صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الحرب..بين الحكمة والقوة …

202

مذاق الحروف

عماد الدين عمر الحسن

الحرب..بين الحكمة والقوة …

من السهل جدا ان تشعل الحرب ، ولكن من الصعب حسن ادارتها وتوجيهها الي حيث تريد ، فالحروب لا عقل لها ولا قوانين وهي حين تشتعل لا تبقي ولا تذر . ومن الصعب ايضا انهائها علي الشكل الذي تريد ، فلا احد يدخل الحرب وهو يريد ان يخسر بل لينتصر دون شك ، غير ان هذا الانتصار لا يأتي بالامنيات ولا بالشعارات الزائفة ولكن ياتي بتوفر وسائله والتي لا تخرج من عنصرين في غاية الاهمية : اما الاول فهو توفر القوة والعتاد والامكانيات اللازمة للدخول في الحرب ، ومن ذلك شراء الاسلحة الحديثة وتجهيز الجيوش وتدريبها علي اعلي المستويات ؛ فهل فعلنا ذلك ؟.
عندما تدفقت الاموال علي حكام هذه البلاد في وقت سابق من عائدات البترول وغيرها اختصوا بها انفسهم وتقاسموها فيما بينهم فبنوا المستعمرات وامتلكوا الاراضي والسيارات وأهملوا جيش البلاد فلم يعدوا ما استطاعوا من قوة ولا رباط خيل . فهذا الجيش الذي يدعون حبه الان لو تم اعداده وتجهيزه لمثل هذا اليوم لما استطاع فصيل واحد ينشق منه ان يكون له ندا طوال خمسة أشهر كاملة – ولتحقق النصر في زمن وجيز .
أما العنصر الثاني المطلوب لتحقيق الانتصار فهو وجود قيادة حكيمة قادرة علي حسن ادارة المعارك واتخاذ القرارات المناسبة في الاوقات المناسبة ؛ حيث تقتضي الحكمة احيانا تاخير القتال أو تجنبه في وقت معين حتي تكون مستعدا له ، ومن ذلك ما فعله النبي الكريم عليه الصلاة والسلام عندما قبل بصلح الحديبية رغم اعتراض كبار الصحابة عليه ، ورغم التعنت الشديد الذي ابداه المشركون حين طلبوا منه الا يكتب العهد تحت بسم الله الرحمن الرحيم فامتثل عليه الصلاة والسلام وامر بان تكتب بسمك اللهم ، ليس هذا وحسب بل انه تنازل عن اشرف صفة اختصه بها الحق تعالي وهي الرسالة ؛ فعندما اعترض المشركون علي عبارة هذا ما تعاهد عليه محمد رسول الله – أمر بان تعدل الصيغة الي محمد بن عبدالله .
لم يكن وقتها احد علي الحق اكثر منه عليه الصلاة والسلام ، ولم يكن اقل شجاعة من اصحابه الذين اعترضوا علي الصلح ، ولكنه كان اكثرهم حكمة واقدرهم علي تقدير الموقف وقرائته بالشكل السليم ، فقد كان عدد المسلمين انذاك لم يتجاوز الالفين ، وبعد اقل من عامين يدخل الرسول الكريم مكة في جيش من عشرة الاف .
الحكمة تحسم الامور احيانا قبل القوة ؛ لكن القوة مطلوبة كذلك وبنفس القدر ، ووجودهما معا يمثل قوة لا تهزم ، اما غيابهما معا فيجعلك تفرح لمجرد خروج القائد وظهوره في مكان عام….

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد