* إذا أردت تعريفاً شاملاً وكاملاً للموهبة فعليك أن تكتفي فقط بكتابة اسمه، لأنها ستفضي مباشرة للتعريف الأمثل.. فموهبته كالبحر هبة لا تصنع، وكالمطر منحة لا تستجلب، لذا من الطبيعي أن يكون رمزاً للإبداع يعرف قدر قيمته وجليل قامته كل صاحب حس فني وذائقة رفيعة.. هو ملاذ عشاق الفن الأصيل في زمن تلوث فيه مناخ الغناء، واعتقد البعض أن الموهبة )قرص إسبرين( يبتلعه الواحد منهم فيصبح بين طرفة عين وانتباهتها فناناً مضيئاً منتجاً يشار إليه ببنان الإبداع..!!
* كرمت رئاسة الجمهورية الفنان محمد الأمين بوسام الجدارة قبل حوالى ستة أعوام، وتحديداً في ليلة رأس السنة من عام 2013م، ليرتفع يومها رأس كل المبدعين، ولعمري أن مسيرة صاحب )بتتعلم من الأيام( تستحق أرفع الأوسمة وأعظم النياشين..!!
* قلنا من قبل كثيراً إن )الباشكاتب( مبدع استثنائي عنده )يتحد( كل أطياف )الشعب( ويتوحد الجميع، لأنه فنان بقامة )وطن( وشموخ )أمة(..!
* محمد الأمين يا سادتي يمثل عبقرية فنية لا مثيل لها، فالرجل بئر إبداع لا ينضب كلما نزلت إلى أعماقه كشف لك عن أعماق أخرى لا نهاية لها، فموسيقار الأجيال يمثل فصلاً كاملاً من تاريخ الفن، ويبقى الغناء السوداني الحديث واحداً منقوصاً لا يكتمل إلا به..!!
* قبل أعوام خلت كرمت جامعة النيلين نفسها ومنسوبيها وهي تمنح الموسيقار محمد الأمين درجة الدكتوراه الفخرية، وإن كانت هذه الدرجة الرفيعة التي تمثل سدرة منتهى التقييم من المؤسسات الأكاديمية تمنح لأناس قدموا إسهامات بارزة في ميادين العطاء المختلفة ممن كان لهم عظيم الأثر الإيجابي وبالغ التأثير.. فإننا لم نكن نرى من هو أحق من محمد الأمين بنيل درجة الدكتوراه الفخرية – وبلا مبالغة – فإن منح درجة الدكتوراه لـ)وداللمين( يمثل )شرفاً( للدرجة الرفيعة و)فخراً( للدكتوراه، فمن هم بحجم إبداعه تتشرف الدرجات العلمية بالاقتران بهم قبل أن يتشرفوا بها..!!
* كانت جامعة النيلين بتاريخها التليد ذكية وهي تختار مبدعاً بقامة )النيلين( ظل عطاؤه متدفقاً على مر السنوات.. وبتكريم المؤسسة الأكاديمية العريقة لمحمد الأمين كشفت عن ذوقها الرفيع مؤكدة للجميع أنها بجانب التميز الأكاديمي منذ أن كانت )فرعاً( تمتلك ذائقة رفيعة و)متجذرة( في تقييم أهل الفن والإبداع والغناء وتحسن فقه الاختيار والاصطفاء..!!
* كلما وقف محمد الأمين شادياً مر أمام الأعين شريط نضال طويل لمبدع مغاير من الذين قهروا الصعاب وذللوا المستحيل ونسفوا جبال المتاريس الشاهقة.. لم يصل محمد الأمين لما وصل إليه بسهولة كما يحدث مع مغنواتية هذه الأيام من )فناني الغفلة(.. واجه حروباً فنية ووضعت أمامه عوائق )غير فنية( ليتغلب على كل الأوضاع.. صارع الإشكالات الحقيقية و)المصنوعة( وكانت له الغلبة.. تجاوز الضغوط النفسية التي يمكن أن تصل بالمبدع لدرجة أن يكفر بموهبته ويحطم )عوده( ويخاصم الغناء إلى غير رجعة.. كان إيمانه بموهبته أكبر من حجم ما يحاك ضده من صعوبات ومتاريس.. إرادته الصلدة الفولاذية جعلته ينهض كلما حاول البعض )عرقلته(.. كان منذ بداياته أكبر من الصغائر والدسائس وحسد الأنفس البشرية.. كان أقوى من المنافسة الفنية الشرسة في زمن إطلالته الأولى.. كان على موعد مع التاريخ، لذا فإنه ركل كل عثرة واجهته ومضى في طريقه لا يبالي، لأنه باختصار شديد رجل كامل الموهبة والإصرار والعزيمة، فهنيئاً لنا بفنان عالي المقام وغالي القيمة..!!
* رحلة كفاح محمد الأمين منذ بواكير صباه الفني حتى وصوله للقمة تذكرني بأبيات شعر خطها يراع الشاعرة والأديبة الكويتية سعاد الصباح عن الزعيم جمال عبد الناصر، قالت فيها: )كنا كباراً معه في كتب الزمان.. كنا خيولاً تشعل الآفاق عنفوان.. كان النسر الخرافي الذي يشيلنا على جناحيه إلى شواطئ الأمان.. كان كبيراً كالمسافات.. مضيئاً كالمنارات.. جديداً كالنبوءات.. عميق الصوت كالكهان(.
نفس أخير
* ولنردد خلف د. عمر محمود خالد:
إنت يا حلم الأماسي
شمعة ضاوية في كل دار
زهرة في كل المواسم
كل يوم بتزيد نضار