صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

السيرة مرقت عصر

702
افياء
أيمن كبوش
السيرة مرقت عصر
# دندت بها عصرا، والشمس تزف بريقها في حضرة المغيب، وأم درمان تجهز نفسها لقيدومة الفرسان.. من هنا عبر امل الحديد والنار، ومن هنا نال المريخ تأشيرة الدخول، ما بين البقعة وزنزبار البعيدة اسرجنا خيول الأحلام ووقعنا بالاحرف الأولى على وثيقة الحضور الأفريقي الجميل.. هل كانت أم درمان هي كلمة السر..؟! أنني اسأل سؤالا اعرف إجابته التي التقطتها كفاحا من تلك البقعة الحفية ولكن..
# (الامدرمانجية) يتحدثون بدهشة ظاهرة عن مدينتهم.. يعلون مراتبها وينسون في العادة الكتابة عن السر والسحر.. ونحن نأخذ منها ما يعجبنا.. ونعشق فيها ما يعجب الناس.. بل كل الناس.. واذا كانت ام درمان واهل امدرمان يتفاخرون بانها مهبط الشعر والشعراء ويجترون الحكايات.. ويقولون ان القصائد والاغاني كانت تمر فيها وتنساب بذات الخطى التي خطاها صالح عبد السيد ابو صلاح.. وخليل فرح.. وعوض احمد خليفة.. بكل الزهو والفخر.. فنحن نقول ابتداء يكفي انها المدينة التي انجبت «الهلال» الذي كان يعبر عن سودان العشاق وامدرمان انا السودان.. ولكن دعوني اصدقكم القول بان كل هذا الضياء «الامدرماني» الذي يشع ويجتاز الحدود الجغرافية.. لا يعنينا كثيرا بقدرما يعنينا ذلك الشدو: «كم نظرنا هلال ما شقانا غير هلالو.. وما اظنو هلال يروينا غير هلالو» لانه موحد القلوب في مدينة المساءات السودانية الشجية… عاصمة الحب.. وعاشقة الشعر والشعراء.. لكل شارع من شوارعها الضيقة وازقتها (الخنادق) قصة.. ولكل حجر من حجارتها الكريمة وطابيتها وشواطيئها اقاصيص واحاجي.. ذاكرتها مزدحمة كما لا تزدحم ذاكرة مدينة اخرى بحكايا وهدايا واغنيات ووجوه عابرة.. يكفي أن صاحب «قصائد حب لامدرمان» كتب لنا واليها:
وجاني المنادي ينادي بيك
وسرت زي الضو عليك
وصرخت يا جنة بلال
عالجني يا عابدين شرف
سامحني يا استاد الهلال
الليلة يا ام درمان بشوف
كل المدن في توب سماحتك تنهجك
زهت الفتيحاب بالشمش
واتبسمت بانت على وش أب كدوك
والعرضة غنت من مطامير الحقيبة الصادحة
هم ما بشبهوك
من يوم ولدتي العاشقين
ما شفتي يوم بيت ناس ابوك
وعشق المدن توّر علىّ جرح الغرام
غرامي ليك.. خايف … بي جمالك يشدهك
واتلملمن بنوت فريق القلعة
غنن من شعر ناس ابو صلاح
يا الله لزمني الجراح
انا ما حبيس سجن التلج
لكني مطلوق السراح
# وفية جدا هذه «الامدرمان»… للطين والجالوص والعروش الزنكية.. ولانها ارض الجمال «الفيها الهلال والتيه والدلال» وشعب الهلال.. نجد ان انسانها النبيل مازال مضيافا باريحية عصية على التصديق.. رغم عوامل التعرية الكثيفة والجفاف المستحكم وافعال الزمن.. مدينة تفتح أبوابها لكل العابرين.. ووفائها مضاعف لكل القادمين واهلها اصفياء اتقياء بمختلف قبائلهم وسحناتهم.. بل هي مدينة تتماهى فيها العنصرية حيث صار الانتماء لها هو جواز السفر وبطاقة الهوية.. مدينة تلغي الفوارق وتعتمد فقط علي الجواز الانساني الذي يكفي للعبور والمرور عبر كل المداخل والممرات.. ولكن اشد ما يعجبني فيها انها تتوج «الهلال» كما السودان اميرا يحكم الدنيا ويتجول في شوارعها الاغاني.. ان ام درمان لو اكتفت بـ«الازرق والابيض» او «الزرقة والبياض» شعارا لكفاها.. وكفتنا بالطبع.. ولكنها مدينة لا تجيد الانغلاق ووحدانية المحبة والوجدان.. لذلك كانت هي كلمة السر التي منحت “الشياطين الحمر” رسم العبور، مثلما كانت هي المبتدأ الذي اضاء سماء زنزبار بخبر فهود الشمال.
# الان تستعد «امدرمان» لزفاف الهلال.. ترتدي المدينة زيها الرسمي «ازرقا عليه بياض نية».. فيا خيل الهلال اركبي.. Majzoob

 

قد يعجبك أيضا
تعليق 1
  1. خالد يقول

    كبوش يا رائع تأبى الكلمات أن توفيك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد