صَـابِنَّهَـا
محمد عبد الماجد
أخطَـاء دُيـوف هَـل تَحــدث في السِّــر؟
نحنُ كصحفيين يُمكن أن نكتب في أمور صحية، ونحن لسنا أطباء، وحقنة ما بنعرف نعطيها للمريض، ويُمكن أن نكتب في الاقتصاد ونحن لسنا خبراء اقتصاديين، وجدول تسعة يُمكن أن نقيف فيه، بل يُمكن أن نكتب في أمور فنية مُعقّدة في الموسيقى أو المسرح أو السينما أو الأدب الروسي ونحن لا نملك خلفية كافية ولا شهادة تُؤهِّلنا لذلك، وهذا يعني أننا لسنا أكثر علماً أو حتى معرفة من أهل الاختصاص، لكن مع ذلك يُمكن أن نملك رؤية أفضل منهم، يُمكن أن يحدث ذلك، لكن هذا أيضاً يجب أن لا يجعلنا نتجاوز حدودنا ودورنا، فنحنُ فقط يُمكن أن نشير أو نعطي رؤية خارجية للأحداث، وعزاؤنا في ذلك أنّ كل هذه الأشياء تُقدّم لعامة الناس وهي لا تخاطب فقط أهل الاختصاص، لذلك نحنُ نمثل العامة، ونكتب عن حسِّهم وشعورهم بالشئ.
إذا قدم فنان اغنية جديدة، سوف نتكلم عن لحن الأغنية وعن التوزيع ونحن لم ندرس الموسيقى، وسوف نكتب عن الكلمات ونحن لم ندرس عروض الشعر ولا بحوره وقد تكون خلفيتنا اللغوية غير كافية لدراسة النص،. ويُمكن أن نتكلم عن الأداء والتكنيك الأدائي، والشخصية المسرحية للفنان على خشبة المسرح، ونحن في أنفسنا (شتر)، وقد نتحدّث عن اقتصاد النص وعن الدوافع الاجتماعية والبُعد الثقافي فيه، ونحنُ نفعل ذلك ليس لأننا أهل اختصاص ولكن لأننا نمثل عامة الشعب، نمثل الشخص العادي، صاحب الثقافة المحدودة والمعرفة القليلة، وهذا يمنحنا الحق في أن نكتب ونمدح وننتقد.
كدا وقعت ليكم؟!
مع كل هذا أرفض التدخل السَّـافر في حق المدير الفني، من الصحفيين ومن الجماهير أيضاً، علينا العلم أنّ الآراء كثيرة ومُتعدِّدة ومُختلفة، لا يستطيع أن يتعامل معها كلها المدير الفني، إلا إذا كان رأسه محطة استقبال وإرسال تلفزيوني، فهو من الأفضل له أن يتعامل مع وجهة نظره هو، بدلاً من أن يتعامل مع ألف وجهة نظر مختلفة، خاصةً إنّنا نكتب بعد المباراة، وبعد نتيجتها وبعد أن نعرف الأخطاء ونكتشف الخلل.
سوف أقدم لكم مثالاً يؤكد حُسن تخطيط ريجيكامب ويثبت أننا قد نكتب عن شئ تغيب عنّا مبرّراته ولا نعرف مسبباته.
عندما بدأ ريجيكامب إشراك كوليبالي في مباريات ودية، ثم أشركه في الدور الأول للتمهيدي، كثيرون اعترضوا على ذلك باعتبار عدم جاهزية اللاعب، ولو تريّثوا قليلاً لأدركوا أن ريجيكامب أشركه من أجل تجهيزه وحتى يكتسب الفورمة بعد أن ظل بعيداً عن الملاعب لفترة تجاوزت 4 أو 5 أشهر.. وهذا ما يفعله الآن ريجيكامب مع الغربال البعيد عن الفورمة.
وهنا يُمكن أن تسأل ولماذا يجهز ريجيكامب اللاعب كوليبالي (المتمرد) وهو لديه وفرةٌ في الأجنحة، جان كلود وياسر مزمل ومازن فضل وعلي كبه وأحمد سالم؟
والإجابة على هذا السؤال تؤكد حُسن تخطيط ريجيكامب وتثبت أنه مدرب عارف بعمل في شنو؟
كل تلك الأسماء التي ذكرتها، والتي تلعب في مراكز الأجنحة، هي عناصر دولية، وكلها كانت تشارك مع منتخبات بلادها وبعضهم انضم للهلال قبل 24 ساعة فقط من مباراته الأفريقية، ومن لم ينضم منهم للمنتخب أبعدته الإصابة ولم يكن أمام ريجيكامب غير كوليبالي في التمارين الأخيرة ليستوعب طريقته وينفذها وليشارك في المباراة على الأقل بدون إرهاق أو تعب لأنه لا يلعب لمنتخب بلاده، لذلك ظهر كوليبالي كأفضل لاعب هجومي في الهلال في الفترة الأخيرة، رغم انضمامه متأخراً لإعداد الفريق وغيابه فترة طويلة في الموسم الماضي.
شفتوا العلم دا كيف؟
دا كله عشان ما نقعد نهاجم المدرب ساكت، فنحنُ لا نعرف كل شئ، المدرب دائماً هو أقرب من الجميع لحالة فريقه وحالة لاعبيه.
ندخل على موضوع عثمان ديوف، والذي أشركه ريجيكامب في المباراة السابقة ووقع في خطأ كبير كاد يكلف الهلال هدفاً.
نحن كصحفيين نتحدّث عن هذا الخطأ ونعظِّمه ونكتب عنه على أنه خطأٌ كارثيٌّ وقاتلٌ، وكأننا نعتقد أن ريجيكامب لم ير هذا الخطأ، وكأننا نريد أن نلفت ريجيكامب إلى أخطاء ديوف ونجبره على إبعاد اللاعب من تشكيلة الفريق، ولو تَابَعَنَا المدرب وتابع ما يُكتب على مواقع التواصل الاجتماعي وما يجود به (العلماء) في الميديا، سوف يبعد المدرب كل اللاعبين ولن يجد لاعباً واحداً بدون أخطاء ليشركه في مباريات الهلال.
صحيحٌ أنّ أخطاء ديوف كثيرة، ولكن علينا العلم أنّ مدرب الهلال ريجيكامب أو فلوران كانا يشركان ديوف، وهذا يعني على الأقل بالنسبة لهما أو لخُطتهما أفضل من غيره، وعلينا أن نحترم ذلك.
ريجيكامب مدربٌ كبيرٌ، وصاحب خبرات عريضة، هو ليس (سماكياً) ولا مهندس مساحة أو (سبّاكاً) لا علاقة له بالكرة، هو يعرف ديوف أكثر منا وهو من يدربه ويشركه، أكيد لا ينتظر أحداً منّا ليجعله يرى أخطاء ديوف، وأكيد أن ريجيكامب لا يدخل مباريات الهلال معصوم العينين، ولا هو يلبس نظارة لحام عندما يكون في المنطقة الفنية للهلال ـ ريجيكامب يتابع المباراة من الخط وهو أقرب شخصٍ للاعبيه، فهو يتابعها من المنطقة الفنية المخصصة فقط للمدربين، وهو يتابع بعد ذلك المباراة مسجلة ويناقش كل ما فيها مع جهازه الفني، هو يمتلك محلل أداء متخصص ومساعد مدرب سوداني وآخر روماني، لذلك ليس هو في حاجة إلى أن نحدثه أو حتى نخبره عن الخطأ الذي وقع فيه ديوف، خاصةً أنّ السنغالي لا يلعب مبارياته مع الهلال في الغرف المغلقة، ولا تقع أخطاؤه في السر، لنكتشف نحن ذلك، لذلك علينا أن لا نشكل المزيد من الصغوط على اللاعب ليقع في المزيد من الأخطاء.
ديوف قد لا يكون هو الخيار الأفضل للهلال، ولكنه في هذا الوقت يبقى الخيار الوحيد، بعد إصابة إرنق، وإصابة كرشوم في المباراة الأخيرة، إلى جانب عدم جاهزية سيمبو بالصورة الأمثل لعودته من إصابة أبعدته فترة.. وقد يكون الطيب مرهقاً بسبب مشاركته مع المنتخب.
على المستوى الشخصي أتمنى أن يضيف الهلال مدافعاً آخر قبل 31 أكتوبر، وأعتقد في إضافته الآن أفضل من إضافته في يناير القادم، حتى يكتسب التجانس مع الفريق، خاصةً أن الهلال يمكن أن يشارك في دوري خارجي فيكسبه ذلك الفورمة والانسجام قبل انطلاقة مرحلة المجموعات والتي سوف يكون مُتاحاً للهلال فيها إضافة بعض الأسماء لكشفه الأفريقي.
مع ذلك لا أجزم بجدوى هذه الرؤية أو ذلك الاقتراح، وأدرك أن هذا الأمر يحدده فقط الجهاز الفني للهلال، نحن نقدم بعض الآراء والاقتراحات، ولكن لا نجزم بصحتها، لأن الرؤية الأسلم والصحيحة دائماً تأتي من المدرب وهو مَن يختار لاعبيه الذين سوف يقاتل بهم، وهو مَن يُحدِّد أسلحته، وهو في النهاية المسؤول عن ذلك.
أتمنى أن لا نركز في أخطاء اللاعبين، خاصةً المدافعين، فحديثنا عن الأخطاء لا يمنعها بل يضاعفها، لأننا نصنع بالحديث عن الأخطاء المزيد من الضغوط.
ونجيب محفوظ في (أولاد حارتنا) يقول (الخوف من الموت لا يمنع الموت ولكن يمنع الحياة).
أتابع الدوري الإنجليزي والدوري الإسباني والدوري الألماني والدوري السعودي والدوري المصري، وأشاهد أخطاءً ساذجة من المدافعين ومن حراس المرمى حتى على مستوى ريال مدريد وبرشلونة وليفربول ومانشستر سيتي ولا أجد تضخيماً للأخطاء كما نفعل نحنُ، رغم أنّ هذا يحدث في دوريات عظيمة ومن لاعبين كبار تتجاوز مقدراتهم لاعبينا بمراحل.
الفرق بيننا وبينهم ليس في عدم وجود أخطاء أو قلة الأخطاء عندهم، الفرق بيننا وبينهم في أنهم يعرفون كيف يتعاملون مع الأخطاء ويحترمون قرارات المدرب الفنية.
علينا أن نتجاوز هذا الفهم، وأن لا نقف مع الأخطاء بهذه الصورة (الكارثية)، لأن ما نفعله مع الأخطاء التي يقع فيها اللاعبون، أكبر من الأخطاء التي يقع فيها من نتحدث عن وقوعهم فيها.
هدف كوليبالي جاء من كرة مقطوعة من مدافع البوليس، وهو خطأٌ تسبّب في هدف، وتسبّب في هزيمة الفريق بملعبه، مع ذلك، الأمر عادي والخطأ طبيعي، وأنا على ثقة أن الإعلام الكيني لم يقف عند هذا الخطأ.
دائماً لا أجد حرجاً أن أقول كإعلام لدينا أخطاءٌ كثيرةٌ ونتدخّل في العمل الفني بصورة فجة، ونخلق انطباعات غير حقيقية.
ولا أنافق جمهور الهلال ولا أجامله وأقول إنّ كثيراً منهم يقع في نفس ما يقع فيه الإعلام، ويُروِّجوا لأشياء وأمور تضر الفريق ولا ينتفع منها.
هذا لا يعني أن يغيب النقد، ولكن يجب أن لا يكون نقدنا ونحن نتعامل مع الأخطاء وكأنها كوارث ـ المقولة السائدة في كرة القدم إن الأخطاء جزءٌ من اللعبة، بل إننا نقول إنّ الأهداف تأتي نتيجة الأخطاء، قد يقع لاعبٌ في خطأ صغير غير مرئي ويتسبّب في هدف ويقع ديوف في خطأ كبير، ولا ينتج عنه هدفٌ، مدرب الهلال ينظر لذلك وهو قد نجح في ما يخطط له، كفى أنه حافظ على نظافة شباكه في ثلاث مباريات وهو يلعب خارج السودان وبعيداً عن جماهيره.
الأخطاء الصغيرة أحياناً تكون أخطر وأسوأ من الأخطاء الكبيرة، خاصةً عندما يُسجّل هدفٌ من خطأ صغير ولا يسجل من خطأ كبير.
وتتفاوت القدرة على تعامل الخصم من أخطاء منافسه، يعنى الخطأ أمام الأهلي المصري أو صن داونز ليس مثل الخطأ أمام الجاموس أو البوليس ـ وتركيز اللاعب يختلف من مباراة لأخرى، بعضهم يزيد تركيزه في المباريات الكبرى، وبعضهم يغيب تركيزه مع الضغوط والمباريات الكبيرة، وأعتقد أنّ ديوف في المباريات الكبيرة أفضل.
أختم بشئ آخر، وأقول إنّ المدافع الطيب عبد الرازق وقع في كثير من الأخطاء، لكن لا خلاف أنّ الطيب من أفضل المدافعين بالسودان في السنوات الأخيرة ـ وهو لاعبٌ يلعب تحت الضغوط ولا تهزّه الأخطاء وهذه ميزة يفتقدها مُعظم اللاعبين.
ديوف في إخراج الكرة جيد، وفي بداية الهجمة جيد ـ وفي التعامل مع الكرات الهوائية والعرضية جيد، وهو لا يرتكب مخالفات ولا يتعرّض للكروت الملونة، وهو هادئ وغير متوتِّر، وقليل الإصابات، كل هذه الميزات عند مدرب الهلال قادرة على تعويض الأخطاء التي يقع فيها.
نحنُ كإعلاميين وليس اللاعبين في حاجة إلى أن نعرف كيف نتعامل مع الأخطاء التي يقع فيها اللاعبون، أعتقد أنّ أخطاءنا نحن أكثر ـ لا أستثني نفسي، لأنّني أيضاً أقع في هذه الأخطاء، وقد أكون في كلامي هذأ مخطئاً ولكن لا أنكر ذلك، وأحاول
بقدر الإمكان أن لا أكون جزءاً من الخطأ، وإن كنت قد أكون جزءاً من أخطاء أخرى.. فنحن لا نعرف أخطاءنا
لن يحدث ارتقاءٌ وتطورٌ دون أن يحدث ذلك في الجانب الإعلامي، ولا تحلموا بمدينة فاضلة بدون إعلام فاضل.
….
متاريس
ناس المريخ أكيد حكاية الطائرة الخاصة دي فاتتهم، ممكن يقلدوا هذا الأمر إذا سافروا لمباراة (ودية) أمام أحد أندية (الهواة).
لا أعرف كيف فات على المريخ أن يسافر من الكونغو إلى ليبيا بطائرة خاصة لمواجهة سانت لوبوبو، كانت الطائرة الخاصة سوف تمنحهم دوافع إضافية إلى جانب الراحة التي سوف توفرها للفريق، خاصةً أنّ الوقت كان ضيِّقاً بين الذهاب والإياب.
واضحٌ أنّ الإدارة تفتقد للخبرات.
لذلك، سفر الهلال بطائرة خاصة إلى ليبيا اعتبره نقلة إدارية جديدة في الهلال، أتمنى أن يتواصل هذا النهج حال التأهل لمرحلة المجموعات إن شاء الله.
بما أنّ الفاصل بين مباراتي الذهاب والإياب أصبح أسبوعاً واحداً، فإن الطائرة الخاصة أصبحت ضرورة لا بد منها.
السفر عبر مطارات أفريقيا مرهقٌ جداً، وقد تحتاج الرحلة لأكثر من 17 ساعة، لذلك لا بد من الطائرة الخاصة.
إدارة الهلال تستحق التقدير والثناء على هذا التطور.
أتمنى التمديد بمقابل مُجزٍ للاعب كوليبالي حتى نسد باب السماسرة والأندية التي تضع عينها على اللاعب، خاصةً أن كوليبالي في هذا الموسم سوف يكون حديث أفريقيا.
أعتقد أنّ العليقي يعرف قيمة كوليبالي.
أخلاق كوليبالي توضح في أنه يحمد الله عندما يتحدث، ويسجد شكراً عندما يسجل، لاعب بهذه الأخلاق كادوا أن يشوِّهوا سلوكياته بعد أن وُصف بالمتمرد.
انصفوا كوليبالي وعدِّلوا عقده يعطيكم المزيد.
عماد الصيني لاعب سوف يكون لديه دورٌ كبيرٌ في المرحلة القادمة، إذا كانت هنالك مشكلة أو عقبة يجب أن يتم التصحيح، حتى يكون اللاعب مؤهّلاً للمشاركة مع الهلال في المجموعات.
الهلال وجد ضالته في بترويس.
ماديكي لاعبٌ مهمٌ.
…
ترس أخير: العَكسيّات في الهلال بقَـت زي البيت النّاصية ـ حاجَـة روعَـة.