صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أسباب فشل الهلال السوداني في تجاوز دور المجموعات بالبطولة الإفريقية

365

العمود الحر
عبدالعزيز المازري
أسباب فشل الهلال السوداني في تجاوز دور المجموعات بالبطولة الإفريقية

رؤية تحليلية
رغم التاريخ العريق لنادي الهلال السوداني والآمال الكبيرة التي تعقدها جماهيره في كل موسم، إلا أن الفريق ظل يعاني من تكرار الفشل في تجاوز دور المجموعات بدوري أبطال إفريقيا، حيث أخفق في عبور هذه المرحلة أكثر من أربع مرات خلال العقد الأخير. هذا الواقع يدفعنا للتساؤل: ما الأسباب الحقيقية وراء هذا التعثر؟ وهل تكمن المشكلة في الإدارة، اللاعبين، الجهاز الفني، أم أن هناك عوامل أخرى؟
#### أولاً: الإدارة والتخطيط الاستراتيجي
أحد أبرز أسباب الإخفاقات المتكررة يعود إلى غياب التخطيط الاستراتيجي داخل إدارة النادي. التغييرات المتكررة في مجالس الإدارة، غياب الاستقرار، وعدم وجود مشروع كروي طويل الأمد كلها عوامل تؤثر على جاهزية الفريق للمنافسات القارية. فالنادي بحاجة إلى إدارة محترفة تضع رؤية واضحة تهدف لبناء فريق قادر على المنافسة الحقيقية.
#### ثانياً: دائرة الكرة واللوجستيات
نجاح الأندية في إفريقيا لا يعتمد فقط على ما يحدث داخل الملعب، بل أيضاً على الجاهزية خارج الملعب. أحياناً تعاني الفرق من سوء تنظيم المعسكرات، أو تأخر الرحلات، أو عدم تجهيز اللاعبين نفسياً وبدنياً للمباريات، وكلها مسؤوليات تقع على دائرة الكرة. الهلال في بعض المناسبات بدا وكأنه يفتقر إلى التنظيم الجيد في هذه الجوانب.
#### ثالثاً: خبرة اللاعبين وضعف الشخصية
رغم امتلاك الهلال للاعبين مميزين، إلا أن بعضهم يفتقد للخبرة القارية والقدرة على التعامل مع الضغوط، خصوصاً في المباريات الحاسمة. تظهر أحياناً حالة من التوتر والارتباك، ما يؤدي إلى فقدان التركيز وتقديم أداء أقل من المتوقع. الفريق يحتاج إلى لاعبين أصحاب شخصية قوية وروح قيادية في الميدان.
أما على مستوى الخط الأمامي، فقد برزت أسماء مثل كلوبالي، أحمد سالم، والجان كلود، لكنها لم تنجح في ترجمة الفرص المتاحة إلى أهداف. ضياع الأهداف السهلة في مباريات حاسمة أثّر بشكل مباشر على حظوظ الهلال في التأهل، وأكد أن الفريق يعاني من ضعف في النجاعة الهجومية رغم توفر الفرص.
#### رابعاً: الجهاز الفني بقيادة فلوران إيبينغي
فلوران مدرب صاحب سيرة ذاتية محترمة، وحقق مع الهلال بعض الإنجازات، أبرزها التأهل إلى دور المجموعات في مناسبتين متتاليتين، وتقديم شكل فني منظم ومتوازن في عدد من المباريات، إضافة إلى تطوير بعض العناصر الشابة داخل الفريق.
لكن رغم هذه الإيجابيات، فإن أداء الفريق تحت قيادته يطرح علامات استفهام كبيرة في لحظات الحسم. فشل فلوران في تجاوز النادي الأهلي المصري في أكثر من مناسبة، كما عجز عن تحقيق الفوز على فرق بحجم صن داونز والترجي. بل إن الفريق غالباً ما ظهر تائهاً في مثل هذه المواجهات الكبرى، وافتقد للقدرة على مجاراة الخصوم بدنيًا وتكتيكيًا. يعود هذا جزئياً إلى قلة المرونة التكتيكية في قرارات المدرب، وتأخره في إجراء التبديلات، بالإضافة إلى اختيارات فنية أثارت الجدل في بعض اللقاءات الحاسمة.
الهلال بقيادة فلوران لم يتمكن من كسر عقدة الأهلي، الذي يتفوق بخبرته القارية الكبيرة واستقراره الإداري والفني، فضلاً عن امتلاكه للاعبين اعتادوا على خوض مثل هذه المواجهات والنجاح فيها. الأهلي يقدم نموذجاً ناجحاً في كيفية الإعداد النفسي والفني لمباريات الحسم، وهو ما افتقده الهلال في أكثر من مناسبة.
#### خامساً: عامل الأرض والجمهور
في الوضع الطبيعي، يُفترض أن يمنح اللعب على ملعبه الهلال أفضلية، لكن الحرب في السودان فرضت واقعاً صعباً، حيث اضطر الفريق للعب مبارياته خارج أرضه، تحديداً في موريتانيا. هذا الوضع حرم الهلال من الدعم الجماهيري المباشر، وأثّر على جاهزية اللاعبين النفسية والذهنية. التنقل واللعب في ملاعب محايدة يقلل من فرص الفريق في تحقيق نتائج إيجابية، خاصة عندما يواجه خصوماً اعتادوا على أجواء القارة.
#### سادساً: ضعف التعاقدات الهجومية وسوء استثمار التسجيلات
رغم منحه فرصة كبيرة من قبل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) لاستكمال قائمته وتسجيل عناصر جديدة، لم ينجح الهلال في التعاقد مع مهاجم سوبر أو أسماء تحدث الفارق الهجومي في المباريات الكبيرة. هذا التقصير في استغلال التسجيلات انعكس سلباً على أداء الفريق، حيث عانى من العقم الهجومي وعدم القدرة على استغلال الفرص، لا سيما في المباريات المصيرية التي كانت تحتاج لحسم من مهاجم قادر على تحويل أنصاف الفرص إلى أهداف.
#### سابعاً: الضعف أمام الفرق الكبيرة
الهلال غالباً ما يفشل في فرض شخصيته أمام الأندية الكبرى مثل الأهلي المصري، صن داونز الجنوب إفريقي، أو الترجي التونسي. الفريق يفتقد في هذه المواجهات إلى الذهنية القتالية، ولا يستطيع الحفاظ على التوازن في الأداء طوال التسعين دقيقة. ويبرز الأهلي كمثال متكرر للفشل في المواجهات الكبرى، حيث يُظهر الفريق المصري تفوقاً في التنظيم والانضباط التكتيكي، والقدرة على استغلال نقاط ضعف الخصوم.
#### ثامناً: التحكيم الإفريقي وتأثيراته
لا يمكن إغفال تأثير التحكيم الإفريقي، الذي كثيراً ما يُتهم بمحاباة بعض الأندية الكبرى في القارة، وعلى رأسها الأهلي المصري. شهدت بعض مباريات الهلال قرارات تحكيمية مثيرة للجدل، أسهمت في تغيير مجريات اللقاءات، مما ولّد شعوراً لدى الجماهير بأن الفريق لا يواجه فقط خصمه داخل الملعب، بل عوامل أخرى خارجه.
#### تاسعاً: تغيير ملعب المباراة من ليبيا إلى جنوب إفريقيا
في إحدى أبرز الحالات المثيرة للجدل، تم تغيير ملعب مباراة الهلال أمام الأهلي المصري من ليبيا إلى جنوب إفريقيا دون أسباب واضحة ومقنعة. هذا التغيير أربك حسابات الهلال وحرمه من اللعب في ملعب كان سيحظى فيه بجمهور أكبر ودعم معنوي أكبر، ما أثر سلباً على الفريق وزاد من شعور الظلم داخل البعثة.
### كيف يمكن تجاوز هذه المرحلة؟
1. **تثبيت الإدارة ووضع مشروع كروي طويل الأمد**.
2. **تحسين عمل دائرة الكرة ورفع جودة التحضير اللوجستي والنفسي**.
3. **استقطاب لاعبين أصحاب خبرات إفريقية حقيقية وبناء عمود فقري ثابت للفريق**.
4. **إعادة تقييم الجهاز الفني والتأكد من توافقه مع طموحات النادي، ومحاسبة المدرب في حال تكرار الفشل أمام المنافسين الكبار**.
5. **تهيئة اللاعبين نفسياً وذهنياً للعب خارج الأرض، وتوفير بيئة بديلة داعمة قدر الإمكان**.
6. **استغلال فترات التسجيل بالشكل الأمثل، خاصة في المراكز الهجومية، بالتعاقد مع لاعبين يصنعون الفارق**.
7. **مخاطبة الاتحاد الإفريقي بقوة وشفافية، وتوثيق الحالات التحكيمية المشبوهة، والعمل على نيل الحقوق بالطرق القانونية**.
8. **بناء ثقافة الفوز وتطوير الشخصية التنافسية داخل الفريق، وخاصة في المواجهات الكبيرة.**
اخر كلمة حرة
، فإن تجاوز دور المجموعات لا يتطلب فقط لاعبين جيدين أو مدرباً معروفاً، بل هو نتيجة تراكُم جهود متكاملة في الإدارة، التخطيط، والتنفيذ داخل وخارج الملعب. الهلال يملك المقومات ليكون بطلاً، لكن عليه أولاً أن يُراجع نفسه بصدق، ويبدأ في بناء فريق قادر على صناعة التاريخ القاري لا مجرد المشاركة فيه.

قد يعجبك أيضا
2 تعليقات
  1. صلاح يقول

    أها والإعلام الرياضي برئ وما عنده تأثير على الموضوع ده؟ مرقتوا نفسكم وعلقتوا أسباب الفشل في جهات تانية كعادتكم يعني….!!

  2. Abu Hamdi يقول

    يا استاذ :: نعم كل ما ذكرته صحيح و لكن لم تذكر اهم عامل سلبي يؤثر على اداء اللاعبين و هو الاعلام الرياضي سواء الرسمي او عبر مواقع التواصل.
    أولا، نحن شعب نستعجل النتائج بل و نقفز فوقها فراسق و يبطرنا اي نتيجة ايجاية او حتى هزيمة خفيفة من فرق كبيرة و هاك يا هيلمانه و نفخ.
    عندما نحقق نتيجة ايجابية في بدايات دوري المجموعات نقوم بتخدير اللاعبين و الجمهور باننا سنتصدر المجموعة ، بل و سوف نفوز بالكاس. بينما الفرق الكبيرة يمكن ان تخسر في البدايات، و لكنها تدرس الخصوم جيدا فتحقق نتائج كبيرة في المراحل الحاسمكة بينما نشرب نحن الحسرة و نعود و نشتم اللاعبين و الادارة و المدرب.
    ثانيا: الاعلام الهلالي قبل اي مباراة يحاول ايجاد اخبار من شاكلة ان الفريق الفلاني يفقد لاعب او لاعبين مهمين، او ان الفريق يعاني من مشاكل ادارية داخلية، و كل هذه تصور للاعبين كان الفريق صار ضعيفا و يمكن هزيمته باقل مجهود.
    قبل آخر مباراة مع الاهلي هلل الاعلام للهزيمة بفارق هدف و ان الفريق قادر على هزيمة الاهلي في موريتانيا باعتبار ارض الهلال و النجيل الصناعي و تناسي الجميع ان الاهلي بخبرته يلعب تحت كل الظروف و الاجواء و حتى الملااعب الترابية.
    الهلال يحتاج الى سنين حتى يبلغ مستوى الفرق الكيرة ، و هنا اعني كل الجوانب من ادارة محنكة و دائرة كرة و اعية بدورها و تدريب مرن و لاعب تكتيكي قبل المهارة يستطيع التاقلم مع كل الاجواء و يملك شخصية تستطيع التعامل مع كل مبارة، و ليس ذلك فحسب، بل العامل مع مجريات المباراة الواحدة في حاللات تقدم الخصم او التقدم على الخصم و التركيز في الدقائق الحاسمة في المباراة،،، و هكذا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد