صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ما بين (سـبَاكة) فلوران و(خَـرمجَـة) ربجيكامب

62

صَـابِنَّهَـا
محمد عبد الماجد

ما بين (سـبَاكة) فلوران و(خَـرمجَـة) ربجيكامب

مع أنّ النقد الفني لدينا (انطباعيٌّ)، وتلعب فيه العلاقات الشخصية دوراً كبيراً، إلا أنه مع ذلك هو أفضل من النقد الرياضي الذي يقوم على (العاطفة)، أما النقد السياسي، فهو قائمٌ على (المصلحة)، وفي الرياضة والسياسة أيضاً من الصعب أن تجد ناقداً (محايداً)، لذلك النّقد الفني هو الأفضل من بين كل ضروب النقد الأخرى، مع كل الإشكاليات التي يُعاني منها.
مطلوبٌ من الذين يمارسون النقد الرياضي التجرُّد من العاطفة وممارسة النقد بشكل (مهني)، بعيداً عن أحب وأكره، لأننا دائماً نخلق انطباعات يبقى من الصعب التخلُّص منها، وهي في الغالب تحدث بحُسن نية ويكون القصد منها مصلحة الفريق، لكن في النهاية لا يتضرّر منها إلا الفريق نفسه.
إذا أفسدنا بيئة المدرب وعكّرنا الأجواء التي يعمل فيها، فإنّ نجاح المدرب يصبح مستحيلاً حتى وإن كان المدرب جيداً، لذلك هذا يُفسِّر فشل مدرب مع نادٍ ونجاحه مع نادٍ آخر، والمدرب ينجح ويفشل حسب البيئة المُحيطة به، هذا طبعاً بعد أن يكون مُؤهّلاً وصاحب شخصية ويمتلك أدواته الخاصة.
إذا وفرنا أجواءً جيدة للمدرب وعمل في بيئة صالحة ومحفزة للنجاح، فإنّ نجاحه سيكون مضموناً، حتى لو كانت مقدراته ليست على أفضل حال.
يحتاج أي مدرب لكي ينجح للدعم من الإدارة والجمهور ومن الإعلام، إذا فقد المدرب دعم أي جهة من تلك الجهات فإنّ نجاحه سوف يكون صعباً.
مانويل خوسيه المدرب البرتغالي السابق للأهلي المصري أشرف على الأهلي في فترتين ـ الفترة الأولى فشل فيها فشلاً ذريعاً وغادر دون أن يحقق شيئاً، وعندما عاد مرة أخرى حقّق نجاحات كبيرة ليكون أفضل مدرب في تاريخ الأهلي ـ مانويل خوسيه فشل في فترته الأولى مع الأهلى لأنه لم يجد الدعم الكافي، ونجح في فترته الثانية لأنه وجد الدعم وحُقِّقت كل طلباته.
والأمثلة كثيرةٌ ـ ولكن نكتفي بهذا المثال القريب عنا والمشهود، غير أننا يمكن القول إن الإسباني بيب غوارديولا ينجح لأنه توفر له كل شئ ـ وأن البرتغالي جوزيه مورينهو بدأ يفشل عندما أصبحت طلباته لا تُستجاب، وبعد أن قُلِّصت صلاحياته، وأن الإيطالي كارلو أنشيلوتي مع النجاحات الكبيرة التي حقّقها مع ريال مدريد عندما قلّت الثقة فيه، رحل عن الفريق الملكي.
إذن احرصوا على تقديم كل الدعم والعون للمدرب، وفي النهاية أغلب المدربين يتشابهون، وتبقى الاختلافات في الثقة، والدعم والمساندة والبيئة.
نجاح المدرب أو فشله أمرٌ نُحدِّده نحنُ ـ لذلك لا تكونوا سبباً في فشل المدرب.
مدرب بدون أن نمنحه (الثقة) فإنّ نجاحه سوف يكون هو المستحيل نفسه.
حاولوا اخلقوا انطباعات جيدة عن المدرب ـ لا يروق لي أن نطلق على مدرب (سباك)، كما فعلنا مع فلوران، ولا يمكن أن نصف أسلوب ريجيكامب بـ(الخرمجة)، فلوران وريجيكامب اسمان معروفان في التدريب، يمتلكان من المؤهلات والخبرات ما يلزمنا باحترامهما ـ واحترام القامات واجبٌ علينا ـ ليس نحنُ مَن نُحدِّد إمكانياتهما، لأن هذا أمرٌ تجاوزاه ـ بمعنى أننا لا نستطيع أن نسحب من (طبيب) أو (مهندس) أو (محامٍ) درجته العلمية، والتدريب (مهنة)، والمدرب حتى يصبح مدرباً يستوجب منه ذلك الحصول على شهادات ودورات وبرامج، ومن بعد فإنّ الأندية تتعاقد مع المدرب بعد أن تنظر لخبراته ونجاحاته وتجاربه وهو لم يفرض نفسه عليها.
يمكن أن نقول عن مدرب إنه غير جيد أو غير موفق ـ أو حتى (كيسو فاضي)، لكن أن نقول عنه (سباك) أو نصف أسلوبه بـ(الخرمجة) فهذا لا يجوز، واحسبه تعدياً جائراً على المدرب.
فلوران حقّق مع الهلال ما فشل فيه العشرات، إذا كان (سباك) حقق كل تلك الأرقام مع الهلال فماذا نقول عن الآخرين؟ وتجربة ريجيكامب مع الهلال اُستبشر بها، وهي تبدو كذلك الآن ـ وحقيقةً أنا أحاول أن أنظر دائماً للنصف الملئ من الكوب في كل تجارب المدربين مع الهلال ـ أبحث عن الإيجابيات وأحاول دعمها، لأن المدرب بعد التعاقد معه يصبح قدراً لا مفر منه ـ وتجربته يجب أن تُقيّم بعد نهاية عقده أو بعد انتهاء الموسم على الأقل.
هزائم الهلال في الدوري الرواندي لا أنكر أنها آلمتني جداً، لكنها لم تقلقني ـ وأنا عادةً يمكن أن أقبل أي شئ إلا خسارة الهلال.
لم تقلقني هزائم الهلال ـ لأن العمل الذي يقوم به المدرب بمتابعاتنا عن بُعد، يبدو أنه عملٌ كبيرٌ ـ تشعر أن الجهاز الفني يعمل بجد واجتهاد وفهم ـ وحتى اللاعبين تشعر بارتياحهم وانفتاحهم ـ وتبدو أرواحهم تسمو وهي تحمل شيئاً من الشغف والإرادة والرغبة، لذلك لم نقلق من هزائم الهلال ـ بل إنّني شعرت أن الهلال في حاجة لتلك الهزائم حتى يختبر قدرة التحمُّل ـ وأقصد بذلك أننا كنا في حاجة جميعاً لاختبار قُدراتنا على الهزيمة ـ وكنا جميعاً بكل المكونات في حاجة لنكتشف قدراتنا في التعامل مع الهزيمة.
بعض الأمراض تكتسب المانعة منها بالإصابة بها.. وكذلك لتجاوز الهزائم وعدم التعرُّض لها لا بد لك أن تمر بها.
أقول دائماً إن الانتصارات وحدها لا تستطيع أن تصنع فريق البطولات ـ لا بد لفريق البطولات أن يتعرّض للضغوط والهزائهم والمطبات ـ والهلال مَـرّ بتجارب في الدوري الرواندي كان يحتاجها فعلاً ـ انتصرنا والهلال يلعب بعشرة، وخسرنا والهلال يلعب بعشرة، كان الهلال متقدماً وأدرك المنافس التعادل، وكان الهلال مهزوماً وأدرك التعادل.. هذه تجارب تفيد الهلال، وانظر دائماً في كل المنافسات لمثل هذه التجارب.. لقد شارك الهلال في الدوري الرواندي من أجل هذه التجارب، ولولاها لما حدثت الفائدة.
حديث مدرب الهلال ريجيكامب عن هزائم الهلال ضاعف من ثقتي في المدرب وفي الهلال، فقد نقل موقع (سودافووت) المتميز بقيادة ربانه الرقمي عبد المنعم عبد الحي هذا التصريح لمدرب الهلال: تحدث الروماني “لاورينتيو ريجيكامب” المدير الفني لفريق الهلال لصحيفة “ذا نيو تايمز” الرواندية عن وضع فريقه في الدوري المحلي، والعثرات التي حدثت في الجولات السابقة. وكان الهلال تعادل وخسر مباراتين وتعادل في ثالثة خلال ديسمبر الجاري، قبل أن يستعيد نغمة الفوز في الجولة الفائتة بثلاثية نظيفة أمام فريق غوريلا. وقال الروماني للصحيفة الرواندية وفق ما رصده سودافووت: ”من الجيد أن يلعب لاعبونا الشباب عدة مباريات.. لقد خسرنا مباراتين وتعادلنا في واحدة لكن هذا جيد لتحضيراتنا للبطولة القارية”، وأضاف: ”الناس يعتقدون أننا نخسر.. لكن الصحيح أننا نمنح الفرص للاعبين لا يجدون فرص المشاركة.. هذا أمرٌ إيجابي جداً ونحن نقوم بتجهيز لاعبين جدد للمنافسة”.
وعن مباراة الهلال الأخيرة التي فاز فيها 3-0، قال ريجيكامب: بالطبع سعداء بالانتصار وتسجيل ثلاثة أهداف، لكن هذا لا يعني أننا وصلنا إلى المرحلة التي نطمح إليها. وتابع: ”أعرف أن الهزيمة قد تحبط من عزيمة اللاعبين، لكن أنا هنا لجعلهم ينهضون مجددًا.. وكما قلت ما يجعلني سعيدًا هو مشاركة عدد من اللاعبين الشبان الذين لا يلعبون بشكل أساسي مع الفريق الأول وهذا أمرٌ جيدٌ جدًا”، وأشار ريجيكامب إلى تأثر فريقه بغياب 11 لاعباً ومشاركته بحارس وحيد، لكنه أكّد على تقبله لهذا الوضع شاكرًا رواندا على إتاحة الفرصة للهلال للمشاركة في المسابقة.
ريجيكامب فلسف الحكاية وقال: ”الناس يعتقدون أننا نخسر.. لكن الصحيح أننا نمنح الفرص للاعبين لا يجدون فرص المشاركة.. هذا أمرٌ إيجابيٌّ جداً ونحن نقوم بتجهيز لاعبين جدد للمنافسة”.
الحقيقة أن الهلال لم يخسر ـ وبالورقة والقلم فإن مكاسب الهلال من تلك الهزاهم كبيرة.
وقال ريجيكامب (أعرف أن الهزيمة قد تحبط من عزيمة اللاعبين، لكن أنا هنا لجعلهم ينهضون مجددًا).. نعم نحنُ في حاجة للهزيمة حتى تعرف كيف تعود بها ـ هذا أمرٌ مهمٌ للغاية ـ لذلك تبقى الهزيمة في هذا الوقت أمراً إيجابياً ـ علينا جميعاً أن لا نحبط وأن نعرف كيف ننهض من جديد.
الحبيب بابكر مختار عندما خسر الهلال، وصف أسلوب ريجيكامب بـ(الخرمجة)، وعندما انتصر الهلال قال بابكر مختار إن المدرب عاد إلى رشده وصحّح الأوضاع ـ وبرر مختار انتصار الهلال بأن المدرب وضع تشكيلة صاح وأشرك اللاعبين في مراكزهم الأصلية.
ورداً على، بابكر مختار وآخرين نقول إن المدرب كان حتى يصل للتشكيلة الصحيحة كما وصفها مختار كان لا بد له أن (يخرمج)، لا تنسوا أن المدرب يلعب وهو يفتقد (11) لاعباً مع منتخبات بلادهم وبحارس واحد ـ ظروف الهلال ليست مثل ظروف المريخ، لأنّ الأزرق تنتظره مباريات قوية في مرحلة المجموعات بعد أيام قليلة والمريخ لا ينتظره شئ، لذلك هو يلعب بثقله كله في الدوري الرواندي وهو لا يفقد عناصر أساسية كما يفقد الهلال.. والمريخ سوف يفقد كثيراً إن شاء الله في الأيام المقبلة صدِّقوني!! وتذكّروا هذا الكلام.
مدرب الهلال ملزمٌ بالتجريب والمجازفة ليختبر قدرات لاعبيه، وليكتشف ثغرات فريقه، حتى يتم الاستغناء عن بعض العناصر وإضافة عناصر جديدة في التسجيلات الشتوية القادمة ـ هذه وضعية تلزمه أن يعطي الجميع الفرصة حتى يحكم عليه (عملياً) وحتى لا يظلم أحداً.
مدرب الهلال مُجبرٌ على أن يحافظ على بعض اللاعبين الذين لا تُوجد لهم بدائل ـ مثل إيبولا ولوزولو، لذلك هو لا يمكن أن يجازف بهما في كل المباربات.
وديوف بدون بديل وسيمبو بدون بديل ومحمد مدني يبقى الحارس الوحيد في أكثر من 5 مباريات.
مدرب الهلال يبحث عن بديل لجان كلود في مواجهتي صن داونز، لذلك من حقه أن يُجرِّب ويبحث ويخرمج كمان.
إن هذا الذي يقوم به ريجيكامب ويطلق عليه الحبيب بابكر مختار (خرمجة)، نحن نسميه (علم).
مدرب برشلونة هانز فليك يلعب بطريقة غريبة مع برشلونة، إذ يجعل من يهاجمون برشلونة يقعون في مصيدة التسلل ـ هذا الأسلوب الذي يلعب به فليك يعتبر (مجازفة) منه أو (مغامرة)، لكنه نحح في ذلك رغم أن نسبة الخطر كبيرة على فريقه من هذا الأسلوب.
في مباراة برشلونة وتشيلسي سجل الفريق الانجليزي ثلاثة أهداف ـ عند الرجوع لغرفة تقنية الفيديو اتضح أنها تسلل بسِـنّة وتم عدم احتسابها.
في كلاسيكو الأرض، نجح الريال في التغلب على حيلة فليك وسجل في مرمى البارسا التي كان يعتمد دفاعها على التسلل.
في تلك المباراة التي خسرتها برشلونة ـ أحد مشجعي البارسا قام منتفضاً بين الشوطين وهو يلوح بيديه على التلفاز قائلاً: يا فليك خلى الخرمجة البتعمل فيها دي، إنت بتلعب أمام الريال وليس بلد الوليد.
وهانز فليك ما بعمل في (خرمجة) ـ المدرب الألماني لبرشلونة بنزِّل في برنامج جديد في كرة القدم ـ فليك بحمِّل في أسلوب حديث ـ ومثلما نجح غوارديولا في استحداث أسلوب (الاستحواذ) وجعله جاذباً ـ فليك هسع بعمل مع برشلونة في نظريات جديدة.
تقول النظرية حسب الذكاء الاصطناعي: (هانز فليك مع برشلونة يعتمد بشكل كبير على تكتيك “مصيدة التسلل” أو “Offside Trap”، حيث يلعب بخط دفاع متقدم جداً ويضغط على الخصوم لإيقاعهم في التسلل، ويُعرف هذا التكتيك باسم “الدفاع الضاغط” أو “Pressing High”، مما يجعله فعّالاً جداً في إجبار الخصوم على الوقوع في التسلل بشكل متكرر، خاصةً في بداية الموسم، رغم وجود تحديات في استمرارية فعاليته أمام الفرق السريعة).
لكن كل من يشاهد برشلونة تهزم بسبب هذا الأسلوب، فلن يحتمل صبراً سوف يقول هانز فليك قاعد يخرمج، وهذا ما فعله بابكر مختار عندما شاهد هلاله يخسر للمرة الثانية توالياً في الدوري الرواندي ـ ونحن ناس بطولات ما بنقبل الهزيمة ولو كنا بنلعب في الدوري الإسباني أو الإنجليزي.
يا بابكر ـ اصبروا على هذه (الخرمجة)، عشان في النهاية ح تاكلوا (شهد) من هذه الخرمجة.
في اعتقادي أن فليك هو المدرب الوحيد في العالم الذي استفاد من تقنية الفيديو، وهو الوحيد الذي استغل (الفأر) بأن أصبح يلعب بأسلوب جعله يستفيد منه ـ لذلك قد تجد هنالك من يعتقد أنّ (الفأر) أضحى في خدمة برشلونة.
ما يفعله فليك هو تطور (تقني) طبيعي في عالم الكرة.

متاريس
في السعودية رحل نجم الهلال السابق نزار عربي ـ نسأل الله له الرحمة والمغفرة ـ نرجو الدعاء له بأن يسكنه فسبح جناته مع الصديقين والشهداء والنبيين.
المنتخب خسر بوغبا ـ وخسر نفسه.
البوليس خسر في الدوري الرواندي وهذه هي أول خسارة للبوليس، والخسائر قادمة إن شاء الله للمريخ.
دي حاجة اسألوني منها.
إنتوا اصبروا بس.

ترس أخير: أيامٌ قليلةٌ على مواجهة الهلال لصن داونز ـ خليكم قُــراب.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد