صابنها
محمد عبد الماجد
الشيخ محمد احمد حسن شيخ الطريقة (التلقائية)
• الشيخ محمد احمد حسن مثل (النسمة) الطبيعية ، التى احتفظت بأصالتها – (هوا طلق) لم تدخله (كندشة) التكييف او تخالطه نسمات مكيفات (سبلت) او حتى مكيفات (موية) عادية.
• هو (دعاش) يحمل رائحة طمي النيل و(همريب) ، تنوم عندما يضربك من شباك قبلي فاتح الضلفتين.
• الطبيعة في الشيخ محمد احمد حسن على ذلك النحو – نحن الى وقتنا هذا عندنا من لا يعرف النوم تحت هواء (المكيفات) ، اذ يفضّل الكثيرون الهواء الطبيعي (هوا الله دا ) الذي لم تدخل عليه (محسنات) التبريد.
• كلام الشيخ محمد احمد حسن مثل (النوم في الحوش).
• احتفظ الشيخ محمد احمد حسن بطبيعته التى جاء بها ، ولكنته (الشايقية) الجميلة التى تشبه (دفيق) التمر في الملابس البيضاء (ريحة التمر فوق الهدوم..لون الخدار خانس لبد) صوته كان يحمل تلك الملامح رغم انه درس في مصر في وقت لا يصل فيه لمصر إلّا (البهوات) ، مع ان السفر للقاهرة كان حينها بدون (جواز) ،لكنه لم يكن متاح للعامة، وكان الشيخ قد ذهب لمصر للدراسة بها في ستينات القرن الماضي ودرس المرحلة الثانوية في الاسكندرية (مدرسة التجارة) واكمل تعليمه في مصر بكورس في معهد (رمضان شحاتة) للعلوم الدينية بعد ان كان قد درس في خلوة (الفكي البشير محمد صالح) في القولد بحري بالولاية الشمالية منطقة (شبعانة).
• محمد احمد حسن هاجر جده لابوه من (تنقاسي) الى (القولد) ليتزوج من هناك فيحدث ذلك التخالط بين جد (شايقي) وجدة (دنقلاوية) فيعطينا ذلك (الخلاسية والخلاصة) التى تمثلت في الشيخ محمد احمد حسن باللطف الذي تعرفونه به والملامح السودانية الدقيقة والشلوخ التقليدية.
• جاء الشيخ محمد احمد حسن مبكرا الى الخرطوم سنة 1966م بعد ان نال الشهادة الثانوية سنة 1965 في مصر ، وتم تعينه عن طريق (بند العطالة) بعد ان شاهدهم وهم (عطالة) في ميدان ابوجنزير وزير المالية السابق الشريف حسين الهندي فكان الشيخ محمد احمد حسن ضمن اول دفعة يتم تعينه في (الحسابات) عبر بند (العطالة) كما قال محمد احمد حسن لتلفزيون السودان ليبدأ الشيخ الداعية ذو اللغة (الواصلة) حياته العملية (محاسبا) في مدينة الدامر في ادارة الموظفين العموميين براتب قدره 25 جنيه و50 قرشا…كان ذلك المرتب يجعله من (الافندية) ، عندما كان للوظيفة بريق وهيبة ومكانة رفيعة في المجتمع تجعل الموظف الاعلى هامة بين الناس.
• طوّر الشيخ محمد احمد حسن مقدراته عندما عاد للخرطوم من الدامر ودرس في (المعهد الكتابي) في الخرطوم ليجيد ويتقن الكتابة على الآلة الطابعة (عربي وانجليزي) ويصبح ماهرا في ذلك و (فنانا) لا يشق له غبار كما قال ، حيث نال الدرجة الاولى (اجادة) لينقل الى وزارة الدفاع ويعمل في القيادة الشرقية بالقضارف ،وبعد ان اكمل عامه الاول هناك تم نقله الى حامية كسلا، ثم الى الاستوائية (توريت) وتم تدريبه على (السلاح) ليبدأ من هناك انطلاقته الحقيقة حيث كانت اول خطبة له في (توريت) سنة 1969م عندما كان غياب الامام سببا في تقديمه (اماما) لصلاة الجمعة…حيث اختار ان يقاتل بـ (الكلمة) بدلا من ان يقاتل بـ (السلاح)..سلاحه كان (طريقته) التى اختارها وعرفها، فقد كان (الشيخ) الورع والتقي شيخ (الطريقة التلقائية)، لم ينضم لحزب ولم ينتسب لجماعة او طريقة غير (الطريقة التلقائية) والعفوية الجميلة.
• شكرا كثيرا للامام الذي غاب في ذلك اليوم لنكتشف (فتحا جديدا) في سيرة الدعاة بلطف ويسر ولغة سودانية (حنينة).
• لغته لا يوجد فيها تلك (الغلظة) التى توجد عند نظرائه من الدعاة…اتخذ (الوسطية) فكان ذلك (اليسر) فيما يقدمه ويستوعبه الناس.
• الشيخ محمد احمد حسن كان مثل (الموية الباردة) في الجوف – سهلا ، بعيدا عن التعقيدات والغموض.
• كأنه يحدثك من وراء (قرابة دم) ، او من خلال (صلة صداقة) عميقة…تحس بالألفة نحوه على ذلك النحو الذي حدثتكم عنه ولم ابلغ المعشار في وصفه.
• يقول الشيخ محمد احمد حسن في برنامج (اسماء في حياتنا) مع عمر الجزلي انه تعلم من الجيش (الانضباط) فهو اكثر ما يحرص على مواعيده ، يفعل ذلك وهو على سلم العقد التاسع من العمر – عمل الشيخ الجليل بعد مرحلة (توريت) في الكلية الحربية واسس (مدرسة التربية) في القيادة العامة لينقل بعد (8) سنوات من وزارة الدفاع الى وزارة الري في مدني ثم الى المناقل 24 القرشي لينقل من هناك مباشرة الى قنطرة 131 التى عمل فيها لمدة (3) سنوات. ليتم نقله بعد ذلك الى وزارة الصناعة ويصبح (باش كاتب) في مكتب وزير الصناعة ويعاصر 5 وزراء صناعة ويبقى في تلك الوزارة لمدة 7 سنوات ثم ينقل بعد ذلك بترقية جديدة اضافت لمرتبه (10) جنيهات الى وظيفة جديدة منتدبا للمجلس القومي للبحوث ويعمل هناك (7) سنوات.
• هذا التنقل بين المدن والوزارات اضافة الى دعاء والده الذي كان يتمنى ان يراه داعية كبير ، كان سببا في ذلك التميز والشهرة التى حققها الشيخ في مسيرته الدعوية العظيمة.
• في عام 1982 قدم اول خطبه الدينية في الجامع العتيق بالصحافة غرب بعد ان توفى الامام في حادث حركة فقدمه للإمامة سكان الحي باللغة واللهجة التى رفض ان يغيرها وعرف كيف يصل بها لقلوب الناس سريعا.
• في عام 1991 وبعد ان استمع له الاعلامي والمذيع الشهير (اسحاق عثمان) في خطبة الجمعة اعجب بلغته وطريقته ، وطرحه فاقترح عليه تقديم برامج دينية في تلفزيون السودان ليقدم في نفس العام اول ثلاث حلقات في شهر رمضان جعلت ادارة التلفزيون تطالب منه ان يقدم برنامج ثابت في التلفزيون اطلق عليه اسم (الدين النصيحة) استمر في التلفزيون القومي لمدة (10) سنوات متواصلة – انطلق بعدها الشيخ محمد احمد حسن للعمل في الاذاعة والفضائيات الاخرى كان اشهرها قناة الشروق بعد ان حققت برامجه الدينية نجاحا كبيرا واصبحت مشاهداته تفوق مشاهدة المسلسلات العربية ومباريات كرة القدم بسبب الطريقة الجديدة التى جاء بها والتلقائية (العفيفة) التى عرف عنه الناس.
• شكرا للاعلامي اسحاق عثمان الذي منحنا ذلك الاكتشاف العظيم…وشكرا لعمر الجزلي الذي قدم له الدعم في بدايات الشيخ (التلفزيونية).
• هذا (اللطف) الذي يقدم به الشيخ محمد احمد حسن (الفتاوي) – يشبه لحد بعيد (الزي القومي) – والجلابية والعمة – تكاد ان (تتكرف) كلماته فتجد فيها رائحة الام والاب والجدة والجد.
• تكاد ان تشوف في اطلالته الجميلة (شفع الحلة) فتجلس له طائعا مختارا وبراءة الاطفال في عينه مع وقار وهيبة وبهاء الشيوخ.
• حقيقة الامر برنامج الشيخ محمد احمد حسن لم يكن فقط (الدين النصيحة) وانما كان (الدين يُسر) وهو يقدمه بتلك البساطة واليُسر والعفوية دون ان يلحن في القول او النصوص او الاحاديث او يخطأ في الفتاوى.
• في برنامج (اسماء في حياتنا) حكى الشيخ محمد احمد حسن عن طرفة حدثت له عندما تعرض للكسر وهو حاجا لبيت الله، فاوصى عليه في المستشفى السعودي الاطباء السودانيين زميلهم المصري الذي اجرى له العملية وكرروا له وصيتهم وشددوا عليها ليقول له الطبيب المصري انت شعبيتك في السودان مثل شعبية ام كلثوم في مصر.
• الطبيب المصري لا يدري ان حب الناس له في السودان كان اكبر.
• تخيلوا ان (شيخ) يصل لهذه الشعبية عن طريق الارشاد والنصح ، ويحقق تلك النجومية بعيدا عن (الكفر والوتر) – هذه عبقرية تحسب له ..وفتح يرد لطريقته (التلقائية) والمبسطة.
• مع تلك التلقائية والبساطة كان الشيخ محمد احمد حسن يستقبل مكالمات المشاهدين ويجيب على اسئلتهم الصعبة في برامج على الهواء مباشرة بحضور مميز وفتاوى يرجع فيها للقرآن والسيرة النبوية في الحين.
• نجومية الشيخ محمد احمد حسن ، جعلت الشائعات تلاحقه ، والموت يطارده اكثر من مرة – كما كانت طريقته المميزة سببا لتقديم الكثير من (الطرائف) التى كان يضحك لها الشيخ نفسه وهو يسمعها من فرقة (الهيلا هوب) وقد رحّب الشيخ بتقليده شريطة ان لا يكون ذلك عن طريق (فتاوى) لم يذكرها الشيخ ولا تتوافق مع الدين الاسلامي الحنيف.
• قبل الشيخ محمد احمد حسن السخرية منه – لكنه رفض وحذر من السخرية من (الفتاوى) او التندر بها.
• الشيخ محمد احمد حسن مع عودته الاصيلة للجذور وتمسكه بلغة (واصلة) ، إلّا انه كان مواكبا للأحداث والآراء والقوانين وهو يرجع الى القوانين التى تجيزها المجمعات الاسلامية تواكبا مع العصر.
• رحل الشيخ محمد احمد حسن في وقت صعيب – العالم فيه كان كله في عزلة ، وهو مشغول بجائحة (كورونا) – لكن الجميع توقفوا عند رحيله المر- ودعا له كل الناس بالرحمة والمغفرة ، فقد اعطى الشيخ كل العطاء ، ورحل في هدوء بعد ان ترك (فراغات) عريضة في البرامج الدينية في الفضائيات السودانية والمجتمع بصورة عامة.
• سوف تبقى ذكراه وبرامجه وعلومه بين الناس الى ان تقوم الساعة يتنقلوا فتاويه وسيرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويرجعوا لها كلما ضاع عليهم الطريق.
• لم اجد في حب الشيخ محمد احمد حسن نظيرا غير حب الناس للشيخ محمد سيد حاج الذي احبه الناس وحملوا خطبه وندواته الدينية في ترحالهم ومقامهم ، وكانت طلبات شرائط وفيديوهات محاضرته تفوق طلبات برنامج (ما يطلبه المستمعون) عندما كان في اوج عظمته ، وكان المستمعون لتسجيلاته يفوقون المستمعون لبرنامج (ربوع السودان) وهو في قمته.
• اللهم ارحمهما ..واحسن لهما الجزاء ، فقد اجزلا في العطاء والعمل على نشرة الدعوة الاسلامية.
• ولا حول ولا قوة إلّا بالله.
• …….
• ترس اخير /
• ظللنا ننتقد ونستنكر (الشائعات) التى كانت تقتل الشيخ محمد احمد حسن قبل يومه، وكنا نشجب وندين من يطلقها – حتى اذا تأكد لنا خبر رحيل الشيخ محمد احمد حسن تمنينا لو انه كان (شائعة)!!.
صحيفة ريمونتادا