من أسوار الملاعب
حسين جلال
اختيارات أبياه… لماذا كل هذا الغضب؟
لا أدري ما سبب الحملة الشعواء التي أشعلتها بعض الأقلام الحمراء، وأقامت الدنيا ولم تقعدها، بسبب اختيار المدرب الغاني كواسي أبياه لعشرة لاعبين من الهلال، مقابل استبعاد أسماء مثل رمضان عجب، عوض زايد، والتاج يعقوب.
الأمر تطوّر بصورة غير منطقية، حين خرج أحد من يُطلق عليهم “عرافو اللايفات” في إحدى الحلقات، ليهاجم المدرب الغاني واصفاً إياه بالضعف والفشل، بل واعتبره سبب خروج المنتخب من البطولة العربية. ولم يتوقف عند هذا الحد، بل عاتب المدرب لعدم اختياره لاعباً من المريخ (المنتقل من الأمل عطبرة) في خانة “روفا أو بوغبا”، ثم عاد لينتقد غياب رمضان عجب، رغم ابتعاده عن المشاركة لفترة طويلة.
المفارقة أن الشخص ذاته كان قد أشاد بالمدرب قبل أكثر من سبعة أشهر، حين قاد أبياه منتخبنا للتأهل إلى نهائيات الكان والشان، وتصدر مجموعته في تصفيات كأس العالم حتى الجولة الخامسة، ثم التأهل إلى نهائيات كأس العرب بالدوحة.
لك أن تتخيل إلى أي مدى بلغ التعصب وإشعال الفتن بين اللاعبين والقائمين على أمر المنتخب، من شخص يدّعي امتلاك مفاتيح “الخفایا الكروية” في الوسط الرياضي.
منطقياً، ومن دون أي تعصب، فإن خيارات المدرب الغاني كانت محصورة في نطاق ضيق ومحدد. أولاً بسبب مشاركات الهلال واستمراريته، كونه الممثل الوحيد للبلاد في دور المجموعات الإفريقية، ووصوله في الموسم السابق إلى الدور ربع النهائي. وعليه، فإن اختيارات المدرب لم تأتِ من فراغ، بل استندت إلى دراسة دقيقة لمتطلبات المرحلة المقبلة، خاصة الاستعداد لبطولة الأمم الإفريقية بالمغرب 2026.
بالتالي، فإن هذه الاختيارات واقعية إلى حد بعيد، ولا غبار عليها. احتكاك اللاعبين واستمراريتهم في التنافس الإفريقي منحهم أفضلية المشاركة، خصوصاً في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الجهاز الفني، سواء الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، أو العوائق غير المباشرة الناتجة عن الحرب التي قاربت عامها الثالث، وانعدام المنافسات المحلية، وغياب دوري منتظم، وهو فشل يتحمله اتحاد معتصم جعفر في تنظيمه.
كل هذه التحديات نجح كواسي أبياه في التعامل معها وتجاوزها. ومن هنا، لا بد من محاربة العاطفة والتعصب، ووضع حد للمزايدات، وإنهاء تلك النظرة الضيقة التي تسعى إلى نصب المشانق للمدرب أبياه، وهو الذي سبق أن قاد منتخب غانا إلى نهائيات كأس العالم 2006 بألمانيا.
أليس من المخجل أن يُقيّم أمثال هؤلاء مسيرة مدرب نقش اسمه بحروف من ذهب في أعظم المحافل الدولية؟
نصيحة أخيرة: اجلس، اهدأ، قيّم الأمور بعقلك، ولا تنجرف خلف عاطفة اللونٍ الذي تهواه.


