن يضحك أخيراً لنضحك كثيراً في النهاية إن شاء الله.
والحرب خدعة وهي (فر وكر) وليس (فر وفر).
ومباريات كرة القدم (نصر وهزيمة) وليس (هزيمة وتعادل).
أدعم جيشك وأدعم هلالك، واعلم أنّ الخسارة لا تعني أن تتخلّى مَن الذي يمثلك والذي يكون أكثر ما يكون في حاجة للدعم والمساندة عندما يخسر، شريطة أن يتم التعامل مع الخسارة بشفافية ومسؤولية.
الخسارة هنا وهناك لا تعني النهاية، بل يجب أن تكون هي البداية للانتصار، ولن يكون ذلك إلّا عن طريق المحاسبة واللوم والنقد، وجلد الذات.
والحقيقة أنّ الجيش عندما يخسر لا يُبرِّر هو، ولا يخرج تصريحاً من أحد قياداته، ويتحدث عن الانسحاب التكتيكي مبرِّراً، وإنما يفعل ذلك خبراء عسكريون (من منازلهم)، خرجوا علينا في صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ليُجمِّلوا الخسارة ويؤكدوا عبقرية التكتيك الحربي الذي انتهجه الجيش في اليرموك أو نيالا أو العيلفون أو كوبري شمبات أو خزان جبل أولياء أو مدني.
الجيش السوداني يا هؤلاء سوف يبقى هو عنوان هذا البلد وهو شرفها وعزتها وكرامتها، هو منا في كل الأحوال، بكل ما فيه، خسر أو انتصر فلا تحاولوا أن تتدثروا وراء عواطفكم (الجياشة) لتخدموا (تكتيكات) تخصكم أنتم ولا تخص الجيش في شئ.
الجيش السوداني سوف يبقى الجيش، علاقتنا معه ودعمنا له لن يكون من خلال معركة خسرها، أو لم يخسرها، الجندي السوداني كان مُدجّجاً بالسلاح أو كان أعزل منه، ظلّ يُقدِّم التضحيات ويضرب أروع الأمثلة في الفداء، نختلف حول السياسات، ولكن لا نختلف حول الجيش.
ننتقد القرارات ونعترض عليها، ولكن لا شرفٌ أعظم من شرف الذي يقوم عمله على التضحية من أجل الوطن، مَن يُقدِّمون أرواحهم من أجل هذا التراب، وهذا الشعب لا مزايدة عليهم، وهم أفضل منّا جميعاً، فقد جادوا بالنفس، والجود بالنفس أقصى غاية الجود.
أتمنى أن لا يخلط البعض بين انتقاداتنا للسياسات، ولمن أشعلوا الحرب والجيش السوداني، لأنّ الجيش مكانه يبقى عالياً في الثريا.
الجيش السودان خسر، عندما أفرغه النظام البائد وعندما أنشأ توازياً له قوات الدعم السريع.
نعود إلى الكرة، ونقول إنّ النقطة السوداء التي يجب أن نُواجهها بشجاعة وقوة وحسم في خسارة وتعادل الهلال أمام النجم ذهاباً وإياباً، هي أنّ الهلال خسر أمام النجم التونسي (4) نقاط في ثلاث دقائق.
خسرنا التعادل في الدقيقة (88) برادس، وأتينا ووقعنا في نفس الأمر وخسرنا فوزنا في دار السلام أمام نفس الفريق في الدقيقة (90). وهذا خللٌ ظللنا نُكرِّره، ليس في هذا الموسم وحده، وإنّما في تاريخ الهلال كله.
الخسارة في مباريات كرة القدم أمرٌ عاديٌّ وتحدث لكل الأندية، مهما كانت قوتها وجاهزيتها وتحوطها، لكن ما يجعل الحيرة كبيرةً والخسارة مُرّةً، هو أنّ الهلال يفقد بسيناريوهات مُوجعة ومُؤلمة ومُكرّرة، نحن نعيد سيناريو الخسارة في كل موسمٍ، بل في كل خسارة.
في مباراة النجم الأخيرة مثلاً لو أنّ النجم هو الذي كان مُتقدِّماً والهلال هو الذي أدرك التعادل، كنا سوف نعتبر ذلك الأمر انتصاراً للهلال وعبقرية للمدرب وبسالة للاعبين، لكن لأنّ التعادل حدث من الخصم في الدقيقة (90) كان التعادل بمثابة الخسارة.
لا نُبرِّر، ولكن نقول دائماً يجب أن لا نهدم المعبد فوق رؤوسنا.
يجب أن يكون تعاملنا مع الخسارة بوعي وعقل، ليس في نطاق كرة القدم فقط، بل في أيِّ مجال وأيِّ نطاق.
يجب أن لا ننكسر، يجب أن لا نُحبط، هذا ما ظللت أنادي به بعد أيِّ خسارة.
القوة والهيبة استكشفها في المنهزم لا في المنتصر. عندما تخسر لا تفقد هيبتك، كن قوياً، المنتصر من الطبيعي أن يظهر قوياً.
بعد أيِّ هزيمة، هناك فلاسفة وعلماء ومنظراتية وخبراء ينزلون تقطيعاً في الخاسر!!
المهزوم يحتاج مِنّا إلى تعامل خاصٍ، لا تحاولوا أن تخفوا تقصيركم بالصِّراخ في المهزوم.
أيِّ هزيمة، نحن شركاءٌ فيها، لماذا دائماً نعفي أنفسنا ونُهاجم الآخر؟!
بعض الذين انتقدوا الجيش وهاجموه على انسحاباته، تركوا بيوتهم وانسحبوا من الخرطوم منذ الأسبوع الأول في الحرب.
انسحبوا من بيوتهم مع اول طلقة في الهواء وجنود القوات المسلحة ، اقول جنود القوات المسلحة تحديدا مازالوا في مقارهم العسكرية في القيادة العامة او سلاح الاشارة او سلاح المدرعات او المهندسين او وادي سيدنا او معسكر كرري يواجهون الموت والرصاص مع الحصار والضرب طوال 8 اشهر ، لا ينامون فيها وربما لا ياكلون.
نحن مع هؤلاء الجنود وان خسروا نعرف قيمتهم وندرك تضحياتهم من اجل الوطن.
نحن ليس مع الذين يرفعون شعار (بل بس) من الخارج وعلى مواقع التواصل الاجتماعي حيث (البل) من بعد. إنّ أغلب الذين انتقدوا انسحاب الجيش، انسحبوا خارج البلاد وأصبح بينهم وبين الحرب آلاف الأميال، مع ذلك ظلوا يُوقدون نيران الحرب بـ(بل بس) وهم تحت البطاطين يحملون (الريموت كنترول)، ويتابعون الحرب من الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي. يطالبون بالبل وهم لو تبلّلوا من أجل الوضوء في هذا الشتاء ارتجفت أبدانهم ورجفت قلوبهم.
نرجع للكرة.. ما تطلِّعوني من الموضوع، في مرحلة المجموعات في هذا الموسم، كل الأندية الكبيرة خسرت على ملعبها.
خسر الوداد في المغرب أمام فريق بتسواني مغمور.
وخسر النجم في تونس أمام بترو أتلتيكو.
وتعادل الترجي على ملعبه أمام بترو أتلتيكو.
وبترو أتلتيكو جاء وتعادل على ملعبه أمام الترجي.
عادي بتحصل.
صن داونز تعادل في جنوب أفريقيا أمام بيراميدز الذي يُشارك لأوّل مرّة، ليس في مرحلة المجموعات فقط، وإنما في بطولة الأندية الأفريقية للأبطال.
وبيراميدز خسر على ملعبه امام صن داونز.
الأهلي المصري تعادل في القاهرة أمام شباب بلوزداد.
هذه هي الأندية الأكبر في القارة، واللقب بعد هذه الخسائر سوف يكون لواحد منهم.
إذا كانت هذه الأندية وهي أكثر جاهزيةً وتلعب في عدد من المنافسات والبطولات، قد تعثّرت على ملاعبها وفي حضرة جماهيرها، كيف نستغرب من تعادل الهلال والنجم التونسي في وجود تحكيم نقض هدفين للهلال؟!
لا أريد أن أجزم بصحة هدف من الهدفين المنقوضين، لكن هذان الهدفان لو سجّلهما أيِّ فريق آخر غير الهلال لاحتسبهما الحكم، بل إنّ الهلال نفسه لو كان يلعب في أم درمان وفي حضرة جماهيره، لما وجد الحكم جرأةً في إلغائهما!!
أنا لا أعرف هل أنتم تعرفون ذلك أم أنّكم تغفلونه؟!
ركِّزوا معاي، خلوا (الواتساب).
في ملعب بنجامين مكابا الوطني بدار السلام، الملعب الذي يلعب فيه الهلال مبارياته وهو الملعب الأصلي والرسمي لسيمبا ويانغ افريكانز، وهما يلعبان عليه في حضور حوالي (50) ألف مشجع، تعادل سيمبا عليه أمام أسيك العاجي، وتعادل يانغ افريكانز عليه أمام الأهلي المصري.
عادي حدث ذلك.
إذا كان أصحاب الملعب تعادلوا فيه، كيف نرفض ونستهجن تعادل الهلال الذي يلعب عليه مُجبراً وبعيداً عن الديار والأهل؟!
أهل البيت اتعادلوا!! الغرابة وين في أن يحدث ذلك مع الهلال؟!
في برد؟ واللّا أنا براي؟!
الجميل في الهلال أن تعادل الأندية الكبيرة مع الهلال أصبحت تعتبره إنجازاً لها، ونحن أصبحنا نعتبر ذلك خسارةً، حتى والهلال يلعب خارج أرضه وبدون جماهيره.
كذلك لا تسقطوا أن الهلال لعب من يوليو الماضي فقط (4) مباريات رسمية، بينما لعب غيره مباريات تتراوح ما بين (15) مباراة كمتوسط أدنى، وبعضهم لعب (25) مباراة في بطولة السوبر الأفريقي وبطولة كأس العالم، إضافةً إلى بطولة دوري أبطال أفريقيا والدوريات المحلية. الأهلي بكل هذه الحصيلة تعادل على ملعبه أمام شباب بلوزداد.
الهلال في (5) أشهر لعب (4) مباريات رسمية، يعني كل (40) يوماً مباراة.
المباريات الودية مهما كانت قوتها فلن تعطيك ما تعطيه لك المباريات الرسمية.
لاحظ أنّ الهلال يلعب تلك المباراة بقوام فيه (33) لاعباً، وليس بـ(11) لاعباً فقط.
غياب إرنق كان مُؤثِّراً، إلى جانب غياب الدوريات والمنافسات المحلية.
مع ذلك ننشد الأفضل، وندرك أن تأهُّل الهلال وتقدُّمه سوف يكون من خلال الدعم والمُساندة وليس الهجوم والانتقاد!!
يمكن أن تنتقد بدون أن تهدم، افعلوا ذلك بحب.
الهلال مازال في الملعب وفرصته في التأهُّل في يده، ندرك أنّ المهمة قد تصعّبت، لكن الهلال يملك مُقوّمات وإمكانيات التأهُّل.
طالما هناك عملٌ واجتهادٌ، يبقى لا خَوْفَ، لأنّ النجاح يُدرك بالاجتهاد، وهذا هو الذي نشعر به في الهلال.
كل الدعم للهلال.
كل الدعم للجيش.
من أجل وطن واحد، وطن قوي، وطن حُر، نتشرّف به حتى عندما يخسر.
….
متاريس
وأنا أكتب في هذا العمود صباحاً، سمعت لاعب الأهلي المصري رامي ربيعة يقول في قناة (أم بي سي) مصر، إنّ أصعب مباراة له كانت مباراة الأهلي الأخيرة أمام الهلال في القاهرة.
رامي ربيعة قال بالحرف إنَّه كان (مرعوباً) في المباراة، حتى إنّ المذيع حاول أن يلكزه حتى يُخفِّف الكلمة ويصلحها شوية.
يا جماعة الهلال دا فريق عظيم، تحدّثوا بأدبٍ عنه.
ربيعة كان (مرعوب) من الهلال في حضور 55 الف مشجع مصري.
الكواريك عمرها ما بتبني.
التنطير أسهل حاجة.
عينك في الفيل ما تطعن في (الجدادة).
الهلال أمامه (6) نقاط، مباراة أمام بترو أتلتيكو في دار السلام، ومباراة أمام الترجي في رادس.
(6) والسفر.
(6) والتأهُّل.
النقاط الست صعبة ولكن ما مُستحيلة.
بالمُناسبة نحن الحاجة بنجري وراها لمن تبقى مُستحيلة.
طبعنا كدا!!
مرات الحاجات الصعبة عندنا أسهل من الحاجات الساهلة.
بنجيب البعيد.. القريب لا.
والله المستعان.
….
ترس أخير: الأيّام غصباً عنّها تجي يوم وتبتسم لينا.
كاتب للاسف يكذب وكرهه للاهلي المصري يجعله يكتب اي شيء عن الاهلي حتي يزيد المتابعين ،،، رامي ربيعة يقول كان مرعوب من الهلال ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ من المؤكد انك يا صاحب الموقع يا زوج أبنته ، حياتك كلها مرتبطة بعقدة الأهلي المصري ان شاء الله دوام النجاح والتوفيق للاهلي المصري وللمريخ السوداني.
يا ابو العراب ما في زول عندو زمن
لقراءة هذا العرضحال.. خير الكلام
ما قل ودل.. وكونوا في صفركم
إلى أن يرث الله الارض..وامسكوا
ذيل المجموعه قوي..
لا فُضَّ فوك يا ود عبد الماجد.. كتبت فأجدتَ وأبدعتَ.
لك التحية والتقدير.