* تطرق الزميل العزيز معاوية الجاك خلال الأيام القليلة الفائتة لموضوع غاية في الأهمية، وهو المعاناة المالية التي تعيشها كافة الأندية السودانية بلا استثناء التي تجلت من خلال موجة خلافات جل المدربين مع أنديتهم التي انتهت بإقالة البعض واستقالة البعض الآخر، والقاسم المشترك بين أغلب تلك الحالات المشاكل المالية التي يمكن قراءتها أيضاً من زاوية المعسكرات الداخلية التي أقامتها كل أندية الممتاز قبل انطلاقة الموسم بعد أن كانت عدة أندية تقيم معسكرات خارجية بصورة منتظمة في السابق، كما يمكن الوقوف عند المشاكل المالية من خلال ملاحظة العدد الكبير من اللاعبين المتوقفين عن ممارسة نشاطهم مع أنديتهم بسبب تراكم المستحقات المالية سواء رواتب أو حوافز أو متأخرات من مبالغ التسجيل.
* المعاناة المالية المشار إليها تشترك فيها كل الأندية بلا استثناء سواء تلك التي تمتلك مجالس منتخبة أو لجان تسيير، وعلى الرغم من أن رئيس الهلال أشرف الكاردينال يعتبر نظرياً وعلى الورق أكثر روؤساء الأندية المحلية ثراء، إلا أن الهلال نفسه يعاني من مشاكل مالية كبيرة تطرق لها الإعلام الأزرق كثيراً خلال الفترات الفائتة، مع حديث عن تأخر الرواتب لعدة أشهر والحوافز لعدد ليس بالقليل من المباريات ومنها حوافز منذ الموسم الماضي، مع التنويه لتوقف أوتارا عدة مرات والحارس ماكسيم، والحديث الذي أدلى به البرازيلي فارياس في حواره مع (قوون) الذي تطرق فيه للأوضاع المالية الصعبة التي يعيشها لاعبو الهلال.
* تلك الحقيقة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد كان لها انعكاس سلبي وكبير على الأندية، وهو أمر طبيعي ومتوقع سيما، وأن الأندية تعتمد في تسيير شئونها وفي الصرف على أفراد أو على دعم الدولة، وبما أن الدولة نفسها تعاني بشكل كبير اقتصادياً، وبما أن تلك المعاناة أثرت على الكل، فالطبيعي أن تعاني الأندية الأمرين لتسيير شئونها.
* وفي ظل تلك المعاناة، ينبغي التذكير أن المريخ ومنذ أكثر من ستة أشهر بلا رئيس، والكل يدرك جيداً حقيقة أن الرئيس في مختلف الأندية السودانية يعتبر رأس الرمح في مسألة الصرف المالي تحديداً، وبقاء نادٍ كبير مثل المريخ كل تلك الفترة بلا رئيس فضيحة ووصمة عار في جبين الدولة ومؤسساتها التي تتحمل نصيب الأسد من مسئولية المعاناة التي يعيشها الزعيم بعد أن تماطلت المفوضية لعدة أشهر في حسم الطعون غير كيلها بمكيالين بعد ذلك في الفصل في حالة سوداكال مقارنة بما فعلته سابقاً مع الكاردينال، وجاء الوزير الولائي ليزين من طين الأمور بلة بقراره الغريب والعجيب بتعيين لجنة تسيير دون أن يملك أي آلية لتمكينها من العمل ليزيد من أوضاع المريخ الإدارية سوءاً عبر صراع المجلس المنتخب ولجنة التسيير الذي ترتبت عليه لاحقاً استقالة مجموعة من أعضاء المجلس ممن ينتمون للمؤتمر الوطني في واحدة من أسوأ إفرازات تسييس الرياضة.
* المؤسف أكثر أن دور المجتمع المريخي كان سلبياً للحد البعيد في ظل إصرار الكل على الإنتصار للذات وتقديم تصفية الحسابات الشخصية على المصلحة العامة، لذا تتمسك لجنة التسيير بعدم تقديم اعتذار للوزير عن التكليف لإنهاء الصراع الإداري وتمكين المجلس المنتخب من مباشرة مهامه في ظروف أفضل بعد قبول المحكمة الإدارية في وقت سابق لطعن سوداكال لكن مع تعطيل اعتماده رئيساً بصورة رسمية لحين الفصل النهائي في قضية المجلس المنتخب ولجنة التسيير، وشخصياً أرى أن تعنت لجنة التسيير وتمسكها بعدم تقديم اعتذار للوزير غير مبرر ولا معنى له، لأنها لن تحكم المريخ حتى لو خسر المجلس المنتخب قضية المحكمة الإدارية، لأن الفيفا لن تعترف سوى بالمجلس المنتخب، وبالتالي فإن لجنة التسيير تضيع بتعنتها الكثير من الوقت الثمين على المريخ للوصول لحل للأزمة الإدارية.
* واعتماد رئاسة سوداكال ليحصل المجلس المنتخب على حقه المشروع بالعمل في وجود أهم عنصر في المجلس، وهو الرئيس لا يعني أن الأمور لا محالة ستتحسن وأن المعالجات التي ينتظرها كل الشارع المريخي من جهاز فني أجنبي وتعاقدات جيدة في التكميلية وتحضيرات مثالية ستتحقق، لكن وقتها لن يكون هنالك أعذار للمجلس المنتخب، فإما اجتهد ليثبت أنه قدر الآمال والتطلعات، وإما اجتهد الجمهور لاكتساب العضوية، ومن ثم الدعوة لجمعية عمومية لسحب الثقة من المجلس، مع الإشارة لثقتي أن المجلس سيرحل من تلقاء نفسه حال تم اعتماد رئاسة سوداكال ووجد نفسه ما زال عاجزاً عن تسيير الأمور بالشكل المطلوب، لأنه يتخذ من غياب الرئيس حالياً ومن تدخل الوزير والدور السلبي الذي لعبته الدولة ذريعة للتمسك، إلى جانب دفاعه عن الديمقراطية التي ترفض ذهابه بقرار من الوزير وفي الجزئية الأخيرة تحديداً، فللمجلس ألف حق لأن الحل ينبغي أن يأتي من داخل البيت المريخي وليس من خارجه.
* طاقم تدريب أجنبي، إضافات مميزة في التكميلية، وتحضيرات مثالية هي مطالب شعب المريخ في الوقت الحالي، إلى جانب تسوية بقية القضايا العالقة في الفيفا، وتلك الملفات تحتاج لمبالغ مالية ضخمة بالعملة الصعبة، وفي ظل الأزمة المالية التي تطرقنا لها في الجزء الأول من المقال، فإن توفير تلك المتطلبات يعتمد بصورة كبيرة إما على سوداكال أو التركي الذي تم إدراجه ضمن عضوية التسيير ليتولي مسئولية الصرف، ولا أحد في المريخ يضمن أن سوداكال سينفق بالشكل الذي يلبي كل الاحتياجات كما يبقي التركي نفسه بطيخة مقفولة ولا أحد يجزم بأنه سيفي بالإلتزامات، وبما أن تولي لجنة التسيير نفسها للمسئولية يبدو شبه مستحيل من الناحية القانونية في ظل وجود الفيفا، فإن انتظار هذا الخيار سيهدر على المريخ وقتاً أكثر من الذي ضاع أصلاً ووقتها ستضيع مواسم أخرى قادمة، لذا فإن الأفضل للمريخ أن تتنحى لجنة التسيير وتعتذر للوزير عن التكليف لتضع الكرة في ملعب المجلس المنتخب برئاسة سوداكال، فإما أنجز ما يليه من واجبات وبرهن رئيسه للناس أنه قدر المسئولية، وإما واصل رحلة العجز وحينها سيغادر لا محالة سواء من تلقاء نفسه أو بأمر الجمعية العمومية، شريطة أن تتحرك الجماهير اليوم قبل الغد لاكتساب العضوية.