حدث بمدينة أبوعشر
التعامل مع أراضي وزارة الري بقانون الصرف الصحي
متابعة: أبوعاقله محمد أماسا
إنهيار مشروع الجزيرة، حقيقة لم تعد هي المعلومة التي تحتمل المغالطات، ولا هي بالأمور التي تحتاج إلى تجميل عبارات، ولكن المحافظة على بنياته التحتية وهيبة المال العام بمساراته القديمة هو القضية التي ينبغي أن نرفع الأصوات حولها، ريثما تصفو الأمور وتعود للمشروع هيبته… إدارة ري أقسام غرب الجزيرة بالمشروع عندما كان في أوجه كان عماده أربع ميجرات (ترع) رئيسية هي: أبوعشر.. الحاج عبد الله.. البساتنة والمسلمية… وفي النظام القديم أيضاً في إدارة ري الجزيرة أنه لم يكن مسموحاً بتسرب لتر واحد من مياه المشروع إلا بإذن وكيل وزارة الري الإتحادية، ولم يكن أمراً سهلاً، كما أن ممتلكات وزارة الري مثل ترع المشروع ومصارفه ومتنفساته يتمتع كل منها بحرم لا يمكن التغول والإعتداء عليه مطلقاً ولم يكن مسموحاً لأي جهة أخرى التصرف في أراضي الري.. ولكن.. بعد بداية الإنهيار للمشروع الذي كان يمثل عصب الإقتصاد السوداني، بل ويتحكم في إيقاع حياة الملايين من المواطنين القاطنين في نطاقه بدا الحديث عن التفريط في الأراضي الخاصة بوزارة الري مفتوحاً، يبدأ بما كان داخل المشروع من بيوت خاصة بسكن المهندسين والعمال والسائقين وينتهي بالمصارف والقناطر وما حولها من مساحات.
الإسكيب.. المصرف المتنفس
في كل ترعة رئيسية هنالك ترعة صغيرة مهمتها تنفيس الرئيسية من فائض الماء.. وهي الترعة التي تحاذي سوق مدينة أبوعشر وتمتد من قنطرة رئاسة ري أقسام غرب المشروع وحتى النيل الأزرق شرقاً.. ويتمتع هذا المصرف ب(حرم) مساحته حوالي خمسين متراً.. غير أن محلية أبوعشر قد أقدمت على استغلال هذه المساحات ووزعت منه أجزاء بشكل تجاري لا يراعي خطورة الأمر ولا حرمة الأراضي المخصصة لإدارات أخرى في الدولة، بإعتبار أن المهندسين الذين تولوا تخطيط المشروع من الوهلة الأولى كانوا قد وضعوا في الإعتبار عدداً من المخاطر التي تهدد المدينة في المستقبل في حال حدوث أي خلل، ولكن حرمة المصرف إنتهكت في هذه المنطقة مرتين.. في المرة الأولى حدث خلل أدرى إلى دخول مياه المصرف إلى المنازل المجاورة وهدمته وكان ذلك تقريباً في 1988، وحدث تبادل إتهامات بين المحلية أو الوحدة الإدارية وإدارة ري مشروع الجزيرة وإنتهت القضية بإتهامات مرتدة للضابط التنفيذي بأنه من إعتدى على المصرف بتوزيع أراضي في نطاق الحرم المخصص له، وليس العكس.
أكشاك ونفايات داخل المصرف
منظر المصرف الآن يدل على أن الوحدة الإدارية قد تناست ما حدث في السابق، وقامت بتوزيع أكشاك ودكاكين جديدة داخل حرم المصرف، بل وعمد البعض إلى إلقاء النفايات من السوق داخله، الأمر الذي يهدد مجراه ويجعل بالإمكان إغلاق المجرى الطبيعي في حال عودة المياه إلى مناسيبها القديمة وبالتالي يكون تهديداً مباشراً لأكثر من أربعين منزلاً على ضفتي المصرف..
في آخر محاولة لتوزيع ما تبقى من الأراضي في حرم المصرف، أقدمت المحلية على نشر إعلان لبيع مواقع جديدة تعود ملكيتها لوزارة الري والموارد المائية، ولكن بعض موظفي وعمال الري القدامى من مواطني المدينة حملتهم غيرتهم على مؤسستهم سابقاً لتقديم مذكرة للجنة الفنية بإدارة أراضي المحلية وأدى ذلك إلى إيقاف الإجراءات.. بعضهم إعتبر العمل وطنياً خالصاً.. والبعض الآخر ذهب إلى تفسيرات أخرى.
التعامل مع أراضي الري بقانون الصرف الصحي
أغرب مافي الموضوع أن المدير التنفيذي السابق للوحدة الإدارية كان قد فسر ما قامت به الوحدة بأن قانون مجاري الصرف الصحي قد منحه الحق في التصرف في تلك الأراضي، وهو ما بث هالة من الإستغراب، حيث أنه لا علاقة بين الصرف الصحي ووزارة الري وممتلكاتها من الأساس، وكذلك كان الرد من المحلية على طلب مجموعة من عمال ومهندسين بالري للحصول على أكشاك في سوق مدينة أبوعشر، بأنه لابد أن يكتب الطلب من الإدارة العامة للري.. وذلك لكي يمنحوا هذه الأكشاك في حرم المصرف نفسه، وبالتالي يكون ذلك بمثابة تنازل للإدارة من حقوقها وفي المصرف بأكمله ويكون من حق الجهات التي تمثل الإدارات المحلية أن تقوم بدفنه وتوزيعه كأرضي تسد متنفس المشروع الذي يأمل مواطن الجزيرة في أن تعود إليه الحياة يوماً ما ويستعيد سابق مجده