هلال وظلال
عبد المنعم هلال
تنقا .. تنقا .. تنقا .. أووو تنقا
– تلك الأهزوجة التي تردد صداها في مدرجات استاد الهلال كانت ولا تزال محفورة في ذاكرة جماهير الأزرق إنها ليست مجرد كلمات تهتف بها الجماهير بل هي تعبير عن الحب الكبير والاعتزاز بلاعب أسطوري أصبح رمزاً لأجيال من محبي كرة القدم السودانية.
– مع مرور الوقت أصبحت أهزوجة “تنقا، تنقا، تنقا أوو… تنقا” أكثر من مجرد صيحة جماهيرية لقد كانت تعبيراً عن مشاعر الحب والانتماء لهذا اللاعب الذي قدم الكثير للهلال.
– الهتاف باسمه كان يرفع من معنويات الفريق وكان يشعر تنقا بالمسؤولية الكبيرة تجاه الجماهير التي كانت تنتظر منه دائماً الأفضل في المقابل كان تنقا يلعب من أجلهم من أجل تلك الأصوات التي كانت تملأ المدرجات حباً ودعماً له .
– قصة لاعب الهلال الدولي السابق “تنقا” تعد واحدة من القصص المؤثرة التي أظهرت التأثير العميق للحرب في السودان على جميع فئات المجتمع بما في ذلك الرياضيين.
– تنقا الذي كان نجماً بارزاً في كرة القدم السودانية ولعب لفريق الهلال شهدت حياته تحولاً غير متوقع بعد الحرب حيث اضطر للنزوح واللجوء بسبب النزاع المستمر وانتهى به المطاف بالتوقيع لنادي “دبروسة” في مدينة حلفا الجديدة رغم تقدمه في السن.
– تنقا يعتبر أحد أعلام كرة القدم السودانية حيث تألق خلال مسيرته مع نادي الهلال والمنتخب الوطني شارك في العديد من البطولات المحلية والقارية وكان يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط الرياضية السودانية أسلوبه في اللعب ومهاراته العالية ويساريته الفتاكة منحته مكانة خاصة في قلوب جماهير الكرة السودانية ما جعله واحداً من النجوم الذين ساهموا في رفع مستوى كرة القدم في البلاد.
– الحرب التي اندلعت في السودان قلبت حياته رأساً على عقب كسائر الملايين من السودانيين وجد تنقا نفسه مجبراً على مغادرة منزله ونزح وأسرته إلى مناطق أكثر أماناً وانتهى به المطاف بمدرسة دار إيواء بحلفا الجديدة حتى تم تدبير منزل له وأسرته من أهالي حلفا الجديدة الكرماء.
– الظروف القاسية التي فرضتها الحرب جعلت الرياضيين مثل “تنقا” في مواجهة تحديات لم يكونوا مستعدين لها في ظل النزاع وانهيار النظام الإجتماعي والإقتصادي أصبح من الصعب على السودانيين متابعة حياتهم السابقة بما في ذلك الرياضيين المحترفين الذين فقدوا فرصهم في ممارسة اللعبة التي يعشقونها.
– في خطوة مفاجئة للجميع ظهر “تنقا” في صورة انتشرت عبر وسائل الإعلام والوسائط المتعددة وهو يوقع عقداً مع نادي “دبروسة” في حلفا الجديدة هذه الخطوة أثارت جدلاً كبيراً في الوسط الرياضي حيث لم يتوقع أحد أن يصل “تنقا” اللاعب الدولي السابق وأحد نجوم الكرة السودانية إلى هذه المرحلة من مسيرته وهو في هذا العمر المتقدم.
– البعض رأى في هذه الخطوة تعبيراً عن مدى القسوة التي فرضتها الحرب على الجميع بما في ذلك الرياضيين.
– انتشرت ردود الأفعال بعد انتشار الصورة والخبر بشكل واسع في الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي البعض عبر عن الحزن والأسى لما آل إليه وضع “تنقا” معتبرين أن الحرب دفعت به إلى موقف لا يليق بتاريخه الرياضي الحافل وآخرون أشادوا بروح العزيمة والإصرار التي أظهرها من خلال استمراره في لعب كرة القدم رغم التحديات واعتبروا أن توقيعه لنادي “دبروسة” يعكس رغبته في البقاء قريباً من اللعبة التي كانت جزءاً كبيراً من حياته.
– دلالات الصورة، صورة “تنقا” وهو يوقع عقده الجديد تحمل أكثر من مجرد دلالات رياضية إنها رمز للتغيرات الجذرية التي أحدثتها الحرب في السودان وتأثيرها على جميع جوانب الحياة بما في ذلك الرياضة كما أنها تطرح تساؤلات حول مصير الرياضيين في ظل هذه الظروف حيث يضطر العديد منهم إلى التخلي عن مسيرتهم المهنية أو الانخراط في أندية صغيرة لمواصلة مسيرتهم بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة.
– ختاماً قصة “تنقا” ليست مجرد قصة رياضي نزح بسبب الحرب بل هي حكاية تعكس ما يعانيه السودان بأكمله جراء النزاع المسلح إنها تذكرنا بتأثير الحرب على الرياضيين وغيرهم من الفئات التي تضررت بشكل كبير وتجعلنا نفكر في أهمية السلام والاستقرار لتمكين الأفراد من متابعة حياتهم الطبيعية.
– قصة “تنقا” ستظل محفورة في ذاكرة السودانيين كرمز للصمود في وجه الأزمات وتؤكد أن الأمل والبقاء على قيد الحياة هما دائماً الدافع للاستمرار حتى في أحلك الظروف .
ظل أخير
بينما يجوب قادة الاتحاد السوداني لكرة القدم دول العالم وكان آخرها زيارة للولايات المتحدة الأمريكية لحضور دورة كروية ترفيهية يعاني أبطال سابقون مثل تنقا وغيره من الذين دافعوا عن شعار الوطن ومثلوه على الساحات الدولية بأفضل صورة من الإهمال والتهميش.
من المحزن حقاً أن نرى مثل هذه الأسماء الرائعة تهمش وتترك بلا رعاية أو دعم بينما يسعى قادة الاتحاد لبناء علاقات جديدة ودعم من الخارج.
يفترض أن يكون هناك اهتمام كبير بالأسماء التي خدمت الوطن وشرفتنا على الصعيد الدولي وأن يقدر لهم جهدهم وفخرهم وأن تقدم لهم الرعاية وتمنح لهم الفرص لخدمة الرياضة السودانية.
يجب أن يكون هناك اهتمام أكبر باللاعبين القدامى الذين تركوا بصمتهم على تاريخ كرة القدم السودانية وأن يمنحوا المكانة التي يستحقونها كأبطال وطن وليس تجاهلهم وإهمالهم.