كورة سودانية- أبوعاقله أماسا
* صبيحة اليوم الثالث لإنفجار الوضع واشتعال القتال بين جيشنا والدعم السريع الباغي، شاهدت فيديو توضيح للشهيد عثمان مكاوي وقمت بمشاركته على صفحتي هذه لأسباب منها بساطة السرد واللغة وصدق الكلمات والتعبيرات إضافة إلى أن الوجه كان مألوفاً بالنسبة لي قبل أن أكتشف أنه يسكن الحارة (٧٥) الإسكان وينتمي للفرقة التاسعة مظلات، فضلاً عن إيمانه التام بفكرة الجندية والوطن.. بعدها أصبحت متابعاً للايفات التي يسجلها وتنتشر على الميديا ضمن أحداث وتطورات الحرب، وقد أعجبتني شجاعته وإقدامه، وشبهته ببعض شباب الثورة من المؤمنين بقضايا الوطن، ومن يملكون فلسفة خاصة في عشقهم للتراب..!!
* بالأمس شاهدت مقطعاً منسوب لأحد زملاءه يتحدث فيه عن لحظة استشهاده، وأنه أصيب لوحده من وسط زملاءه، أو الأرجح هو بفعل قناصة أطلق رصاصة إنتقته من بين زملاءه بدقة، وأنا أحاول تحصين نفسي من الإستغرال وربط هذه الحادثة بمئات الحوادث التي راح ضحيتها شباب غض من قيادات ثورة ديسمبر، وكيف كانوا يسقطون من دون زملاءهم ووسط الآلاف الهادرة.. وكانوا جميعاً لا يقلون حماساً وشجاعة من عثمان مكاوي، ويؤمنون تماماً بما أقدموا عليه، وفي كل تلك الأحوال كان القاسم المشترك (قناصة) وليست الشرطة كما يشيع بين الناس، لأن الشرطة لا تسلح منسوبيها بنوعية السلاح الذي أصيب به الثوار، وفي أغلب الظن هو نفسه السلاح الذي قتل به المئات في ساحة القيادة، وهو ما يرجح فكرة الطرف الثالث الذي يختبيء خلف ماهو مرئي ومعلوم..!!
* الآن وبعد إندلاع الحرب تبدو الفكرة أوضح حول من يستعين بالقناصة لإصطياد الرؤوس والبارزين من شباب الثورة ويستهدف الفاعلين منهم بمستوى إحترافي دقيق، وأظنه أسلوب لم يرتبط لا بالقوات المسلحة السودانية ولا بالشرطة في تأريخهما الطويل.. وفكرة القاتل المأجور تنسجم تماماً مع قالب المليشيات والمرتزقة.. ففي كل الأحوال هنالك من يقاتل بضراوة من أجل مغنم دنيوي رخيص ومقابل مادي وبلا عقيدة وهدف واضح لنجادل على شهادته إذا مات في أرض المعركة..!!
* هذا هو تحليلي الخاص للأمر وهو قابل لأن يكون صواباً أو غير ذلك.. أما عن تعاطف الناس وتجاوبهم معه من دون الشهداء فمن الثابت أن كل من مات من أجل الدفاع عن أموال الشعب السوداني وماله وعرضه بعد أن أستبيحت الأرواح وانتهكت الأعراض هم شهداء أرادوا أن يدفعوا عنا قوى البغي والشر.. وهم بذلك أكرم منا جميعاً، ولكن سبب التعاطف الجارف مع بن الحاج مكاوي فقد كان بسبب تسجيلاته وحديثه العميق عن الوطن والجندية.. وقد استحق حب الناس ودعواتهم ومن المؤكد أننا لن ننساه وسيظل في ذاكرتنا ما بقينا وما بقيت ذكرى هذه الحرب التي فرضت على الشعب السوداني.. فقد أوضح عثمان مكاوي في الفيديو المنشور على هذه الصفحة في اليوم الرابع أو الخامس من الحرب أنه لم يكن متخيلاً أو يتوقع أن تندلع الحرب بينهم والدعم السريع وهم جيران ومتواصلين يتشاركون ذات المكان في منطقة وادي سيدنا حيث كان يعمل في الفرق التاسعة مظلات المجاورة لمعسكر جبل سركاب التابع للدعم السريع.. وأنهم غدروا بهم وبادأوهم بالقتال..!!
قد يعجبك أيضا