خارطة الطريق
ناصر بابكر
* بعد (17) عاماً من تطبيق تجربة (البكور)، يعود السودان اعتباراً من منتصف ليل غدٍ الثلاثاء للتوقيت القديم الذي يتوافق مع التوقيت العالمي، بحيث يتم إعادة عقارب الساعة (60 دقيقة) للوراء، وذلك بعد الفشل الذريع لتجربة البكور.
* الرياضة وبالأخص كرة القدم لم تكن استثناء من التجارب الفاشلة التي تدمر كل مناحي الحياة في السودان، التي تهدر على الناس والوطن الكثير من الجهد والوقت، وتضطر الجميع في نهاية المطاف إلى إعادة الزمن للوراء، في محاولة لإصلاح ما أفسده (الدهر)، والمؤكد أن (الدهر) لا يملك أن يفسد أو أن يصلح شيئاً، لكننا نذكره على طريقة (نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا.. ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا.. وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ ويأكل بعضنا بعضاً عيانا).
* تلك الأبيات تصلح لعكس الحال الذي نعيشه، فبعد أن غادر البروف كمال شداد المشهد الرياضي في العام (2010) رغماً عن إرادة الرياضيين وبأمر (الساسة) وبالأخص (أمانة الرياضة بالمؤتمر الوطني) التي حاربت شداد بكل السبل، وفعلت كل ما يمكن فعله من أجل تمكين مجموعة الدكتور معتصم جعفر من قيادة الكرة السودانية في دورتين.. وبالأمس عاد شداد بعد (سبع سنوات) شهدت كل مظاهر الفشل والفوضى والفساد الإداري وعدم الوضوح في الملف المالي، وبعد (سبع سنوات) تلاشت خلالها هيبة الاتحاد تماماً، وتحول فيها إلى حمل وديع أمام غول القمة بفعل سياسة الترضيات والموازنات والتغييب الكامل للقانون، وقبل ذلك تغليب قادة الاتحاد لمصالحهم الشخصية على المصلحة العامة، فكان أن ترقى مجدي في سلم الكاف، والأمر نفسه لمعتصم جعفر في الكاف وسيكافا والإتحاد العربي، في وقت كانت فيه الكرة السودانية تمضي نحو الحضيض، بعد أن ترك المسئولون عنها الحبل على الغارب للساسة للتحكم في مسارها.
* الطريف أن أمانة الرياضة التي ظلت تحارب البروف شداد بسبب قوة شخصية الأخير، وتمسكه بأهلية وديمقراطية الحركة الرياضية، واستماتته في الدفاع عنها، وتمسكه باستقلالية القرار في الاتحاد للمحافظة على هيبته، أمانة الرياضة نفسها التي حاربت شداد حتى أطاحت به تحت ذريعة (التغيير وإتاحة الفرصة للكوادر الشبابية) جاءت بعد سبع سنوات لتقدمه رئيساً للمجموعة التي تدعمها، وجاءت بعد سبع سنوات لتحارب المجموعة التي مكنتها من قبل من قيادة الكرة السودانية.
* كفاءة شداد وتأهيله ونبوغه العلمي والفكري وشخصيته القوية كلها جوانب لا غبار عليها، وحتى مسألة سنه التي يتحدث عنها البعض لا أجدها سبباً كافياً للقدح في قدرته على تولي منصب رئيس اتحاد الكرة من جديد، طالما أن المنصب يعتمد على (القدرات الفكرية والتأهيل وقوة الشخصية) وشداد في كل تلك الجزئيات أفضل من غيره بمراحل بعيدة.. ولو كان ثمة نقطة وحيدة يمكن أن تجعل الحديث عن سن البروف منطقياً فهي قدرته على الحركة ومتابعة التفاصيل بنفسه، وما يدور من خلف الكواليس، لأن فتراته السابقة نفسها شهدت تجاوزات معلومة للكافة، والسبب في ذلك عجز شداد عن متابعة كل صغيرة وكبيرة بعامل السن، مما سمح لبقية المسئولين وقتها بالتلاعب من وراء ظهره.
* أهم ما في عودة شداد من جديد أن تأهيل الأخير وعلمه وفكره المتقدم يمكن أن يسهم في تأهيل ورفع قدرات العناصر التي تعمل معه، وهو ما يساعد على امتلاك إداريين أصحاب قدرات عالية في السنوات القادمة يملكون القدرة على قيادة الكرة السودانية مستقبلاً بعد تنحي البروف، لكن المحك الحقيقي لن يكون في تأهيل وتعليم المجموعة التي ستعمل مع شداد القوانين وتأهيلهم في الجوانب الإدارية لكرة القدم، لكن الأهم والمحك الأصعب والحقيقي هو تعليمهم (فن القيادة) وإكسابهم الكاريزما المطلوبة وتعليمهم (ثوابت ومبادئ وقيم) ينبغي توفرها في من يقود دفة العمل الرياضي في اتحاد الكرة من حرص على سيادة القانون وعلى هيبة الاتحاد وحاكميته واستقلالية قراره، لأن الشاهد في تجربة شداد خلال الحقب الفائتة أن دكتور معتصم ومجدي شمس الدين وأسامة عطا المنان تعلموا منه الكثير والكثير إدارياً واستفادوا من العمل معه بدليل تقدمهم الدولي والقاري والإقليمي بعد توليهم لسدة القيادة بعد أن (انقلبوا عليه) وهو انقلاب أثبت أمراً مهماً، وهو أنهم لم يتعلموا أهم ما يجب أن يتحلى به الإداري، وهو تغليب المصلحة العامة والتحلي بالمبادئ والأخلاق، فكان أن استفادوا هم من السنوات السبع التي حكموا فيها مقابل ضرر بليغ لحق بالكرة السودانية.
* وبالتالي فإن الأهم أن تتعلم المجموعة الحالية التي فازت بالأمس من شداد تلك المبادئ والثوابت قبل أن يتعلموا منه في الجوانب الإدارية والفكرية والقانونية، وشخصياً أشك في إمكانية حدوث هذا الأمر، رغم قناعتي بأن الكوادر التي تعمل مع البروف جيدة بعد التطورات التي حدثت في الشهور الفائتة في مجموعة النهضة والإصلاح التي أطاحت بالمهندس همد وسيف الكاملين ومن قبلهم رئيس المجموعة السابق الفريق عبد الرحمن سر الختم الذي استقال منذ فترة طويلة، وهو ما غير المشهد العام في المجموعة، وغير من رأي الكثيرين حولها.
* ما يجعلني أشك في إمكانية تعلم كوادر الإصلاح والنهضة من البروف، رغم رأيي الإيجابي في أغلب الكوادر التي حققت الفوز، هو صعوبة التخلص من سيطرة أمانة الرياضة بالحزب الحاكم، سيما وأنها كانت الداعم الرئيسي للمجموعة والمتحكم في تفاصيل الشأن الرياضي في الاتحادات والأندية، وفي تقديري هذه النقطة بالذات تمثل العقبة الكئود أمام التطور وأمام تحويل شعار أهلية وديمقراطية الحركة الرياضية إلى واقع.. ومن المؤسف أن شداد نفسه الذي ظل يحارب على مدى عقود من أجل أهلية الرياضة ويحارب التدخل السياسي بقوة عاد وارتضى أن يأتي من جديد لرئاسة الاتحاد في قيادة مجموعة هو يعلم جيداً أنها قامت بدعم كامل من أمانة الرياضة، وهي جزئية تؤخذ على البروف، ويمكن أن يعتبرها البعض ردة عن مبادئه التي ظل يدافع عنها.
* عموماً، رحيل مجموعة الدكتور معتصم يمثل حدثاً سعيداً، وهي نهاية تستحقها المجموعة التي سطرت كل أنواع وأشكال الفشل، والمؤكد أن الحال لن يكون أسوأ تحت قيادة شداد بل سيتحسن نحو الأفضل، وإن كان ثمة ما نأمله فهو أن تنهي المجموعة ارتباطها بالساسة والسياسيين، وتبعد عنهم تماماً لتدير الشأن الكروي باستقلالية كاملة، لأن هذا الأمر يعتبر مربط الفرس في النجاح.. وعموماً نتمنى للفائزين التوفيق.. ونسأل الله أن يكتب الخير للكرة السودانية تحت قيادتهم.
حمل تطبيق كورة سودانية لتصفح أسرع وأسهل
لزوارنا من السودان متجر موبايل1
http://www.1mobile.com/net.koorasudan.app-2451076.html
3,699 حملو التطبيق
لزوارنا من جميع انحاء العالم من متجر قوقل
https://play.google.com/store/apps/details?id=net.koorasudan.app
13230 حملو التطبيق
على متجر mobogenie
http://www.mobogenie.com/download-net.koorasudan.app-3573651.html
5000+ حملوا التطبيق