(1)
غير حريص على استلاب اجمل رابط وعلاقة في الكون بتحديد تاريخ محدد وعيد للام بفكرة (مصرية) خالصة، اصبحنا جزءاً منها بارادتنا او غير ارادتنا – بل اصبحنا اكثر ارتباطاً بها من المصريين انفسهم.
العلاقة بين الام وجنينها علاقة عظيمة وخالدة – يجب ان يكون لنا فضل تخليدها او الاحتفال بها من منطلق سوداني خالص – خاصة ان علاقة السودانيين بامهاتهم علاقة لها خصوصيتها وطابعها المتفرد – لا تتناسب اطلاقاً مع الاستلاب (العاطفي) القادم لنا من شمال الوادي الذي يجعل الاحتفاء بها يدخل على طابع غريب عليها – اقله اننا اصبحنا نحتفل بالام باغنية الفنانة المصرية الراحلة فائزة احمد (ست الحبايب) في عيد الام الذي كان نفسه فكرة وتاريخاً من نسيج (فكرة) للصحفي المصري الراحل (مصطفى امين)، ونحن عندنا في هذا البحر اجمل الاغنيات (امي الله يسلمك) للتجاني حاج موسى و (بحر المودة) للسر عثمان الطيب ، الى جانب اغنيات اخريات في هذا المضمار المقدس.
بل اننا ذهبنا ابعد من ذلك وتنكرنا لاجمل مفرداتنا السودانية ( امي ويمة والحاجة) واصبحنا نتداول مفردات مصرية في هذا الجانب على غرار (ست الحبايب وست الكل).
تاريخ تضحيات الامهات في السودان – عظيم وجميل ، وجدير ان يحدد تاريخ من اجندته ذاتها للاحتفال بالام بدلاً من الاستجابة الى (بريد) مصطفى امين ليحدد لنا تاريخاً وعيداً لامهاتنا.
يمكن ان نختلف عن العالم العربي كله – ونحدد تاريخاً جديداً للاحتفال بالام له ارتباط بها– ويمكن ان نتحرر من القبضة المصرية ونتميز بان نجعل عيد الام (شهر) كامل في السنة او (اسبوع)، حتى نفلت من كمين (تمصير) المشاعر السودانية.
(2)
الامر الاخر الذي اريد الكتابة فيه او الذي جرنا للحديث عن تلك المناسبة هو تقديم جوائز لامهات تطلق عليهم شركة زين (امهات السودان المثاليات) – وفى هذا تجن وضمور كبير على الامهات ان نصف بعضهن بالمثاليات دون الاخريات– وكل الامهات (مثاليات)– بغض النظر عن منتوج ولادتهن وتربيتهن بعد ذلك.
كتبت عن هذا الامر من قبل وزين تحتفل الآن بدورتها التاسعة 2020 فيما يعرف بعيد الام، وقد سجلت اعتراضاً على تحديد وتصنيف الامهات لتكن بعضهن (مثاليات) وبعضهن لا.
ونسأل من بعد ذلك من يملك ذلك الحق لاقصاء امهات وتكريم امهات وشركة زين تحدد بعض الامهات لتمنحهن جائزة (الام المثالية) متبعة نهجاً (جغرافياً) في اختياراتها تلك الى جانب تقدير لجنة مختصة تتكون من مجموعة من الرائدات والكفاءات النسائية تختارهن شركة زين لاختيار الام المثالية.
من يملك الغوص في هذه المشاعر ليحدد ان كانت الام مثالية او غير مثالية– هذه امور وتفاصيل جلها لا يعلن عنها.
شخصياً لا ارى في العالم كله ام مثالية افضل من امي وهذا شعور كل الناس نحو امهاتهم، لذلك لا استطيع ان افرض (مثاليتها) على الغير – لذلك نقول ان اختيار (18) اماً ليفزن بجائزة الام المثالية فيه ظلم كبير على كل الامهات– وما أسوأ ان نختصر الامهات المثاليات في بعض اسماء وان كان هذا العدد تمثيل لكل الامهات المثاليات.
بعض الامهات رحلن من هذه الحياة بعد ان وضعن بصمتهن في الحياة ومضين دون ان يحظين حتى برؤية جنينهن.
زميلتنا الصحفية الراحلة عبير عبدالله وضعت مولدوها في مايو 2015م ثم رحلت من هذه الفانية وقد كانت تعلم قبل ذلك خطورة (الانجاب) على حياتها– لكنها اختارت ان تقدم للحياة وليدها (محمد) ثم تمضى الى حال سبيلها.
هذه مثالية– لا يمكن ان ترصدها (زين) او تشعر بها لجنة مختصة من الرائدات والكفاءات النسائية.
صديقي ممثل واعلامي كبير الآن حكي لى عن امه وقال ان امه كانت تتعمد ان تقدم لهم، هو واخوته وجبة العشاء في (الظلام)– حتى تدخل يدها في الصحن وتخرجها دون ان تكون قد اخذت منه شيئاً مفضلة بذلك (الايثار) اشباع اطفالها وهي جائعة. التكتم عن ذلك الفعل افضل من (الايثار) نفسه، فقد كانت تفعل هذا في (الظلام) حتى لا يحس ابناؤها بالحرج، فهي عندما تأتي بوجبة العشاء تطفئ الانوار.
مثل هذه التفاصيل– تبقى تفاصيل خاصة– عصية على اللجان ومترفعة على فلاشات الكاميرات ومنصات التتويج والتكريم.
لو حكيت لكم عن (امي) لوجدتم ان كل جوائز المثالية في العالم دون قامتها، لكن هذا شيء يخصني وحدي ولا تملك جهة ان تقدره افضل مني– لا توجد (مثالية) في الارض تمارس بهذا الجهر وتلك اللجان.
(3)
بغم /
حرروا (حلايب).
وتحرروا من الثقافة المصرية التي تدخلت حتى في علاقتنا بامهاتنا!!.