مُقلِّد جيّد!

كبد الحقيقة
د . مزمل أبو القاسم
مُقلِّد جيّد!

* بالأمس تواصل معي أحد قادة مجلس إدارة الاتحاد السوداني لكرة القدم، معاتباً وناقداً ما كتبته عن دعوتهم للفرنسي أرسين فينغر لزيارة السودان، وذكر ما يلي: (شرحنا له بأننا لا نمتلك ملاعب مؤهلة، وأن فرقنا تلعب خارج حدود الوطن، وأن المنتخبات مهددة بفقدان عامل الأرض في كل المسابقات الخارجية، وبعد كل ذلك قبل الدعوة مشكوراً).
* أضاف: (أخي مزمل من حقك أن تنتقدنا كما تشاء ولكن لا تحملنا مسئولية الملاعب، لأن تشييد الملاعب وتأهيلها مسئولية الدولة.. قليل من الإنصاف لما نقوم به من جهد يجد التقدير عندنا.. اختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية، أتمنى أن ينتقد قلمك ما نرتكبه من أخطاء، وأن لا يتجاهل ما نقدمه من جهود مخلصة تستهدف تطوير الكرة السودانية.. لك التحية والاحترام).
* أقول له إننا ننتقدهم من منطلق الحرص على المصلحة العامة، وأننا نجتهد لحضهم على تطوير الكرة السودانية التي تعيش واقعاً مزرياً في كل مستوياتها، وتعاني محاقاً كاملاً على الصُعُد كافة.
* لم نحمل مجلس إدارة الاتحاد مسئولية تدهور الملاعب في المطلق، لتمام علمنا بأن تشييد وتأهيل تلك الملاعب مسئولية الدولة، والدولة في بلادنا غائبة تماماً، في كل مناحي الحياة وليس الرياضة فحسب، وينحصر تعاملها مع المواطنين في فرض الرسوم والضرائب والجبايات عليهم، من دون أن تقدم مقابلها الحد الأدنى من الخدمات.
* بل إن الدولة ممثلة في وزارة الشباب والرياضة الاتحادية لم تقصر عجزها على فشلها في استكمال مشروع ملعب السودان الأولمبي (المدينة الرياضية سابقاً) بل تعدته لممارسة فقه دسّ المحافير عندما بادرت الوزيرة هزار عبد الرسول برفض المبادرة الكريمة التي تقدم بها رئيس نادي المريخ أيمن أب جيبين، ساعياً إلى تأهيل الملعب المذكور واستكمال نواقصه من حر ماله.
* تابعنا وقتها كيف ركبت الوزيرة سيارتها وذهبت بنفسها إلى مقر الملعب لتأمر حراسه بمنعه من الدخول!!
* المحصلة أن ظل الملعب باقياً على حاله، ولم يشهد أي جديد مفيد منذ تلك اللحظة، وما زالت أرضيته جرداء من النجيل، ما خلا بعض أجزائها التي ينمو فيها نبات (الرِجلة)!
* ما نفتقده من اتحادنا في الملف المذكور يتصل بعجزه عن استغلال أموال برنامج التطوير في الفيفا لتأهيل الإستادات، تأسياً بما فعله اتحاد دولة جنوب السودان، الذي قدم دراسة هندسية ومالية مفصلة لمشروع إعادة بناء ملعب مدينة جوبا، وتعاقد مع شركة صينية مختصة، مقرها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وطلب من الفيفا أن يسدد لها قيمة العقد مباشرةً.
#أجواء_المريخ_السوداني
* كانت المحصلة ملعباً جميلاً ومؤهلاً لاستضافة المباريات الدولية (الفئة A) والتي تتضمن مباريات تصفيات المونديال والأمم الإفريقية للمنتخبات.
* من قبل انتقدوا شداد عندما اصطحب رئيس الفيفا جياني إنفانتينو إلى زيارة إستاد الخرطوم مناشداً إياه مساعدة الاتحاد السوداني على تأهيله، تقديراً لأهميته التاريخية لكونه الملعب الذي احتضن أول بطولة أمم في تاريخ القارة السمراء.
* ذكرنا لشداد وقتها أن تأهيل شيخ إستادات القارة السمراء لا يتم بالمناشدات الشخصية والزيارات التي تتم بالصدفة، بل بتجهيز مشروع متكامل ودراسة هندسية شاملة تعدها شركة مختصة، وتحدد فيها القيمة المالية للمشروع ويتم تقديمها إلى الفيفا لتنفيذها بالخصم من الأموال المخصصة للاتحاد السوداني في مشروع التطوير.
* لو فعل ذلك لتم في إستاد الخرطوم ذات ما تم في إستاد جوبا، ولكن من أين لدكتاتور الكرة السودانية أن يفكر في ما يطور المستوى، ويفيد اللعبة، وهو المتخصص في تصفية الحسابات وافتعال الأزمات؟
* من المآخذ المحسوبة على الاتحاد عدم اهتمامه بالمراحل السنية، إذ مضى على انتخابه حوالي العام ونصف العام من دون أن يفلح في تنظيم أي مسابقة للفئات المذكورة.. ومسأبهم كيف يمكن أن تتطور كرة القدم بمعزل عن تنشئة الصغار من أعمار مبكرة على طرق تدريب حديثة، وصقل مواهبهم بمسابقات رسمية؟
* لم نر جديداً مفيداً من الاتحاد الذي رفع التغيير شعاراً له حتى اللحظة، فالمسابقات القومية ما زالت تدار بذات العشوائية القديمة، والمنتخبات الوطنية يتم التعامل معها بلا خطة واضحة، والاهتمام بنشاط الصغار معدوم تقريباً.. وعن عشوائية وسوء أداء لجان الاتحاد المساعدة (وعلى رأسها لجنة أوضاع اللاعبين) حدث ولا حرج!
* الاهتمام بالتقنية غائب، والاتحاد لا يمتلك موقعاً إلكترونياً يعكس نشاطه، والحصول على أي معلومات محققة ومدققة عنه يستلزم ساحراً أو عرافاً، لأنه ما زال يعمل بطريقة (المكتب السري) في عز زمن الشفافية والعولمة.
* اجتهدوا لمواكبة ما ترونه من حولكم، كي تساعدوا الكرة السودانية على تجاوز (محطة قنّب) التي تعطلت فيها لعشرات السنوات.
آخر الحقائق
* لسنا مثل الأرزقية الذين يتم استئجارهم وحشدهم في صحف يمولها الكفيل ليكتبوا له ما يحبه ويوافق هواه.
* أقلام رخيصة، دينها دينارها.
* لو رأى أحدهم درهماً في الثريا لطار إليه من فوره.
* أقلام نتنة، تُكترى بالمال وتشترى بالرحلات الخارجية والنثريات، وتقبض من الكفيل بلا خجل.
* منهم من تحركه أضغان شخصية، ويعاني من علل نفسية مزمنة، نسأل الله له الشفاء العاجل.
* ساندنا المجموعة الحالية في الانتخابات الماضية ولم نتردد في انتقادها عندما سيطرت العشوائية على أعمالها وأخفقت في تطوير النشاط.
* نتوقع منها أن تجتهد لتطوير المستوى بتقليد الناجحين.
* والتأسي بالناجحين فلاح.
* أنظروا حولكم وتأملوا.
* تابعوا ما يفعله غيركم وسيروا على دروبهم.
* انظروا لما طرأ على دول كانت حتى وقت قريب دوننا في كل شيء، وتخطتنا وعبرت تاركة إيانا نرزح في التخلف.
* صراعات وأزمات ومشاكل وحرائق تندلع كل صباح، والمستوى يتردى إلى أسفل سافلين.
* آخر خبر: لا يحتاج الاتحاد إلى أن يكون مبدعاً كي ينهض بمستوى الكرة السودانية، لأن كل المطلوب منه أن يتحول إلى (مُقلّد جيد).