صَـابِنَّهَـا
محمد عبد الماجد
التّحْـليل (الفَلسَـفِي) لمُبَـاراة الهِـلَال والبـولِيس
سألت نفسي وأنتم تشاركوني الشعور أو السؤال، ولكنكم تنكرون، لماذا كنا نشعر بالقلق على الهلال عندما واجه فريق الجاموس بجنوب السودان؟ وزاد قلقنا أكثر والهلال يُواجهه في ملعب (أمان) بزنجبار؟ مع أن مباراة الذهاب حقّق فيها الهلال نتيجة جيدة عندما تعادل مع منازله.
ولماذا زادت مخاوفنا وشعرنا بالقلق والهلال يواجه البوليس الكيني في نيروبي؟ ثم تضاعفت المخاوف وارتفع القلق والهلال يواجه البوليس في مباراة الإياب بملعب (شهداء بنينا) في بنغازي، والغريبة أنّ الهلال كان قد حقّق الانتصار في نيروبي رغم الظروف التي واجهها وجعلته يلعب المباراة دون أن يتمرّن على ملعب المباراة، مع ذلك كنا في حالة من القلق بسبب مباراة الإياب.
هل جعلتنا (الحرب) لا نحسن تقدير المشاعر؟ وهل أصبحنا (شتر) في حواسنا؟ (ما ذنب جلد الطار لو غنوا بيهو شتر).
ونحن السودانيون فينا ذلك سجية، عندنا (شتارة) في التعبير عن الشعور، عندما نفرح (نخجل)، وعندما نحب (نسكت)، وعندما نكره (نتكلّم)، وعندما نضحك (نبكي)، وعندما نصمت (نتحدّث)، والإشكالية الأكبر، أننا عندما نبني (نهدم)، وعندما نهدم نصنف ذلك (إنجازاً).
وأسأل نفسي وتسألون..!!
ماذا سوف نفعل في مرحلة المجموعات ونحن في التمهيدي نتداعى كل هذا القلق؟ ـ إذا كنا أمام الجاموس والبوليس نفعل ذلك وبتغلبنا القعدة، ماذا سوف نفعل أمام الأهلي المصري أو صن داونز أو الترجي أو بيراميدز أو نهضة بركان؟ والهلال سوف يواجه أحدهم، والأندية الخمسة عندما تنطلق مرحلة المجموعات سوف يكون أيٌّ منهم لعب ما لا يقل عن 13 أو 14 مباراة في دوريه، وقد تواجه تلك الأندية المصنفة في المستوى الأول، الهلال بعد أن تلعب أكثر من 20 مباراة في الدوري المحلي.. ونحن مازلنا في بوابة الدوري الرواندي، علماً بأنّ الأهلي وبيراميدز سوف يلعبان إلى جانب الزمالك وسيراميكا كليوباترا السوبر المصري في الإمارات في الأسبوع الأول من نوفمبر، أي قبل انطلاقة مرحلة المجموعات بأسبوعين.
والأهلي والترجي وصن داونز لعبوا في بداية الموسم بطولة كأس العالم أمام أندية عالمية من أوروبا والأمريكيتين، والهلال لعب بداية الموسم في سيكافا أمام مقديشو سيتي وكتور جوبا والأهلي مدني والجيش الرواندي وسينغيدا التنزاني.
ولعب بيراميدز السوبر الأفريقي أمام نهضة بركان وفاز به، ولعب في بطولة كأس العالم وأصبح بطلاً للقارات الثلاث بعد أن تغلّب على الأهلي السعودي، وهو قبل ذلك كان قد فاز على الأهلي المصري في الدوري المصري وهو حامل لقب دوري أبطال أفريقيا الأخير.
نحن مُقبلون على منافسة أمام هذه الأندية، التي تفوقنا في الإمكانيات والبنية التحتية والاستقرار والألقاب وقبل ذلك في الجاهزية الفنية والبدنية.
هل تدركون ذلك؟
ماذا نحن فاعلون؟ ولماذا نحن نعيش كل هذا القلق والهلال في مرحلة التمهيدي، هل هذا يعني أنّ قناعتنا بالهلال ضعيفة وأن ثقتنا فيه مُهتزة؟
قول الحقيقة!!
سوف أجب لكم ـ دقيقة أشرب لي (جغمة) شاي ـ الدنيا ما طارت، الموضوع عاوز ليه فلسفة شوية.
لا خلاف أن الهلال في مرحلة الإعداد لم يكن مرضياً، لكن جميعنا ندرك أن مرحلة الإعداد طبيعي أن يكون الظهور فيها بشكل غير مرضي، ونحن نعرف أن الهلال كان في حاجة لبعض الوقت ليصل إلى ما نصبو إليه، لذلك كان القلق.
الخروج من مرحلة التمهيدي في ظل التطلعات الكبيرة، كان يُشكِّل لنا هاجساً، خاصةً أنّ خروج الهلال يعني انكسار مشروعه، وكان في الخروج تراجعٌ وإحباطٌ، وقد ينفض السامر، لأننا لا نحسن التعامل مع النكبات، لهذا كانت هنالك حالة قلق من هذا المصير المُخيف ـ مجرد التفكير في ذلك الأمر يُشعرك بالقلق، الفرق بيننا وبين المريخ، إنهم في المريخ اعتادوا على ما نعتبره نحن جريمة أو كارثة، لذلك كانوا بدون مخاوف.. وقد خلقوا لأنفسهم مبرراً وصنعوا شمّاعة (البناء) ليعلقوا عليها كل خيباتهم لمدة 5 سنوات قادمة.
فهم عندما يخسرون يقولون إنّ الفريق في مرحلة بناء، والبناء والطيران سيان عندهم.
أما السبب الأخير في قلقنا فهو إننا نلعب أمام أندية مندفعة وطموحة، هي بدون تاريخ يُذكر، لكن طموحاتهم كانت كبيرة، الخروج أمام أندية لم يسبق لها الوصول لمرحلة المجموعات كان سوف يجعل الصدمة كبيرة.
علماً بأنّ أندية كبيرة وجدت مُعاناة في مواجهات مرحلة التمهيدي وهي تلعب أمام أندية مجهولة، ولم يسبق لها الوصول لمرحلة المجموعات.
فريق أورلاندو الجنوب أفريقي خرج أمام فريق سانت لوبوبو الذي كان قد أخرج فريق المريخ.
الفريق الكونغولي فاز في الذهاب على أرضه بثلاثة أهداف نظيفة، لكنه خسر في الإياب بنفس النتيجة، مما يعني أنّ سانت لوبوبو باغت أورلاندو في مباراة الذهاب وتغلّب عليه بالأرض والجمهور والدوافع، لأنه خسر بنفس النتيجة في الإياب، عندما استعاد أورلاندو تركيزه ليتأهّل سانت لوبوبو لمرحلة المجموعات عن طريق الضربات الترجيحية.
الغريب أنّ الفريق الجنوب أفريقي يمثل دوري وصل للجولة العاشرة، وسانت لوبوبو جاء من دوري لم يبدأ بعد، وهو يمثل بلاده بعد أزمة وصلت للمحكمة الرياضية الدولية، وكانت مشاركته في دوري أبطال أفريقيا مُهَـدّدَة حتى قبل أسبوع من انطلاق البطولة، والأغرب أنّ سانت لوبوبو لم يتضرّر من ذلك، وإنما تضرّر المريخ الذي كان إعلامه يُروِّج تأهُّله للدور الثاني في التمهيدي دون أن يلعب، وقتها كان سانت لوبوبو يقيم معسكراً في تونس، وكان مدرب المريخ الصربي يعتذر عن المباريات الودية.
فريق الأهلي المصري وجد معاناة كبيرة في مباراة الإياب وهو يلعب أمام فريق إيغل نوار البورندي في القاهرة بعد فوزه الصعب عليه بنتيجة 1-0، مع أنّ الأهلي فاز بنفس النتيجة في بورندي.
حتى الزمالك في الكونفدرالية فاز في الذهاب على ديكيداها الصومالى بسداسية نظيفة، وجاء في مباراة الإياب في القاهرة وفاز عليه بشق الأنفس بهدف وحيد.
كل هذه الأشياء، تؤكد أن الكرة ليس لها ضمان، لهذا كنا قلقون.
من ثم وهذه أسباب جانبية، ظروف الهلال المتمثلة في المشاركة بدون دوري واللعب خارج البلاد، وحداثة الجهاز الفني للهلال، إلى جانب إضافة عناصر جديدة للفرقة الزرقاء، كانت تحتاج لعامل الوقت لتعطي بصورة غير كاملة، مع عدم توافر الوقت الكافي للعناصر الدولية لتعمل مع بقية العناصر في الفريق كمجموعة واحدة.
وأي شئ في السودان غير واضح، الحرب، السلام، الدوري، فنحنُ ننتمي لبلدٍ، (الحقيقة) فيها غائبة، أو أنهم يتركونها لبغاث الطير ليحددوا مسارها.
كل هذه الأشياء، كانت تثير في نفوسنا القلق، لهذا فإنّ فرحتنا بالتأهل لمرحلة المجموعات للمرة السابعة توالياً كانت كبيرة وعظيمة، ربما هي أكبر من أفراح تأهلنا في المواسم السابقة.. لأننا شعرنا بالخطر في هذا الموسم، رغم أنّ نتائج الهلال في التمهيدي الأول والثاني هي الأفضل، مقارنةً مع نتائج المواسم السابقة، إذ لم يخسر في المباريات الأربع، ولم تهتز شباكه غير مرة واحدة.
الهلال تجاوز مرحلة صعبة، لا أعتقد أنّ المجموعات مع قوة الأندية التي سوف يُواجهها الهلال، ومع المميزات التي تملكها أندية المجموعات سوف تكون أصعب من مرحلة التمهيدي التي تجاوزها الهلال.. أن تلعب أمام أندية معروفة، أفضل من أن تلعب أمام أندية لا تحمل شيئاً من الضغوط وتلعب أمامك بدوافع متمثلة في إبعاد فريق بحجم الهلال.
هذه مقدمة كان لا بُـدّ منها قبل (التشريح) الفني للمباراة أو (الفلسفي) كما يروق لنا تسمية ذلك ـ الما عاجبو الكلام دا يتخارج ـ قشّــه ما تعتر ليه، أقصد (شولة) ما تقيف قدامه، الله يسهِّل ليه.
مباراة الهلال والبوليس من حيث الأداء كانت جيدة، هي لم تصل لكل الجمال، لكن الأداء بصورة عامّة كان فيه شئٌ من المُتعَـة.
برزت في الهلال قُـدرة الاستفادة من العكسيات والكرات الثابتة، في ظل وجود صنداي المهاجم الذي يحسن التعامل مع العكسيات من حيث الطول والتحرُّك والمهارة، لكن الحديث عن أنّ هذا الأمر ظهر حديثاً في الهلال غير دقيق، فقد سجّل الهلال في المريخ الموسم الماضي هدفين من جملة أربعة من كرات ثابتة، كما سجّل فوفانا في مرمى مولودية بملعبها من كرة ثابتة، لذلك هذه الخاصية لم تكن غائبة، وإن أصبحت أكثر ظهوراً في هذا الموسم.
الثابت في ذلك، روفا الذي نفّـذ كل هذه الضربات الثابتة باتقان شديد وبي فهم.
أول نقطة فنية أقف عندها، على غرار أنها (فلسفة) ساكت، هو أن الهلال أصبح لديه شكل وأسلوب وبصمة، وهذا لا يعني أنّ الهلال في الموسم السابق لم يكن له شكل أو أسلوب، وهو ضمن أفضل عشرة أندية (فنياً) في 2025م، وإنما أقصد بالشكل والأسلوب والبصمة، أن هنالك تغييراً أو جديداً حدث في أسلوب الهلال ـ البناء من الخلف أصبح أوضح مما كان في فترة فلوران، وبروز ثلاثة عناصر جديدة أو خارج الصندوق في بناء الهجمات، وهم الحارس سفيان فريد والمدافع مصطفى كرشوم ولاعب الوسط والي الدين بوغبا، هذه عناصر أُضيفت في بناء الهجمة، وفي تمرحلها أو في أن تبدأ وتختم في آنٍ واحدٍ في الجزء الأخير من ملعب المُنافس، كما يحدث من كرات سفيان فريد ومصطفى كرشوم الطويلة، الذي يعتبر أفضل من يرسل الكرات الطويلة، وبهذا يتفوّق كرشوم عن بقية مدافعي الهلال.. أما بوغبا فهو أفضل من يضرب دفاع الخصم ويحسن التمرير من العمق، وهو يمتلك كنترولاً عالياً، أما سفيان فريد فهو يتحكّم في تمريراته، كما يحسن القيام بدور المُوجِّـه.
هذا الثلاثي أحدث إضافةً قويةً للأسلوب الهجومي للهلال، إلى جانب الأوراق الهجومية مُمثلةً في روفا وأطراف الهلال الدفاعية والهجومية، مع المهاجم الصريح صنداي.
أطراف الهلال جان كلود وإيبولا وكوليبالي ولوزولو يقومون بعمل كبير في طرفي الملعب، وسوف يظهر هذا العمل بشكل مؤثر وكبير عندما ترتفع نسبة التفاهم والانسجام بين الطرف الدفاعي والهجومي في كل طرف من طرفي الملعب، عليه فنحنُ على موعدٍ مع مزيد من الإبداع، ومزيدٍ من القلق والبلاوي للآخرين، مَن ننافسهم في البطولة الأفريقية أو من يترقّبون خسارتنا بعد الخروج من التمهيدي الأول.
شفتوا (الفلسفة) دي كيف؟ أكيد لا أقصد الأهلي مدني ولا الزمالة أم روابة ولا جاموس جوبا.
في الهلال أصبح هنالك تنوعٌ هجوميٌّ، ما بين (برود) صنداي و(مهارة) الغربال و(اختراقات) كوليبالي وجان كلود وسالم، كل واحد اختراقاته بأسلوبه وطريقته، في الهلال عكسيات روفا أصبحت (مُركّزة)، وتمريرات بوغبا من العمق للأطراف خطيرة، وانطلاقة لوزولو وإيبولا من الخلف والقادمين من هنالك كرشوم وإرنق.
يمكن للهلال الاستفادة من مميّزات صنداي وكرشوم وإرنق في الكرات العكسية، ووجود هذا الثلاثي في منطقة جزاء الخصم في الضربات الثابتة إن لم ينتج منه هدفٌ فسوف تضرب في العارضة أو القوائم.
شيلوا شيلتكم (دي حاجة برّه الفلسفة).
منتظر أن تحدث إضافات (لوجستية) من كول وكابوري وفلمو والقادمين من رحم الغيب!!
الأخيرة دي (فلسفة) عديل كدا ـ القادمون من رحم الغيب ما بتلقوها في حتة تانية.
القادمون من الخلف معروفون.
كول وكابوري يتميزان بخصائص أخرى، كول جيد جداً في تنفيذ المخالفات وهو نحلة، وكابوري جيد جداً في التغول من العُمق.
أما فلمو فهو إلى جانب الغربال وصنداي يجعلنا نقول إنّ الهلال يملك القوة الهجومية الأقوى في القارة الأفريقية.
لا أنسى أحمد سالم مبارك، هو جناح أيضاً له أسلوبٌ مختلفٌ ولديه طريقته الخاصة وهو حلٌ يختلف عن كوليبالي وجان.
وهنالك مزمل وفضل وكبه.
عموماً (نظرياً)، نحن على موعدٍ مع فريق يهز أركان أفريقيا مع كل المعاناة التي يواجهها الهلال بسبب ظروف البلد واشتعال الحرب.
يحتاج الهلال إلى المزيد من الانسجام والتفاهُـم وهذه أمورٌ لن تتحقّق إلا من خلال التجارب القوية، وتحتاج قبل ذلك لعامل الوقت.
الهلال يحتاج لدعمكم حتى يعطيكم، والدعم الذي أقصده هو عدم التنظير والانتقاد فقط من أجل انتقاد المدرب واللاعبين.. ناس الهلال ديل لامن ما يلقوا ليهم فرصة في المدرب أو اللاعبين بقبِّلوا على المكتب الإعلامي.
هنالك فرقٌ بين النقد والتنمُّر، الرجاء أن نفرِّق بين الأمرين.. لا تجعلوا (التنمُّر) أسلوب حياة.
دي فلسفة من أمّها.
يحتاج إلى (الصبر)، لأن أي بطولة أو أي إنجاز أو أي عمل كبير وناجح، لا يتحقّق إلّا من خلال (الصبر).
أي هدف لن تُحقِّقه بدون (صبر).
…
متاريس
القائد محمد عبد الرحمن الغربال يقوم بدوره على أكمل وجهٍ، حتى في العضوية الإلكترونية، القائد يفعلها.
روفا على ذات النسق ـ وموفق صديق مواقفه دائماً تحكي عنه، وعشقه للهلال لا يُضاهى.
رقم عضوية الهلال تجاوزت الثلاثة آلاف عضو، وربما وصلت الأربعة، رقم عضوية الغربال 3245.. ما شاء الله على جمهور الهلال ـ أنتم أعظم جمهور في الأرض.
لماذا لا نحدد يوماً عقب أي انتصار كبير يُحقِّقه الهلال للحصول على العضوية.
أكسب عضوية الهلال، فهذا أعظم دعم يمكن أن تقدمه للهلال في هذا الوقت.
في البدء، حاولوا أن يخلقوا انطباعاً ويُشكِّكوا في قدرات الغربال (القيادية).
لا تخلق انطباعاً سيئاً ولا تساعد على ذلك.
السيئ سوف يسقط بدون انطباع ـ لا تقلقوا.
بترويس (تروس) لا بد منه في وسط الهلال، لاعب صاحب شخصية، وهو بمثابة حزام الأمان في وسط الهلال.
رابطة جماهير الهلال في ليبيا كانت في الموعد، وهذا يجعلنا نُطالب أن يلعب الهلال مبارياته الأفريقية القادمة في ليـبيـا.
…
ترس أخير: مَـا عَـــاوز اتفَلسَـف ليكُم أكتـر مِن كِــدا.



