احتفل مركز راشد دياب للفنون وبرعاية شركة سكر كنانة المحدودة بيوم المسرح العالمي الذي يصادف اليوم السابع والعشرون من شهر مارس من كل عام ، تحدث فيه الدكتور سيد أحمد أحمد والأستاذة تهاني الباشا ، حيث أدارت الجلسة الأستاذة اشتياق عبد الله ، وذلك بمشاركة المطرب رامي عمر الذي قدم مجموعة من الأغنيات الجميلة التى نالت اعجاب الحضور .
وألقى كل من الدكتور سيد أحمد أحمد والأستاذة تهاني الباشا الضوء على مجمل المشاكل التي تواجه المسرح السوداني والممثلين والمنتجين وكتاب الدراما والمخرجين على السوا بشكل عام ، وشددا على أن كل الحكومات السابقة أهملت المسرح وامسكت يدها عن تقديم دعم سخي يعمل على تطوير المسرح وتقدمه ، فقالت الأستاذة تهاني الباشا أن المسرح السوداني لم يجد دعماً لاثبات وجوده في طرح القضايا الجوهرية ذات الصلة بالمجتمع ، وبالتالي أن المسرحيين لم يجدوا مساحات كافية من الحرية في التمثيل وانتاج الدراما ، وأضافت بالقول أن المسرح هو آداة للتغيير ، وذهبت أن هذه الحرية كانت سبب في انتكاسة المسرح قبل ثلاثين عاماً ، وأكدت تهاني الباشا أن المسرح هو صاحب قضية كبيرة وتحرك في هذا السياق حول قضايا كثيرة ، وأن أول قضية ناقشها المسرح السوداني هي قضية تعليم المرأة ، هذا إلى جانب مجموعة من المسرحيات التي احتفى بها السودانين منها مسرحية ” نبتة حبيبتي ” ومسرحية ” علي عبد اللطيف ” التي قادت إلى ثورة 24 وذهبت تهاني الباشا إلى أن آخر مسرحيات قدمها المسرح السوداني كانت تميل إلى مناقشة القضايا السياسية الراهنة .
وحول حالة الممثل السوداني ترى أن الممثل يعيش حالة من الفقر والاحباط وهما نتاج طبيعي مرتبط بحال الأنظمة السياسية الغير مستقرة في السودان ، وطالبت تهاني الباشا النظام الجديد بالاهتمام بالمسرح والممثلين الدراميين وتقديم الدعم اللازم لهم ، أما عن رؤيتها عن حدوث قطيعة للمسرح والجمهور واتجاه عدد من الممثليين إلى مسرح الشارع ؟ أجابت أن إنتاج الدراما يحتاج إلى تكلفة مالية عالية جداً تبدأ من الاعلان والضرائب المالية الباهظة والتجهيزات واستحقاق الممثلين وغيرها من التكاليف المالية على عكس مسرح الشارع كبديل لهذا التردي الذي حدث للمسرح السوداني .
وفيما يتعلق بعودة الناس إلى المسرح القومي شددت تهاني الباشا على أن هذه العودة لا تتحقق إلا عبر استراتيجية مدروسة تضعها الدولة تبدأ من عدم فرض ضرائب ورسوم على المسرح وتمويل المسرحيات المنتجة تمويلاً سخياً يبدأ من البروفات والانتاج والاخراج وغيرها ، وتوفير الحد الادنى من الأجر للممثليين الدراميين ، أما فيما يتعلق بمسرح المرأة ، ومسرح الراحل الفاضل سعيد قالت لا توجد تجارب ناجحة وكثيرة حول مسرح المرأة باستثناء مسرح المرأة عند الممثل الراحل الفاضل سعيد ، وترى أن الفاضل سعيد صاحب تجربة مسرحية ثرة استطاع من خلالها أن يجمع الناس حول المسرح والاهتمام به ، مشيدة بهذه التجربة ، وخلصت إلى أن المسرح السوداني برحيله قد فقد أحد أهم الأعمدة المسرحية الداعمة إلى مسرح المرأة ، وأضافت أن الراحل لعب دوراً كبيراً في محبة الناس للمسرح والمسرحيات .
وفي اجابته لسؤال طرحته الأستاذة اشتياق عبد الله أين المسرح في السودان ؟ بدأ الدكتور سيد أحمد أحمد اجابته بمدخل تاريخي لهذا السؤال واعتبره سؤال كبير الاجابة عليه ترجع إلى تاريخ المسرح قبل الميلاد عند الاغريق وظهوره في أوربا بشكل لافت ومن ثم إلى الوطن العربي كوافد جديد ، وقال أن الخطاب الثقافي السائد عند العرب كان الشعر وليس المسرح ، أما في السودان فقد بدأ المسرح مسرحاً تعليمياً في وقت قريب حيث بداً بمناقشة قضية التعليم في مسرحية ” نبتون ” كأول مسرحية تم عرضها ، ويرى الدكتور سيد أحمد أن العالم خطى خطوات بعيدة في مجال المسرح ، بينما أرجع تأخر المسرح السوداني إلى عدم وجود خطط استراتيجية من قبل الأنظمة السياسية الحاكمة لتطوير المسرح ، اضافة إلى استمرار الحروب الأهلية ، هذا إلى جانب عدم استقرار حالة الأوضاع السياسية في البلاد ، وقال أن هذه الأسباب رمت بظلالها على المسرح وانتاج المسرحيات وتمويها مالياً ، وأضاف أنه من الصعوبة بمكان تطوير المسرح معنىً ومبدأً في ظل غياب الدولة ، وذهب سيد أحمد إلى أن تكلفة الدراما تحتاج إلى مبالغ مالية طائلة وذلك حول احتراف المسرح السوداني وحدوث اختراق حول حالته الراكدة ، وشدد على أن تأهيل المسرح وانتاج مسرحيات درامية ناجحة وهادفة وتسليط الضوء على عدد من القضايا مرتبط بصورة مباشرة بالتمويل الحكومي المباشر ، لافتاً إلى التعرض إلى مجموعة من المشاكل التي تعيق تقدم ونجاح التجارب المسرحية في السودان .
و حول حديثه عن الاتجاه إلى مسرح الشارع يرى أن هنالك تجارب فردية قدمها عدد من الشباب وهو نتاج طبيعي حسب رأيه يرجع إلى امساك الدولة عن تمويل المسرح ولذلك اتجه الدراميين إلى مسرح الشارع أو المسرح التفاعلي الذي يعد واحد من أوجه المسرح المعاصر ، وقال أن هنالك ضرورة لتقديم دراما تفاعلية وأفلام قصيرة كنوع من متطلبات العصر ، وأكد أن المسرح السوداني شهد عصراً ذهبياً في حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حيث كان للمسرح السوداني حضوره وبريقه استطاع خلال هذه الفترة تسليط الضوء على الكثير من القضايا ، وأوضح أن المسرح هو فن المستقبل وهنالك فرصة أن يقدم المسرح نفسه مرة أخرى ويستعيد مجده وألقه في حالة غياب وهجر الكثير من الناس للتلفزيون ، لأن ما يقدمه المسرح ليس ترفيهاً وتسلية فقط وانما هو تعليم ومناقشة القضايا الاجتماعية الحية مثل العادات السيئة كختان الاناث
ومن جهة أخرى ألقى الدكتور سيد أحمد في ختام حديثه الضوء على مسرح العرائس فقال أن هذا المسرح له ارتباط وثيق بثقافة الطفل ، وأضاف أن مسرح الطفل وجد في الآونة الأخيرة اهمالاً تاماً من قبل الأنظمة السياسية الحاكمة الأمر الذي ينعكس على النشأة المشوهة للأطفال وبالتالي فقدان الوعي بارتباطهم بالوطن .
وفي كلمته ربط الدكتور راشد دياب نهضة المسرح السوداني بأهمية الاهتمام بالثقافة والفنون ، ويرى أن الانسان السوداني رجل مثقف بطبعه ويتمتع بوعي حضاري كبير ـ وقال أن المسرح دائماً ما يقوم بطرح القضايا المجتمعية والسياسية والاقتصادية ويقدم حلولاً ومعالجة لها عن طريق التمثيل ، لافتاً إلى أن السياسة لها أثر كبير على تطور الفنون وتقدمها ، وذكر الدكتور راشد أن الانهيار الذي حدث في السودان في كل مناحي الحياة كان سببه عدم الاهتمام بالثقافة ، وطالب الدكتور راشد النظام السياسي الجديد بضورة الانفاق اللازم على الثقافة .