ليلة إحتفالات رأس السنة تحولت لكابوس مرعب
تقرير كورة سودانية- ابوعاقلة اماسا
* لم أتحسر على السيارات التي تحطمت زجاج نوافذها ليلة رأس السنة والدماء التي سالت، فالخسائر المادية دائماً معوضة والجروح الجسدية ستعالج وتبرأ، ولكن مبلغ حسرتي وإنفعالي كان وسيظل في العقلية التي يفكر بها أولئك الشباب والصبيان وأسرهم ومستقبلهم في هذه الدنيا، ومستوى التفكير والتعامل.. كيف يحيا هؤلاء حياة بهذه الهمجية التي أسفرت عن تلك المناظر البشعة التي رأيناها في الشارع العام والميادين في ليالي الكريسماس ورأس السنة؟.. بالقطع لن يجروء أحد على تسمية ما جرى بالإحتفال، لأنه لاعلاقة له بمظاهر الإحتفالات والأعياد والسعادة، وهي بالأحرى ليست إلا تفلتات تحتاج أقصى إجراءات الحسم والإدانة والعقاب.. من الجهات الأمنية والقانونية والمجتمع الذي غابت أدواره تماماً.
* في شمال أم درمان، محلية كرري، في الثورات، إبتداء من شوارعها الرئيسية من شارع النيل شرقاً، وشارع الوادي والنص والشنقيطي والإمتداد وشارع الصناعات الفاصل بين أمبدات والثورات ومن ثم كوبري الحلفايا، كل هذه الشوارع تتحول إلى مأساة كبرى ليلة رأس السنة وتتحول الإحتفالات إلى كابوس مرعب، وفوضى لا تكاد تمر سنة وإلا تعقبها الأفظع والأسوأ، وفي إمتداد شارع الشنقيطي في الأحياء التي بها كنائس تشهد إحتفالات الإخوة المسيحيين مثل الحارات (٤٠، ٤١،٤٨،٤٧،٦١،٥٤) تتضاعف الفوضى والإنفلات الأمني من بداية ديسمبر من كل عام، حيث تنتشر السرقات المنزلية وحالات السطو على المنازل والخطف في الشوارع والسلب والنهب، فتلك الحارات تنتشر فيها البطالة بشكل مزعج، وقد إعترف بعض الشباب بأنهم يلجأوا للسرقات حتى يستطيعوا الإحتفال بأعياد رأس السنة ومجاراة أقرانهم.. في حالات متكررة لم تتراجع قط في الثمان سنوات التي سكنت فيها بالثورات.
* في هذا العام شهدنا آلاف الصبيان ممن إحتفلوا في كنائس الحارات الشمالية، وانتشروا في الشوارع ليبثوا حالة من الهلع والرعب، ليس بالأزياء الخليعة التي رأيناهم يرتدونها ولا التصرفات غير المسؤولة وعدم احترام الشارع، وإنما حالات التعدي على المارة والخطف والسلب والنهب الذي شاهدناه عياناً بياناً في مناطق مثل المنطقة بين سوق صابرين وتقاطع شارع كوبري الحلفايا مروراً بالخدير.. في عصر وليلة الكريسماس وهي أحداث مكررة في كل سنة، ولا أعرف ماهو دور الكنيسة في توعية الشباب الذين يقصدونها للإحتفال بها أو في محيطها فهي مؤسسة دينية وروحية لها دورها في التقويم ، فما نشاهده هناك لا يقبله دين سماوي ولا أي معتقد بشري قويم… حتى عبدة الحجارة والأوثان والبقر يعتدون بالأخلاق وحسن التصرف ناهيك عن إنسان مؤمن يعبد الله.
* في بقية الأحياء.. تشهد الشوارع المذكورة أعلاها.. وقطعاً هي صورة طبق الأصل من بقية شوارع العاصمة الخرطوم، عندما تخرج بعض الأسر نساء وأطفال وبنين وبنات إلى الشوارع لإستقبال العام الجديد، وبغض النظر عن أصل التقليد وأهميته فقد أصبح يشكل خطراً على المواطنين وممتلكاتهم بصورة لا تقبل المجاملة، وبما أنها صورة مكررة كل سنة وبذات التفاصيل فالواضح بجلاء أن هنالك تقصير من السلطات الأمنية في بسط هيبة الدولة في تلك الساعة، وقد وضح ذلك في هذا العام من خلال الخسائر المضاعفة والعنف المتزايد عن السنوات السابقة.
* هنالك تقصير من وحدات الشرطة ولجنة أمن ولاية الخرطوم وعلى رأسها الوالي نفسه، ولا نعفي أحداً من المسؤولية عن ما حدثت من كوارث في إحتفالات هذا العام.. وبإمكان الجهات المسؤولة تقييم الوضع وتحديد إذا كان ذلك هو التقاعس أو غيره، ولكن المتفق عليه أن هنالك تفلتات متوقعة في ذلك اليوم وتقصير كبير من الجهات الأمنية في ردع المتفلتين..
* أما نحن في منطقة الإسكان، فقد تجاوزت السرقات الليلية كل المعقول والمحتمل، في أسوأ مناطق العالم.. والأسوأ من السرقات نفسها شعور المواطنين بعدم جدوى الإبلاغ للجهات الأمنية وأن اللجوء للشرطة مضيعة للوقت.. فالأحداث المكررة بشكل يومي خلقت نوعاً من عدم الثقة في جدية التعامل مع الظاهرة.. وربما كان البديل هو تكوين جماعات موازية من المواطنين لردع المعتدين.. وذلك يعني أننا سنشهد جرائم كبرى مستولدة من جرائم صغرى… أن يعذب السارق ويقتل خارج منظومة القانون مثلاً..!!
الجماعة الموازية انجع السبل لوقف هؤلاء المجرنين فهم لا يخشون السلطة لانهم يستطيعون الفرار وإن حضرت ولكن لا يستطيعون مقاومة من يتحدونهم