العمود الحر
عبدالعزيز المازري
إبر زرقاء… وجرعات مُرّة
منتخبنا وفرقنا… نفس الداء ونفس الدواء**
نكتب عن الحقائق المُرّة، لا لنتجمل ولا لنسد عينًا ونفتح الأخرى. فاللوم الحقيقي أن نخيط بالإبرة على نسيجٍ ممزق دون أن نعالج الفتق من جذوره. ما حدث في كرتنا – من فتق ورتق فوري – لا يصلح أن يُقدّم كإنجاز، بل جرس إنذار.
أن يتكرر سيناريو المجاملات في اختيارات المنتخب، بلا بدائل حقيقية، وأن يكون كواسي أبياه آخر من يعلم… أشبه بعاصفة ترابية مفاجئة، والأرصاد الجوية آخر من يحذر!
أن يُرفض دعم السلطان برقو للمنتخب… فهذا يكشف أن سوء النوايا أقوى من صفاء القلوب، وأن من يقف على إدارة المنتخب لا يريد للبيت أن يقوم على النية الطيبة.
أن يتواجد الغربال مع المنتخب وهو مصاب ولم يبدأ التأهيل بعد… خطأ مزدوج، والإدارة الطبية والقطاع الرياضي في الهلال تتحمل وزره.
أن يظل الطيب عبدالرزاق مظلومًا خارج الكشف، وهو الأجدر بين كل مدافعي السودان… ظلم بيّن. الحكم بالانطباع يجب أن يزول، فالطيب الآن أفضل مدافع سوداني بلا منازع.
أن يكدّس الهلال المحترفين الأجانب المغمورين، ويظل رأس الحربة الغائب… فكل ما سجلوه من أجنحة لن يرفع الفريق أمام الفرق الكبيرة، والمخلب الأساسي مفقود.
أن لا يحقق الهلال بطولة سيكافا هذه المرة… فالعذر سيكون معدومًا. الهلال أغلى الأندية قيمة، وأكثرها تسجيلًا للمحترفين، وأكبرها مشاركة في الأبطال، ومع ذلك يواجه فرقًا مغمورة.
أن يقيم الهلال معسكره التحضيري لبطولة سيكافا في تنزانيا… مبادرة ممتازة، لكن التنفيذ يجب أن يظهر نتيجة فعلية، وإلا فالمعسكر مجرد نزهة بلا عائد.
أن يعشق العليقي الأجنحة حد الهوس، ويكدّسها واحدة تلو الأخرى، بينما المخلب الأساسي – رأس الحربة – مفقود… فلسفة ناقصة. من يقص أجنحة العليقي ليُدرك أن المخلب أهم من الزينة؟
أن تتغوّل الأمانة العامة على الروابط، وتفرّق الجماهير، وتهدد بالخارجية والقنصليات… لم يفعله أي مجلس سابق. وما حدث في جدة والرياض أقرب شاهد.
أن تظل الجماهير رهينة للاختيارات بدواعي أن من يدفع يتحمّل… تلك مصيبة لن تقدّم كرتنا، وسيتواصل التطبيل على كل سوء إذا لم نقبّل الحقيقة ونترك تمجيد الأشخاص على حساب الكيان.
أن يعود عضو في القطاع الرياضي بعد أن شُكر بخطاب رسمي… فهذه ليست إدارة بل فوضى وانفرادية.
أن ينقل مدير الكرة مباراة الهلال عبر “الأسافير” أو أصدقائه للموقع الرسمي… هذا ضعف وتقصير إعلامي لفريق كبير.
أن يتحدث الأمين العام عن انضباط كوليبالي بينما اللاعب يبحث عن عقد جديد… هذا تأكيد أن الأمانة آخر من يعلم.
أن يظل مجلس الهلال يمارس سياسة “الأمر الواقع” في القرارات، ويسرّب المعلومات عبر أصدقاء… هذه هي العلة المزمنة، ولن يشفى الهلال إلا بالشفافية والمحاسبة.
أن يعجز مدير القطاع الرياضي ثلاث سنوات متتالية عن التعاقد مع مهاجم صريح… فهذا ليس صدفة، هذا فشل مع سبق الإصرار.
أن يستهلك بوغبا وصلاح عادل ورؤوفا بين الهلال والمنتخب بلا راحة… يعني أننا نقتل لاعبين في عزّ عطائهم وننتظر منهم المستحيل.
أن يسجل الهلال لاعبين في كل الخطوط ويكتفي بمهاجم نيجيري مغمور… فهذا مقامرة، ومقامرة الهلال دائمًا ثمنها البطولات.
أن يرتدي نائب الأمين العام ثوب الأمانة، ويوقع العقود وحده… إما تجاوز مقصود أو انفرادية قاتلة، وفي الحالتين المؤسسية غائبة.
أن يسجّل المريخ أبوجا أمر طبيعي لعدم وجود حارس، لكن الأعجب أن فريقًا مثل “الزمالة” المشارك إفريقيًا يتخلى عن حارسه الأساسي ليبحث عن آخر… أليست هذه مفارقة تستحق الضحك المبكي؟
أن تفرح جماهير المريخ بلجنتها الجديدة… وضع طبيعي لفريق تأثر أكثر من غيره بظروف البلاد.
أن نقبل الحقيقة مهما كانت قاسية خير من أن نرقص على موسيقى مصنوعة لا تشبهنا.
**الخلاصة:**
الأخطاء تتكرر… المجاملات مستمرة… والدواء واحد: جرعات مرّة لا تشفي.
الهلال والمنتخب والمريخ… وجهان لعملة واحدة، نفس الداء… ونفس الدواء.