هلال وظلال
عبد المنعم هلال
السودان إلى أين ..؟
– لقد انزلق السودان إلى منحدر خطير وأصبح بالفعل على شفا حفرة من نار.
– الحرب التي اندلعت في البلاد لم تترك شيئاً دون أن تدمره لتجد البلاد نفسها على حافة كارثة لم يشهدها تاريخها.
– لقد أصبح السودان مسرحاً لكارثة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ البلاد حيث تجتمع قسوة الحرب ووحشيتها لتقضي على كل ما تبقى من أمل.
– الصراع المسلح الذي ينهش في جسد الوطن أشعل نيران الفوضى والدمار في كل مكان ولم يعد الحديث عن المستقبل سوى تذكير مرير بما كان يمكن أن يكون حيث أضحت الحياة اليومية لكثير من السودانيين معركة من أجل البقاء، وسط انهيار كامل في النظام الاجتماعي والسياسي لقد أصبح السودان مثالاً حياً لكيف يمكن للصراعات الداخلية أن تحرق الأخضر واليابس لتتحول حياة الناس إلى جحيم لا ينتهي.
– اندلعت الحرب بلا رحمة وانطلقت شرارتها من صراع على السلطة بين الأطراف المتناحرة لكن سرعان ما تحولت إلى حرب طاحنة لا تفرق بين حجر ولا بشر، هذه الحرب لم تترك شيئاً دون أن تمسه بلهيبها فالمنازل هُدمت وانهارت على رؤوس أصحابها والمدارس والجامعات أُغلقت والمستشفيات باتت عاجزة عن استقبال المرضى والمصابين والأدوية انعدمت والعاصم الخرطوم تساوت بالأرض والأسوأ من ذلك أن الحرب لم تكتفي بتدمير البنية التحتية فقط بل امتدت لتطال النسيج الاجتماعي حيث أصبح المواطن السوداني اليوم يعيش في خوف دائم يفقد في كل لحظة شخصاً عزيزاً أو يرى دماراً يحيط به من كل جانب المشهد اليوم في السودان يذكرنا بأكثر الأزمات الإنسانية شراسة في التاريخ فهذه الحرب من أشد الحروب قسوة ووحشية الملايين من المواطنين أصبحوا لاجئين في وطنهم وخارجه يبحثون عن مأوى يحميهم من نيران ينشدون الأمن والأمان وسد الرمق بينما تفتقر الكثير من المناطق إلى أبسط مقومات الحياة من غذاء وماء ودواء.
– المجتمع الدولي لم يتعامل مع هذه الكارثة بالجدية الكافية وتقاطع المصالح أدى إلى تأخير الحل ففي الوقت الذي تتوالى فيه التقارير الأممية التي تؤكد على الحاجة الملحة للتدخل العاجل تظل الأيادي مغلولة أمام تعنت الأطراف المتحاربة واستمرارها في تقويض أي جهود للسلام.
– حتى مواد الإغاثة التى ترسلها بعض الدول لا يتم توزعيها على مستحقيها إنما تباع جهاراً نهاراً في الأسواق لصالح بعض المتنفذين ويشكل هذا الأمر مشكلة كبيرة تتعلق بالفساد وسوء إدارة الموارد في حالات الطوارئ وعندما تتعرض الإمدادات الإنسانية التي تهدف إلى تخفيف معاناة المحتاجين للتلاعب والاستغلال من قبل بعض المسؤولين أو الجهات المتنفذة فإن ذلك يؤدي إلى تفاقم معاناة الفئات الأكثر ضعفاً.
– بيع المواد الإغاثية في الأسواق بدلاً من توزيعها على مستحقيها يفاقم الأزمة ويثير تساؤلات حول فعالية الرقابة وآليات التوزيع ومواجهة هذه المشكلة تتطلب تعزيز الشفافية والمساءلة ووضع آليات تضمن وصول المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها دون تحريف أو استغلال.
– السودان اليوم يقف على حافة الهاوية فهو بحاجة إلى صحوة دولية عاجلة لإنقاذه من هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة.
– هذه الحفرة التي يقف السودان على حافتها ليست مجرد نتيجة لحرب طاحنة بل هي تراكم لسنوات من التجاهل للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت حتى خرجت عن السيطرة.الآن وفي هذا المنعطف الحاسم يبدو السودان وكأنه يحترق بنيران لا ترحم والنسيج الاجتماعي للبلاد يتفكك تحت وطأة العنف والصراع ولا يمكن إنقاذ هذا البلد من الهاوية التي يتدحرج نحوها إلا بجهود مضنية ومساعٍ حثيثة لإطفاء هذه النيران قبل أن تبتلع كل شيء.الحل يبدأ بإعادة النظر في الأولويات ووضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبارات أخرى.
– يجب أن تكون الأولوية الآن لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية وفتح ممرات آمنة للنازحين ووضع حد نهائي لهذا النزاع الذي حصد الأرواح ودمر البلاد.
– في النهاية لا يمكن للسودان أن ينهض مجدداً إلا بإيقاف هذه الحرب الوحشية هذا البلد الذي يمتلك تاريخاً حافلاً بالثقافة والتنوع يستحق أن يعيش في سلام واستقرار ويستحق أن يتجاوز هذه المحنة الصعبة ليبدأ رحلة التعافي وإعادة البناء من جديد.
– الحل يبدأ بإعادة النظر في الأولويات ووضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبارات أخرى فلا بد من وقف إطلاق النار وفتح قنوات للحوار الجاد وإعادة بناء الثقة بين الأطراف المختلفة.
– السودان اليوم بحاجة إلى من ينتشله من هذه الحفرة، لينقذه من نار الحرب التي تهدد بابتلاع كل ما تبقى.
ظل أخير
الحرب تُبقي الأوطان في ظلام
وتحرم الأجيال من نور السلام
كم من أحلام تحطمت على أسوار الحروب
وكم من أرواح أزهقتها نيران النزاعات