صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الرياضة في زمن الحرب

98

هلال وظلال
عبد المنعم هلال

الرياضة في زمن الحرب
بين ترف اللهو والانتماء والولاء للوطن

ـ عاتبنا البعض على مواصلة الكتابة في الشأن الرياضي وخاصة في كرة القدم في ظل الحرب والظروف القاسية والوطن الذي ينزف وارتوت أرضه بدماء الشهداء بعد أن دنسها المعتدون في الجزيرة وغيرها وهي مسألة قد تبدو للبعض ترفاً بعيداً عن الواقع وتعتبره شريحة من الناس إغفالاً للهموم والمآسي التي يواجهها المواطن السوداني يومياً لكن هذا الرأي يغفل أن الرياضة بتأثيرها العميق والمجتمعي تمتلك القدرة على أن تكون أكثر من مجرد ترف أو لهو فهي لغة تجمع وتوحد ووسيلة لإرساء السلام ونشر التسامح.
ـ كرة القدم واحدة من الأدوات التي يمكن أن تسهم في لم شمل المجتمعات المتناحرة وتخفيف حدة الانقسامات وإن فكرة التنافس الشريف داخل الملعب بين الفرق والجماهير قادرة على إظهار أن الانتماء والولاء يمكن أن يكون إيجابياً ويوجه نحو تعزيز الوحدة الوطنية بدلاً من تمزيقها وكرة القدم يمكن أن تتحول إلى رمز يوحد الجميع حول فريق وطني يمثل السودان بمختلف مكوناته ويرسم صورة جميلة للسلام والوحدة التي يسعى إليها الجميع.
ـ التفاعل الرياضي داخل الملاعب وخارجها إذا استغل بصورة صحيحة يتيح فرصة لنشر قيم التسامح والتعاون والتفهم وعند المعاناة من العنف والصراعات يمكن للرياضة أن تلعب دوراً في تدريب الأفراد على ضبط النفس والتعلم من الأخطاء والمساهمة في خلق بيئة تتسع للجميع.
ـ الرياضة وبالأخص كرة القدم هي لغة لا تحتاج لترجمة إذ يتلاقى الجميع داخل المدرجات ليشجعوا فرقهم ويدركون أن اختلافهم داخل الملعب هو جزء من التنوع الذي يجب أن يحترم خارج الملعب.
ـ في بلادنا يجب أن تكون الرياضة وسيلة تجمع مختلف الأقاليم والولايات لخلق أجواء من الأخوة والتعاون وإظهار أن البلاد قادرة على تجاوز هذه المحن والرياضة تستطيع تحفيز اللاعبين والمشجعين على تقديم نموذج يحتذى به في المحبة والروح الرياضية وتحدي الكراهية والانقسام بإظهار أن العنف لا يمكن أن يكون الحل.
ـ ربما يراها البعض لهواً والبعض يقول لنا (الناس في شنو وانتو في شنو) ولكن ممارسة كرة القدم في أوقات الحرب تتجاوز مجرد اللعب أو الترفيه فهي تصمد أمام القهر وتعزز الإرادة الجماعية للشعب وعندما تتجمع الجماهير لمتابعة مباراة أو يتنافس اللاعبون داخل الملعب فهم يؤكدون حقهم في الحياة ويعبرون عن رغبتهم في التحدي والصمود ولا شك أن الرياضة تبقي الأمل حياً وتمنح الفقراء والمشردين والمكلومين فسحة يهربون فيها من واقعهم الأليم ولو لساعات قليلة.
ـ الرياضة ليست ترفاً ولا لهواً بل هي أداة للتغيير في مجتمعٍ أنهكته الحرب وينبغي أن نوظف الرياضة وخاصة كرة القدم للتعبير عن التكاتف الشعبي ولإعادة البناء الاجتماعي ولنشر قيم التسامح والمحبة بين مختلف فئات الشعب.
ـ في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا والانقسامات السياسية والاجتماعية يظهر المنتخب الوطني كواحة تجمع الجميع حول حلم مشترك وأمل يوحد القلوب وحين يلعب المنتخب نرى السودانيين من مختلف الأجيال والقبائل يتجمعون على هدف واحد نصرة المنتخب وتشجيعه ويرتبط الجميع بلحظات الفرح والانتصار التي يحققها المنتخب وكأنها تحققت لكل فرد في السودان ويصبح المنتخب رمزاً للعزة الوطنية يعبر عن وحدة الشعب السوداني رغم اختلافاته وتبايناته.
ـ المنتخب ليس مجرد مجموعة من اللاعبين بل هو حلم وأمل ورمز للسودان بأكمله يحمل اللاعبون مسؤولية كبيرة على عاتقهم فهم يلبسون قميصاً يرمز للوطن ويعبر عن طموحات وآمال الملايين وعندما يقاتل اللاعبون في الملعب إنما يقاتلون من أجل الوطن ومن أجل كل سوداني ويجعلون الشعب يشعر بأنهم جزء من شيء أكبر شيء يجسد الوطن وروحه كل تمريرة وكل هدف وكل فوز هو تعبير عن الإرادة السودانية وعندما نرى المنتخب الوطني يقاتل حتى اللحظات الأخيرة نشعر بأن السودان قادر على تحقيق الانتصارات رغم الصعاب.
ـ المنتخب الوطني هو رمز للهوية السودانية ويعد مثالاً على قوة الرياضة في توحيد الشعوب وإعلاء قيم المحبة والتعاون.
ـ لقد جعل المنتخب اسم السودان على كل لسان وساهم في تعزيز صورة الوطن وأحلامه في قلوب الجميع لذا علينا أن نؤمن أن كرة القدم ليست مجرد رياضة بل هي سفارة وسفير يحمل رسالة وطنية ويمثل أملاً مشتركاً يمكن أن يوحد أبناء السودان ويساهم في بناء المستقبل.
ـ نتمنى أن يواصل المنتخب مسيرته ونرى علم السودان يرفرف عالياً خفاقاً ضمن أعلام الدول المشاركة في نهائيات كأس العالم ونهائيات أمم أفريقيا.
ـ نتمنى التوفيق للمنتخب الوطني وهو ينازل اليوم المنتخب التنزاني في تصفيات أمم أفريقيا للاعبين المحليين وندعو الله أن تتواصل انتصارات السودان .

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد