صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الجامعات والمدارس السودانية بمصر..ما بين الجشع ورسالة التعليم

0

هلال وظلال
عبد المنعم هلال

الجامعات والمدارس السودانية بمصر..ما بين الجشع ورسالة التعليم

ـ مع استمرار الحرب في السودان وما خلفته من ظروف قاسية أصبحت الهجرة إلى الدول المجاورة ومنها مصر خيارات لا مفر منه للكثير من الأسر السودانية وبما أن التعليم هو حق أساسي لأي مجتمع يسعى للنهوض كان من الطبيعي أن يسعى السودانيون إلى مواصلة تعليم أبنائهم في الخارج لكن ما واجهته العديد من الأسر في مصر لم يكن سهلاً على الإطلاق فقد وجدوا أنفسهم بين مطرقة الجشع وسندان الظروف المعيشية الصعبة.
ـ وحتى لا نعمم لا بد من الإشادة ببعض أصحاب الجامعات والمدارس السودانية بمصر الذين أخذوا على عاتقهم مراعاة ظروف الأسر السودانية وهؤلاء قدموا نموذجاً مشرفاً في الالتزام برسالة التعليم النبيلة حيث خفضوا الرسوم ومنحوا إعفاءات جزئية لبعض الأسر المتعثرة وهذا النوع من التضامن يمثل جزءاً من الرسالة التعليمية الحقيقية التي لا تقتصر على تقديم العلم فحسب بل تشمل أيضاً المساهمة في تحسين حياة الطلاب ودعمهم في أوقات الأزمات ومساعدة الأسر وهذا الدور الإنساني يضفي قيمة مضافة على رسالة التعليم ويعزز من الروابط الاجتماعية والإنسانية.
مع ذلك وللأسف الشديد هناك وجه آخر لهذه القصة فإن بعض أصحاب الجامعات والمدارس السودانية التي كانت تعمل في السودان قبل اندلاع الحرب لم يترددوا في الانتقال إلى مصر حاملين معهم نفس عقلية الجشع التي طبعت سلوكهم في الوطن قبل الحرب فقد كانت رسوم الدراسة في تلك المؤسسات فوق طاقة الكثيرين ولكن بعد الانتقال إلى مصر بدلاً من أن يراعوا الظروف القاسية التي تعيشها الأسر السودانية استمروا في رفع الرسوم الدراسية إلى مستويات قياسية وفي ظل الظروف المادية الصعبة التي يعاني منها الجميع بسبب الحرب كان يتوقع أن تكون هذه المؤسسات أكثر إنسانية وتفهماً ولكن بدلاً من ذلك تحولت إلى مشاريع ربحية بحتة تسعى للثراء السريع على حساب طلاب لا حول لهم ولا قوة.
ـ لقد أصبح التعليم بجميع مستوياته سواء في الجامعات أو المدارس سوقاً مفتوحاً تجتاحه الرغبة في الربح السريع.
ـ فقد التعليم في هذه المؤسسات رسالته التربوية والأخلاقية وتحول إلى تجارة بحتة وفي ظل هذا الواقع تلاشت روح التضامن والمسؤولية تجاه أبناء الوطن وأصبحت الرسوم المبالغ فيها عائقاً يحرم الآلاف من السودانيين من مواصلة تعليمهم.
ـ الكثير من الأسر السودانية التي فرت من ويلات الحرب وجدت نفسها عاجزة عن تأمين تكاليف تعليم أبنائها في تلك الجامعات والمدارس السودانية بمصر ونتيجة لذلك توقف الكثير من الطلاب عن متابعة تعليمهم مما سيؤدي إلى فجوة تعليمية كبيرة قد تكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل هؤلاء الشباب ومستقبل البلاد بأكملها.
ـ؛في ظل هذه الظروف الصعبة نتساءل متى سيفهم أصحاب الجامعات والمدارس أن رسالتهم ليست مجرد جمع المال ..؟ التعليم ليس سلعة تباع لمن يدفع أكثر بل هو أداة لبناء الأجيال وتشكيل المستقبل.
ـ الحرب التي دمرت العديد من جوانب الحياة في السودان كان يفترض أن تكون فرصة لإعادة التفكير في الأولويات ولتصحيح مسار التعليم وجعله أكثر إنسانية وتضامناً وإذا لم تغير الحرب هذه السلبيات في نفوسنا فمتى سنتغير .. ومتى سيدرك هؤلاء التجار الذين يرتدون عباءة التعليم أن دورهم ليس فقط في تقديم الشهادات ولكن في بناء مجتمع متعلم ومتكاتف ..؟
ـ التعليم هو أساس أي نهضة وإذا فقدت مؤسساتنا التعليمية رسالتها الحقيقية فإننا نخسر ليس فقط مستقبل الطلاب بل نخسر أيضاً مستقبل الوطن.
في النهاية لابد أن تكون هناك دعوة مفتوحة للجامعات والمدارس السودانية في مصر لإعادة النظر في سياساتها وتقديم التعليم برسالته الحقيقية.
التعليم يجب أن يكون حقاً للجميع وليس امتيازاً للأثرياء والمقتدرين فقط وعلينا جميعاً أن نعمل على إعادة التعليم إلى مكانه الطبيعي كمصدر للنور والتغيير وليس وسيلة للربح والاستغلال وطريقاً للثراء السريع.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد