صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

من أسوار الملاعب

65

من أسوار الملاعب

حسين جلال

 

من تحت ركام معاناة الوطن، وفي الدوحة، كتب منتخبنا الوطني واحدة من أروع الملاحم الكروية عندما انتزع بطاقة التأهل إلى نهائيات بطولة العرب للمنتخبات، بعد فوز مثير على المنتخب اللبناني بهدفين مقابل هدف، رغم النقص العددي منذ الدقائق العشر الأولى إثر طرد اللاعب جون مانو.

كانت المواجهة أشبه بلوحة فنية عالية الجودة، صنعها لاعبو منتخبنا بروح قتالية لا تلين، وإصرار لا يعرف الانكسار، في وقت يرزح فيه السودان تحت وطأة الحرب وجراحها. لعب نجومنا حتى آخر الأنفاس، وقدموا الغالي والنفيس لإسعاد الجماهير السودانية، تماماً كما فعل الهلال قبل أيام أمام مولودية الجزائر.

لم تكن المهمة سهلة أمام منتخب لبناني عنيد لم يعرف الخسارة في آخر ست مباريات. وقد ترك الطرد المبكر أثره الواضح على أداء منتخبنا، كما جاء هدف التقدم اللبناني من كرة عرضية لم يكن فيها تمركز الدفاع أو خروج الحارس منجد بالشكل الأمثل.

لكن المنتخب تماسك سريعاً رغم الأفضلية الميدانية للبنان، الذي ضغط عبر الأطراف، الأمر الذي أجبر عبد الرؤوف على مساندة محوري الارتكاز بوغبا وصلاح عادل وأبو عاقلة لتعويض النقص العددي، فيما بقي المهاجم محمد عبد الرحمن وحيداً في الأمام.

ورغم الضغط، تبادل منتخبنا الهجمات مع خصمه، وسط رقابة صارمة وعنف واضح من الدفاع اللبناني ضد محمد عبد الرحمن. انحصرت الكرة كثيراً في وسط الملعب، وكانت الغلبة في استرجاع الكرة الثانية لصالح منتخبنا بفضل مجهودات صلاح عادل، بوغبا، وأبو عاقلة. كما برز الظهير الأيمن ياسر جوباك بزيادة عددية مؤثرة، بينما اضطر بخيت خميس للاعتماد على الكرات الطويلة نتيجة الضغط العالي الذي فرضه المنتخب اللبناني.

وفي شوط المدربين، أجرى الجهاز الفني السوداني تعديلات مؤثرة بخروج محمد عبد الرحمن وعبد الرؤوف ودخول موسى كانتي والجزولي نوح، لينشط الجانب الأيسر بين خميس وكانتي. في المقابل، تراجع الأداء البدني للبنان الذي لجأ للعب المباشر والتمريرات القصيرة في مناطقه.

تألّق الحارس منجد في اللحظات الأخيرة بتصدي حاسم، كما لمع قلبي الدفاع كرشوم – صاحب كرة التعادل التي غيرت اتجاهها بعد اصطدامها بمدافع – وأرنق بانسجام واضح، فيما واصل جوباك تألقه بتسجيل هدف الفوز الذي أشعل المدرجات وأسعد الجالية والجماهير السودانية الغفيرة في ملعب الغرافة، ليكتب منتخبنا التاريخ ويخطف مقعده في النهائيات العربية بالدوحة.

أداء المنتخب كان بطولياً بكل المقاييس، بعدما لعب بعشرة لاعبين لأكثر من 75 دقيقة أمام منتخب مكتمل الصفوف. أما التحكيم، فلم يكن منصفاً، وتحامل كثيراً على منتخبنا، بدءاً بطرد مانو، مروراً بعدم احتساب ركلة جزاء لصلاح عادل، وعكس قرارات عديدة لمصلحة لاعبي لبنان.

مبروك تأهل منتخبنا الوطني. لقد استحقه عن جدارة.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد