صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

  ما ينفع يمشي براهو

83

تأمُلات

كمال الهِدي

ما ينفع يمشي براهو

لا هم للأهلة هذه الأيام سوى مناقشة القرار المحتمل للكاردينال بمغادرة النادي.
وبالرغم من أنني أحد أكثر من طالبوا برحيله، إلا أنني غير سعيد بما يجري حالياً.
مناصرو الكاردينال يتحدون الأهلة بمعارضة حقيقية في حالة رحيله بشكل نهائي.
وبعض معارضية بدأوا سريعاً في تداول بعض الأسماء كخلفاء محتملين.
ومن يزعمون أنهم عقلاً وغير موالين للكاردينال يطالبون الأهلة بأن يكونوا عمليين ويفكروا في بديل قريب من الكاردينال من ناحية القدرة المالية.
وهذا يؤكد أننا لا (رحنا ولا جينا).
كل ما تقدم يؤشر على أننا ما نزال ندور حول حلقة مفرغة.
بعد ثورة ديسمبر العظيمة تعشمنا كثيراً في أن يتغير ساستنا هذه المرة، وأن يتعلموا من الدروس التي قُدمت لهم في حب الأوطان والتضحية دون تفكير في المكافآت.
توقعنا أن يعرفوا ولو لمرة معنى أن تنتصر لبلدك ولو على حساب نفسك.
حملنا أمالاً عريضة في أن يكون نكران الذات هذه المرة سيداً للموقف بعد التجربة القاسية والمريرة التي عشناها لثلاثة عقود مع أفسد وأسوأ من حكموا السودان.
لكن سرعان ما أكد لنا سياسيو هذا البلد أنهم لم ولن يتعلموا أي درس، وأن مصالحهم دائماً فوق كل إعتبار.
نفس ما حدث في الجانب السياسي يبدو أنه في طريقه لأن يتكرر في الهلال.
وإلا فكيف يبدأ مناصروا الكاردينال في التهديد والوعيد بمعارضة شرسة حتى قبل أن يعرفوا من هو البديل!
هذا يؤكد أن البعض في بلدي يلحون إلحاحاً شديداً على رهن مؤسساتنا وكياناتنا للأفراد.
فالكاردينال ليس إستثنائياً كما يتوهم هؤلاء أو يظهر بعض من إستفادوا من سنوات رئاسته للهلال.
وهو ليس واحداً من مؤسسي هذا النادي.
بل هو رجل مال قفز لرئاسة نادينا في زمن الغفلة وفي وجود أرزقية لم يكن الهلال في يوم مبلغ همهم حتى وإن تظاهروا بذلك.
أما الفئة الثالثة ( العقلاء ظاهراً) فيتبشسون بجزء من الحقيقة دائماً.
صحيح أن كرة القدم صارت تكلف أموالاً طائلة.
لكن لو كانت الكرة تتطور بهذا المال وحده لتسيد المريخ أفريقيا خلال سنوات جمال الوالي ولصار الهلال حديث الناس في زمن صلاح إدريس.
لكن الواقع عكس ذلك تماماً.
فكلما أنفقت أموال أكبر كنا نتراجع للوراء في كل شيء حتى بلغنا هذا الحضيض.
وهو ما كان متوقعاً أصلاً لأن من سبقوا الكاردينال في النادي لم يضعوا اللبنات الصحيحة.
بل فعلوا العكس تماماً وجعلوا من أنديتنا ما هو أشبه بالممتلكات الخاصة.
التشاكس الحالي والإنقسام بين مؤيدين للكاردينال لا يرون في الوجود غيره ومعارضين جاهزين ببدائلهم الضعيفة وفئة ثالثة تدعي العقلانية والحياد، لن يصلح الحال في الهلال.
حال نادينا لن ينصلح إن رحل الكاردينال وترك خلفه بعض النفعيين والأرزقية الذين جاءوا به.
فمثل هذا الوضع يمكن يأتي بمن هو أسوأ من الكاردينال.
يتداول الناس إسماً مثل الكوارتي كبديل.
وهذا أمر أشعر تجاهه بالغثيان.
ليس لأنني أعتبره شخصاً سيئاً.
ولا لأن قدرته المالية ضعيفة.
لكنه تذبذب كثيراً في مواقفه وخاض حرباً قذرة مع بعض المحيطين بالكاردينال، قبل أن يتقرب منهم، ثم يختلف معهم مجدداً.
ومثل هذه التصرفات تتطلب مواقف مبدئية في نظري.
مثله غير جدير برئاسة هذا النادي الكبير والعظيم.
فرئيس الهلال يفترض أن يكون راسخاً وقادراً على التعامل مع هذا الوضع المعقد والمسئولية الكبيرة.
رئيس الهلال يفترض أن يكون صاحب فكرة قبل أن يمتلك المال.
ومن يروج لنفسه بتسويق ما يعزز المفاهيم الخاطئة ويضاعف حالة العاطفة بتسجيل لاعب أو دفع أموال مدرب لا يمكن أن نتوقع منه جديداً.
لا نريد أن نأتي برئيس جديد تغمره الفرحة بمجرد الجلوس على هذا الكرسي ليحيط نفسه بعد ذلك بفئة قليلة يختزل فيها الهلال مثلما فعل الكاردينال.
لن تُحِل مشاكل الهلال أي كائن يسعد بنظرة الجماهير له كمُنقذ .
فلو كان ذلك ينفع ويفيد لنفعنا منذ سنوات.
لن ينصلح الحال في هذا النادي ما لم نغير ما بأنفسنا.
لن نهنأ بمارد أفريقي يرعب المنافسين ما لم تتغير هذه العقليات.
ماذا لو تشكلت مجموعات هلالية من الأوفياء والمستنيرين بشتى المناطق وأُقيمت لقاءات تنويرية حول ما يجب أن تكون عليه الأوضاع في نادِ بحجم الهلال!
ماذا لو أصرت هذه الجماهير المليونية على أن تصبح عاملاً مؤثراً في المعادلة!!
فكثيراً ما حلمت هذه الجماهير وتطلعت للخيركله.
لكن المؤسف أنهم دائماً ينتظرون هذا الخير من رجل مال وحيد يحيط نفسه ببعض الأبواق والشخصيات الهشة التي يؤتى بها كتملة للعدد دون أن تثق هذه الجماهير في قدرتها على أن تكون جزءاً من الحل.
الهلال يشجعه الأطباء والمهندسون والأدباء والمفكرون والعمال والزراع ورجال الأعمال وكل فئات المجتمع، فماذا لو تضافرت جهود هؤلاء جميعاً وشمروا عن سواعدهم لجعل ناديهم قبلة في كل شيء!!
ماذا لو تم استقطاب رجال المال غير المتحمسين للأضواء لدعم مجلس تتوافق عليه الجماهير، لا مجلس تأتي به بعض الأقلام التي إعتادت على التكسب من الهلال حتى وإن تظاهروا بغير ذلك!!
ماذا لو حل الوعي وتحمسنا لنشره بدلاً عن الكتابات مدفوعة الأجر التي أضاعت أنديتنا طوال العقود الماضية!!
فبدون ذلك لا تحلموا بعالم سعيد أو هلال عملاق.
فمن أتوا بالكاردينال لا مانع عندهم في أن يأتوكم بالشيطان نفسه طالما أنه سيحافظ لهم على مصالحهم.
ولمعلومية البعض الكاردينال لم يصبح رئيساً للهلال لأنه عاشق للأزرق كما أوهموكم دائماً.
فقد قدمته بعض الأقلام كرجل مال وعملوا على تلميعه وحينها ربما أنه لم يكن يعرف الفرق بين مهاهم لاعب الدفاع والمهاجم.
أتذكر جيداً أول يوم كتب فيه أبو شنب عن رجال مال صاحب شركة تعمل في بيوت الحجر.
ثم تلقف القفاز آخرون واستمرت حملات التلميع.
ومن المفارقات العجيبة أن فاطمة صارت ترأس لاحقاً من روجوا للكاردينال وجعلوا منه هلالياً متيماً وعاشقاً متبتلاً.
أقول ذلك حتى لا تتكرر ذات اللعبة مع رجل أو رجال مال آخرين، وفي كل مرة يقولون لنا أن فلاناً عشق الهلال منذ نعومة أظافره فنصدق.
كفاكم سلبية وإنتظار وتفكير رغبوي، فهذا لا يشبه المتعلمين المثقفين.
فالعلم والثقافة إن لم يخدما المجتمع والبلد ومؤسساته يتحولان لوجع ومرض يتطلب العلاج.
أتمنى أن يرحل الكاردينال اليوم قبل الغد شريطة أن تغادر معه الكثير من الوجوه التي ساهمت في تدمير كل جميل في الهلال، وأن يتخلص كل هلالي حادب على مصلحة ناديه من ما علق في الأذهان بفعل الآلة الإعلامية للأرزقية الذين أوهمونا دائماً بأن أنديتنا لا يمكن أن تُدار إلا بواسطة الأثرياء.
ودونكم نادي القرن في أفريقيا الذي يرأسه لاعب كرة سابق لا رجل أعمال بارز في مصر.
ولو كنا رجالاً ونساءً بحق يفترض أن نثق في قدراتنا وإمكانياتنا لنشمر عن السواعد ونسعى لإيجاد صيغة نضمن بها أن يعود النادي لأهله فعلاً لا قولاً، لا أن نستبدل أحمد بحاج أحمد في كل مرة.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد