العمود الحر
عبدالعزيز المازري
استهلاك اللاعبين… والغربال شاهد العصر
طاحونة موسم طويل… الغربال ورمضان عجب ضحايا بلا حماية
من البطولات إلى الإصابات… رحلة اللاعب السوداني بلا راحة
اللاعب السوداني اليوم مستهلك حتى النخاع. موسم وراء موسم، سفر وراء سفر، بطولات تتوالى بلا توقف ولا خلد للراحة. من البطولة الأفريقية إلى الدوري السوداني الممتد، مرورًا ببطولة موريتانيا التي شارك فيها الهلال والمريخ، ثم بطولة النخبة، وبعدها تصفيات كأس العالم، ثم بطولة سيكافا التي تطرق الأبواب، والبطولة الأفريقية من جديد… جدولة أقرب إلى طاحونة تبتلع طاقة اللاعبين وتستنزف عطاءهم. أين الراحة؟ أين الإعداد العلمي؟ وأين احترام المعايير الدولية التي وضعتها الفيفا لحماية صحة اللاعب؟
القوانين واضحة. الفيفا أقرّ **فاصلًا لا يقل عن 72 ساعة بين أي مباراتين**، وأجازة **21 يومًا بعد نهاية كل موسم**، لضمان الاستمرارية والحد من الإصابات. بينما اتحاد اللاعبين الدولي (FIFPRO) أوصى بأربعة أسابيع راحة كاملة وأربعة أسابيع إعداد، محذرًا من ضغط المباريات وتبعاتها على العمر الرياضي للاعب. لكن ما نراه في ملاعبنا هو النقيض تمامًا، فبدل حماية النجم نلقي به في المعمعان حتى ينهار!
ولعل المثال الأقرب هو **مهاجم الهلال والمنتخب محمد عبد الرحمن (الغربال)**. أصيب اللاعب، وكان الواجب أن يخضع للعلاج مباشرة في ناديه تحت متابعة طبية متخصصة، لكن الهلال سمح له بالسفر ومواصلة التواجد مع المنتخب بدعوى “الدعم المعنوي”. نعم، الدعم مهم، لكن الاحترافية أهم. فما جدوى وجود لاعب مصاب في معسكر المنتخب بينما فريقه يعاني أزمة هجومية خانقة؟ الغربال لم يلعب منذ بطولة النخبة، وسيغيب عن سيكافا، وربما يطول غيابه بلا سقف زمني واضح، بينما الهلال نفسه اكتفى بتسجيل رأس حربة نيجيري مغمور، فهل يكفي ذلك لسد فراغ قائد بحجم الغربال؟ هنا يكمن التقصير، سواء رضينا أم أبينا.
وليس الغربال وحده. لاعب المنتخب والمريخ **رمضان عجب** أصيب هو الآخر، وغاب فترة طويلة عن الملاعب، لكنه على الأقل عاد أخيرًا إلى ناديه ليواصل التأهيل. أما الغربال، فما زال يتنقل مع المنتخب في تنزانيا، يصرّح أنه “باقٍ لدعم اللاعبين الصغار”، في وقتٍ كان يجب أن يسمع توجيهًا واضحًا من إدارة المنتخب والهلال معًا: **الأولوية لعلاجك**. لكن العكس حدث، إذ بدلاً من الحزم، انهالت عبارات الشكر والثناء على لاعب مصاب يواصل استنزاف نفسه، وكأن التضحية بالصحة وسام بطولة!
الهلال والمريخ كلاهما مسؤولان، لكن اتحاد الكرة هو المسؤول الأكبر، لأنه لم يضبط الرزنامة بما ينسجم مع لوائح الفيفا وحق اللاعبين في الراحة. اللاعب ليس ماكينة، وإذا كان الغربال اليوم ضحية، فغدًا سنجد أسماء أخرى على ذات القائمة.
المطلوب بسيط:
* إلزام الأندية والمنتخبات بجدولة تراعي **72 ساعة على الأقل** بين أي مباراتين.
* توفير راحة **21 يومًا نهاية كل موسم**.
* عدم استدعاء أي لاعب مصاب للمنتخب إلا بعد تقرير طبي معتمد.
* تقوية الكشوفات، حتى لا يضطر الهلال أو المريخ إلى حرق لاعبيه الأساسيين بلا بدائل.
**كلمات حرة**
* الغربال قائد غاب طويلًا… ورمضان عجب لم يسلم من الطاحونة!
* راحة اللاعب ليست خيارًا، بل قاعدة كروية ثابتة.
* إذا لم نضع صحة اللاعب فوق كل اعتبار، فسنواصل عدّ الإصابات بدل البطولات.