بالعربي الكسيح
محمد الطيب الأمين
صلاح بن البادية .. الانكتب على جبينا الليلة بأن !!
* لم ينقطع حظ دولة الأردن من أوجاعنا ..
* وكأن الله قد كتب لهذا الشعب الموت في تلك الديار ..
* نعم لا ندري بأي أرض نموت فقد قدر الله أن تكون الأردن بكل تقدمها الطبي هي المحطة الأخيرة في حياة كثير من السودانيين وكثير من أهل الفن ..
* يقصد أهل السودان دولة الأردن للعلاج فيكتب لهم الله الموت بها ..
* وهكذا يقدر الله ويشاء فيفعل ..
* بالأمس، رحل صلاح بن البادية نجم الأغنية الحديثة وأحد أعذب وأفخم الأصوات ..
* صلاح هو من آخر خمسة كبار يشكلون مزاج الفن السوداني ويعالجون الوجعي العاطفي باللحن والكلام العذب ..
* ادخرنا صلاح للأيام السوداء وحاولنا أن نحفظه ونحتفظ به لقادم السنوات ..
* ودعت الساحة الفنية كثير من الأصوات العتيقة في سنوات وجيزة ..
* سنوات قليلة شهدت موت كثير وكثير جداً من الفنانين ..
* ولذلك كنا نطمئن بوجود عركي وود اللمين وكابلي وابن البادية ..
* مجرد وجودهم يخلق حالة من الثبات والوقار للساحة الفنية التي نزعت الحياء ..
* يرحل الآن فنان كبير في كل شيء ..
* يتمتع صلاح بصوت فيه كثير من الخير والحضور والتطريب العالي ..
* صوت (تريان) وفسيح للحد البعيد ..
* انتبه الناس لذلك الصوت في وقت كانت فيه الأصوات السودانية (فرز أول) ..
* كانت الأصوات في ذلك الوقت عالية الجودة والتطريب ..
* دخل صلاح بصوته السعيد وطلته الفاخرة وأناقته المشهودة واستطاع أن يدخل قلوب الناس بأغنياته الحسناوات وقد كان ذلك في العام (1959) ..
* بدأ صلاح مسيرته باكراً ولكنه ظهر للعلن في العام 59 إذ كان خائفاً من أسرته المتدينة ..
* كان صلاح أنيقاً ومرتباً ومحافظاً على شبابه وحيويته ..
* أكثر ما كان يلفت نظر الناس في طلة صلاح تلك الحيوية والإشراق والوجه النضير رغم تقدم السن فهو من مواليد العام (1937) ..
* حتى ظهوره الأخير في (فرح السودان) يوم التوقيع وإعلان الحكومة المدنية كان ظهوره أنيقاً وصوته لطيفاً ..
* غنى ابن البادية في ذلك اليوم للوطن وهو جالس على الكرسي ولم يظهر بعد ذلك ..
* ختم مسيرته الفنية بالغناء للوطن في يوم مشهود ..
* لو اكتفى صلاح بما قدمه يوم التوقيع لكفاه ذلك ..
* ليس هنالك أجمل من أن يختم الفنان حياته بالغناء للوطن في يوم من أيام الوطن ..
* اختيار صلاح للغناء في ذلك اليوم هو التكريم الأكبر والأعظم له ..
* بالتأكيد اللجنة المنظمة لذلك اليوم ما كانت تعلم بمواعيد رحيله لأن (الأعمار بيد الله)، ولكن ربما إحساسنا وإحساس صلاح بالرحيل كان أكبر فجاءت مشاركته الأخيرة في أمر وطني خالص ..
* غنى للحكومة المدنية ورحل وسيظل في قلوب الناس ..
* يظل باقياً في القلوب التي طيب خاطرها وجبر كسورها بأغنياته الشافية والراقية ..
* صلاح هو مدرسة في الفن والأدب والإنسانية ..
* هو ابن الشيوخ الذي التزم الطريق ولم يعرف عنه الهوى والتهور ..
* استفاد من خلفيته الصوفية المتدينة وكان محافظاً وعفيفاً ..
* قدم كثير من الأناشيد الدينية ومدح الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في أكثر من عمل ..
* له إسهامات ومساهمات في أعمال الخير ..
* أسس قبل عام تقريباً مؤسسة (ابن البادية الثقافية) بضاحية كافوري ..
* وكان ينوي القيام بأعمال ثقافية وفنية كبيرة من خلال هذا الجسم الثقافي الكبير ..
* قدم صلاح عشرات الأغنيات التي حفظها الناس وكانت بداياته بأغنية (الأوصفوك) وردد أيضاً أغنية (الليلة سار) و(خاتمي العاجب البنوت) قبل أن ينتج كثير من الأعمال الخاصة وعلى رأسها أغنية (فات الأوان) ..
* فات الأوان أغنية يتداولها الناس في الحياة اليومية ويتعاطونها كأنها (حكمة) أو (مثل شعبي) ..
* وكذا أغنية (سال من شعرها الذهب) للراحل أبو آمنة حامد، وهي أغنية حملت الجديد من حيث الشكل والمضمون ..
* وأغنية (كلمة) لشاعرها محمد يوسف موسى وأيضاً هي من الأغنيات الكبيرة من حيث الكلم واللحن والتوزيع الموسيقي ..
* توالت أغنياته العاطفية والوطنية فكانت صدقة غريبة وطبع الزمن وحسنك أمر وليلة السبت ويا أسير الغرام والمريود وغيرها من الأغنيات ..
* فتح صلاح بن البادية كثير من بيوت الحلال حيث كان فنان الأفراح الأول ..
* استثمر الناس مقاطع من أغنياته في علاقاتهم الخاصة فكانت سبباً في الحب والجمال ..
* إن رحيل (صالح الجيلي محمد أبو قرون) الشهير بصلاح بن البادية هو يشبه رحيل الغمام ..
* نحن نبكي كلما فقدنا ولد من أولاد البلد الكبار ..
* رمزية البادية التي اقترنت باسم صلاح تؤكد إنه ابن بلد ..
* نسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة وأن يغفر له ويتجاوز عنه ويسكنه الجنة مع الأبرار ..
* والتعازي الحارة لأسرته الكبيرة والصغير ولمعارفه ومحبيه ..
* (إن لله وإنا إليه راجعون) .