صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

من قتل يقتل.. عدالة السماء

136

 

قبل عامين كنا نتداول صور اشتباكات قبلية وضحايا يمثلون بجثثهم.. أين هم الآن؟

 

أبوعاقله أماسا
* قبل أقل من عام على بداية الحرب، كانت الأسافير تتداول صوراً لأحداث مؤلمة في مناطق القبيلة بولاية غرب كردفان، تظهر مجموعات من الشباب يمثلون بجثث آخرين بعد قتلهم انتقاماً، ويومها استنكرنا ما حدث بأشد عبارات الإستنكار وطالبنا بإستعادة هيبة الدولة وتنفيذ القانون وتطبيقه إحقاقاً للحق، والمعروف أن القرآن الكريم وسنة نبينا محمد صل الله عليه وسلم من أهم مصادر التشريع في القانون السوداني وعدة قوانين، منها دول أخرى لا يمثل الدين الإسلامي الديانة الرسمية فيها، فما بالك بالسودان؟.. فقد جاء في القرآن كل ما يعظم روح الإنسان ويحرم قتلها ظلماً، ووعد القاتل بأكثر العقوبات ردعاً من بين التشريعات، فالقاتل يقتل.. ولا مناص من ذلك.. فإن لم تنفذ شريعة الله في الناس فإن (العدل) إسم من أسماء الجلالة وسيتحقق بأية صورة بلا استأذان من أحد..!!
* في واحدة من مقالاتي الكثيرة في هذا الشأن سردت قصة صديقنا الذي تسبب في وفاة شيخ كبير بعد أن صدمه بسيارته خطأً وهو عائد من مقر عمله ليلاً، وكيف أن النوم فارق أجفانه، وسهر الليالي الطوال برغم عفو أولياء الدم وانتهاء القضية بشكلها الرسمي.. وكيف استغرق في النوم العميق بعد أن أكمل صيام شهرين متتابعين هما كفارة القتل الخطأ.. وقد عانى الأمرين حتى أنزل ذلك الهم المريع عن كاهله بإرضاء الخالق، وأنا على يقين أن أولئك الشباب الذين كنا نراهم في الڤيديوهات يذبحون أبناء عمومتهم ويمثلون بجثثهم قد نالوا جزاءهم عبر هذه الحرب وتحقق فيهم (القصاص الرباني)..(وما كان ربك نسيا)..!
* رأينا في هذه الحرب دروساً وعبراً تكفينا كشعب أن نعود إلى صوابنا وننتقل من مربع الجاهلية الأولى إلى ما يناسبنا كأمة محمد، خاصة في كثير من بوادي كردفان ودارفوروبعض مناطق السودان حيث أصبحت روح الإنسان أرخص من روح (سخل أعور وخصي وأجرب)، ونحن بحاجة إلى تنشيط تلك التشريعات من مصدرها القرآني والسني وإلا فإن لنا (معيشة ضنكا).. كأيام هذه الحرب، وكلنا قد عاش أيام وليالي في مناطق تهوم فوقها الأرواح المزهقة ونشتم منها رائحة الموت في كل مكان، وشهدنا جرائماً وحوادث قلنا أنها الأفظع.. ولكن كانت هنالك حكم وإرادة تتحقق.. وقصاص رباني ينفذ ولكننا لا ندري..!
* ومن العجب والأعاجيب أن من كان يذبح ويمثل بجثث أبناء عمومته جاء اليوم مجاهداً في سبيل الله لينقذنا من الدكتاتورية ويأخذنا إلى الديمقراطية والدنيا الجديدة، وقد شهدت بنفسي عدة مشاهد مؤسفة يمكن أخذها في هذا السياق.. مثل ذلك الجنجويدي الذي سقط من دراجته البخارية وكسرت رقبته بعد أن فلت (الكدمول) ونزل طرفه في لستك الدراجة.. وذلك القائد الذي قتله أبناء عمومته بعد أن طمعوا في ما عنده من أموال، وذلك الذي سقط من التاتشر وأصيب إصابات بالغة ولم يلتفت إليه زملاءه حتى مات.. وغير ذلك من الإحصائيات التي تؤكد ارتفاع نسبة موت جنود وضباط القوات المتمردة، ليس في ساحة الحرب وإنما في اشتباكات طاحنة خارج الموضوع ولأتفه الأسباب.. وبما أن الحرب نفسها كانت خارج الموضوع.. فمن العار أن يتحدث هؤلاء القادة عن جهاد في سبيل الله وأن من يموت منهم شهيد فالله ليس بغافل..!!
* لهذه الحرب وجوه أخرى أقبح بكثير مما هو متداول من صور وڤيديوهات.. والقصص تتشكل ما بين استرخاص روح الإنسان وتعمد تدمير إرث الأمة ومخزونها الثقافي والديني وقدراتها على التعايش.. ونحن نريد أن نؤكد أن عدالة السماء هي الأقرب.. ومن قتل سيقتل.. وإذا لم يمت بحكم صادر من القضاة فسوف يقتص الله منه بطريقة أخرى لإزهاقه أرواح البشر..!!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد