هلال وظلال
عبد المنعم هلال
السودان وجنوب السودان روح واحدة في جسدين
ـ ما خطه الجنوب سوداني (جال مقوك نيال) يعكس مشهداً استثنائيًا لعلاقة رياضية تتجاوز المنافسة لتصل إلى أبعاد أعمق من الوحدة والشعور المشترك وبأسلوبه البسيط والساخر صور جال مقوك كيف أن السودان بشطريه الشمالي والجنوبي شارك في تصفيات البطولات الإفريقية وكأنه منتخب واحد باسمين مختلفين.
ـ يبدأ الكاتب بتشبيه لافت حين يقول (أصلا أحنا داخلين في دوريات الإفريقية دي بمنتخبين يعني زي الصرفتين في صندوق واحد) هذا التعبير يعكس فكرة أن كلا المنتخبين رغم استقلال جنوب السودان كدولة يحملان الإرث المشترك للسودان الكبير سواء في التسمية أو في الروح الرياضية.
ـ في حديثه عن خسارة منتخب جنوب السودان أمام رواندا في تصفيات كأس أمم إفريقيا للمحليين (شان) يوضح مقوك كيف أن هذا الإقصاء المبكر منح الفرصة لمنتخب السودان الشمالي لمواصلة المشوار قائلاً (طلع منتخب جنوب السودان ودخل منتخب السودان الشقيق في محلو طوالي) وكأن الأمر أشبه بعملية تبادل بين شقيقين يتقاسمان الحلم نفسه وهو الاستمرار في تمثيل اسم السودان على الساحة الإفريقية.
ـ جال مقوك لم يتوقف عند خسارة منتخب جنوب السودان وخروجه من البطولة كحدث مؤسف فقط بل أضفى عليها لمسة إنسانية قائلاً (بالرغم أن الخسارة مؤسفة ولكن في نفس الوقت ذرعت بسمة في وجه أشقائنا في شطرنا الثاني) هذه العبارة تلخص أن الفرح والخسارة كلاهما يمكن أن ينظر إليهما كجزء من رحلة واحدة يتشاركها الأشقاء بروح واحدة.
ـ ينتقل الكاتب بعد ذلك إلى الدعوة لدعم المنتخب السوداني في مشواره القادم مؤكداً أن جنوب السودان سيظل (سنداً ودعماً لمنتخب السودان الشقيق في مبارياته القادمة) هنا يظهر الجانب العاطفي والعلاقة العميقة التي تربط الشطرين وكأن الرياضة هي لغة الحوار التي تجدد أواصر الوحدة في كل مرة يتأهل فيها أحدهما.
ـ ويختم الكاتب حديثه بروح الدعابة حين يشير إلى مواجهة محتملة في كرة السلة قائلاً (منتظرنهم في كرة السلة علشان نوريهم الطفا نور منو ونطبق فيهم ما لم يطبقه النجار على خشب) هذه الإشارة الطريفة تعكس التنافس الأخوي الذي يمزج بين الجدية والفكاهة ويؤكد أن الرياضة ليست مجرد نتائج بل هي مساحة لإظهار الحب والتقدير حتى في أوقات التحدي.
ـ ما كتبه جال مقوك نيال يمثل درساً عميقاً في كيفية تجاوز الحدود السياسية والثقافية عبر الرياضة فالمنتخبان رغم الانفصال الجغرافي والسياسي لا يزالان يعبران عن هوية مشتركة واسم واحد (السودان) ويظهر أن الرياضة بما تحمله من منافسة وتحديات يمكن أن تكون وسيلة لإعادة بناء العلاقات وتجديد الأواصر بين الأشقاء.
ـ إن ما خطه الجنوب سوداني جال مقوك نيال ليس مجرد حديث عن كرة القدم أو الرياضة بشكل عام بل هو شهادة حية على أن الهوية الوطنية والقيم المشتركة قادرة على الصمود في وجه كل الظروف لتبقى (الحصة وطن والسودنة لازم تسود)