صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

بين العود..والعود..

162

مذاق الحروف

عماد الدين عمر الحسن

بين العود..والعود..

والعود الاول هو عود الاستاذ محمد وردي رحمه الله وقد تمت سرقته من منزله بالمعموره فصادف اللص وهو يحمله احد.معجبي الاستاذ وعرض عليه ان يشتريه منه فباعه اياه بثمن بخس دراهم معدودة لما كان لايعرف لهذا العود قيمته الفنية ولا المعنوية ولا رمزية ان يمتلك عود وردي .
كان العود بالنسبة للبائع قطعة من الخشب فباعه علي هذا الاساس .اما بالنسبة للمشتري فهو قطعة من التاريخ فاشتري علي هذا الاساس .
الذي اشتري العود نشر صورته علي صفحته بمواقع التواصل فتعرف عليه ابن الراحل وردي ، وضج الناس بالمواقع في كيفية التفريط في إرث فني بهذه القيمة .
أما العود الثاني فهو عود محدثكم كاتب هذه الكلمات ، وقطعا لاعلاقة ولا مقارنة بينه وبين العود الاول فوجه الشبه الوحيد بينهما هو المصير المشترك الذي لاقاه ( العودين ) ، حيث تمت سرقة عودي الخاص والذي يعرف كل اسراري وكم انفردنا انا وهو اضرب علي عصبه فيريح عصبي ويسلي وحدتي ، كم غنينا معا وكم مازحنا ليالي الصيف وكم دارينا الحزن الاكبر ، وقد كان يحتل مكانا مميزا في نفسي ، وزمنا لاباس به من اوقات فراغي .
في الغالب ان من سرق عودي ايضا سيبيعه علي انه قطعة من الخشب وهو لايعرف انه قطعة مني ، لا يعرف انني حزنت علي سرقته اكثر من حزني علي سرقة سيارتي وبعض الممتلكات الاخري التي هي اغلي ثمنا منه ، لكن قيمة الاشياء ليست دائما بثمنها .
هذه الحرب القاسية تسلبنا اعز ما نملك ، خارج نطاق الماديات – فنحن نخسر تالفنا وترابطنا ، نخسر حياتنا الاجتماعية وشكلها الذي تعودنا عليه ، نخسر هواياتنا وهوياتنا نخسر الامان والحب وكل مظاهر الحياة .
قرأت قصة سرقة عود وردي فهيجت عندي شجون سرقة عودي ، وفكرت في ان انشر صورته ، ولكن.من سيتعرف علي عودي المسكين وقد كانت العلاقة بيننا شديدة الخصوصية . انا..والعود.والليل .وياليت عودي يعود .

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد