هلال وظلال
عبد المنعم هلال
تأثير استجلاب الحراس الأجانب على تدني مستوى حراس المنتخب السوداني
ـ تعتمد كرة القدم بشكل كبير على مستوى حارس المرمى حيث أن هذا المركز يعتبر العمود الفقري للدفاع وأحد أهم عناصر النجاح لأي فريق.
ـ شهدت الساحة الرياضية ظاهرة استجلاب الحراس الأجانب لأندية القمة مما أثّر بشكل مباشر على مستوى الحراس الوطنيين.
ـ تتجلى هذه المشكلة في ضعف أداء حراس المنتخب السوداني خاصة في المواجهات الدولية الأخيرة مثل أداء الحارس أبو عشرين في لقاء أنغولا.
ـ لجوء أندية القمة مثل الهلال والمريخ إلى التعاقد مع حراس مرمى أجانب وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد يعزز من قوة الفريق على المدى القصير إلا أنه ألقى بظلاله على مستقبل ومستوى حراس المرمى الوطنيين حيث قلص من فرصهم في اللعب والتطور ضمن أنديتهم المحلية.
ـ حتى الحارس محمد المصطفى الحارس الأساسي للمنتخب السوداني لا يلعب في الدوري السوداني بل ينشط في الدوري التنزاني وهذا مثال واضح على التحديات التي يواجهها الحراس المحليون.
ـ بدلاً من الاعتماد على الحراس الوطنيين وتطوير قدراتهم تم استجلاب حراس أجانب مما حرم اللاعبين المحليين من الفرص الكافية لاكتساب الخبرة والتألق.
ـ في وقت سابق أدرك الدكتور كمال شداد الرئيس السابق للاتحاد السوداني لكرة القدم خطورة هذه الظاهرة وأصدر قراراً بمنع تسجيل الحراس الأجانب في الدوري السوداني كان هذا القرار يهدف إلى الحفاظ على مستوى الحراس الوطنيين وتطوير قدراتهم إلا أنه قوبل بمعارضة قوية من رؤساء أندية القمة وعارضه كل من صلاح إدريس رئيس نادي الهلال آنذاك وعديله جمال الوالي رئيس نادي المريخ وأسقط القرار، على الرغم من ذلك يتضح الآن أن هذا القرار كان في مصلحة الكرة السودانية إذ أن عدم تنفيذه كان له تأثير واضح على مستوى حراس المنتخب الوطني.
ـ خانة حارس المرمى هي واحدة من أهم المراكز في الملعب فالحارس القوي والمتميز يمنح الفريق ثقة كبيرة لا سيما لخط الدفاع ويعتبر حارس المرمى المتميز نصف قوة الفريق فوجوده يجعل الفريق أكثر تماسكاً وقدرة على مواجهة التحديات ومع تراجع مستوى الحراس المحليين نتيجة قلة الفرص باتت المنتخبات السودانية تعاني على المستوى الدولي.
ـ عبر التاريخ نجد أن العديد من المنتخبات والفرق الكبيرة حققت البطولات بفضل تميز حراس المرمى حراس مثل أوليفر كان للألمان وبيتر شمايكل للدنمارك وإيكر كاسياس لإسبانيا كانوا عناصر أساسية في قيادة منتخباتهم لمنصات التتويج وهذا يوضح أهمية الحارس في تحقيق البطولات وهو أمر يفتقده المنتخب السوداني اليوم بسبب ضعف مستوى الحراس المحليين.
ـ على ذكر حراس المرمى لا ننسي أسطورة الأساطير سبت دودو أحد أبرز حراس المرمى في تاريخ كرة القدم السودانية ويعد رمزاً رياضياً لامعاً في فترة الستينيات والسبعينيات واشتهر بأدائه المتميز مع المنتخب السوداني ونادي الهلال تميز سبت دودو بردود فعله السريعة وشجاعته الكبيرة في المرمى وقدرته على التصدي للكرات الصعبة مما جعله واحداً من أفضل الحراس في تاريخ السودان ولقب بالكثير من الألقاب بعد تالقه في حراسة المرمى فلقب ب”الصقر الأسود” و”الجنرال” وأسمته الصحافة السورية “صقر قريش”.
ـ لا يمكن الحديث عن حراسة المرمى في السودان دون ذكر الأسطورة حامد بريمة الذي يعتبر واحداً من أعظم حراس المرمى في تاريخ السودان والقارة الأفريقية حامد بريمة قاد المريخ والمنتخب الوطني لتحقيق العديد من الإنجازات بفضل تألقه ومهاراته الاستثنائية، كان بريمة رمزاً للحراسة السودانية وشكل مصدر فخر للأجيال الصاعدة وإلى جانبه يبرز أكرم الهادي سليم الذي كان حارس مرمى المنتخب الوطني لفترة طويلة وحتى وقت قريب ظل أكرم يلعب دوراً رئيسياً في حماية شباك السودان في العديد من البطولات الإفريقية والعربية، تميز أكرم بثباته وقدرته على التصدي للعديد من الكرات الخطرة مما جعله من أبرز حراس السودان في العقدين الأخيرين.
ـ ولا يمكن نسيان حارسا الهلال والمنتخب الوطني أحمد عافية وأحمد النور. كان لهذين الحارسين بصمة واضحة في حماية شباك الهلال والمنتخب الوطني على مر السنوات بفضل تألقهما نجح الهلال في تحقيق العديد من البطولات المحلية والإقليمية وكانا يمثلان جداراً صلباً أمام الهجمات المنافسة إضافة إلى العديد من الحراس البارزين في الأندية المختلفة.
ـ على الرغم من الإرث العظيم الذي تركه حراس المرمى السودانيون مثل حامد بريمة وأكرم الهادي واحمد النور واحمد عافية وغيرهم إلا أن استجلاب الحراس الأجانب لأندية القمة قد قلل من الفرص المتاحة للحراس المحليين لتطوير أنفسهم واللعب بانتظام في المباريات الكبرى هذا الأمر انعكس سلباً على مستوى المنتخب الوطني حيث لم تعد الأندية المحلية توفر بيئة تدريبية مناسبة لإعداد حراس مرمى على مستوى عالٍ، كما أن الاعتماد على الحراس الأجانب قلص من المنافسة بين الحراس المحليين مما أدى إلى تدني مستوياتهم.
ـ حارس المرمى المتميز لا يقتصر دوره على التصدي للكرات فقط بل يمتد ليشمل بناء ثقة الفريق والدفاع، عندما يكون الحارس قوياً ومتميزاً يعزز ذلك من أداء خط الدفاع ويزيد من قوة الفريق ككل لقد كان حراس مثل حامد بريمة وأكرم الهادي رمزاً للصلابة والثبات وهي صفات باتت تفتقدها الكرة السودانية اليوم بسبب تراجع مستوى الحراس المحليين.
ـ يتضح أن استجلاب الحراس الأجانب لأندية القمة السودانية كان له تأثير سلبي كبير على تطور حراس المرمى الوطنيين ولعل القرار الذي أصدره الدكتور كمال شداد بمنع تسجيل الحراس الأجانب كان عين الصواب ولكن عدم تنفيذه أدى إلى تدني مستوى الحراس المحليين.
ـ الكرة السودانية بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في هذا الأمر وتوفير فرص أكبر للحراس الوطنيين لتطوير مهاراتهم مما سينعكس إيجاباً على أداء المنتخب السوداني في المنافسات الدولية.