صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

العشوائية لا تجلب بطولات

30

احتفال المريخ بكأس سيكافا وتشريف نائب ريئس الجكهورية (19)

العشوائية لا تجلب بطولات
بقلم: مازن صلاح خضر
        في البدء نسوق التهنئة لقطبي الكرة السودانية الهلال والمريخ لتأهلهما لمجموعات دوري أبطال أفريقيا، وإن كان وصول الهلال لهذه المرحلة ليس بالخبر الجديد، ولكن تبقي الإضافة الجديدة للكرة السودانية هي صعود الفريقين معاً للمجموعات، وهي ظاهرة تكررت للمرة الثانية بعد المرة الأولي في العام 2009.
         ولعل هذا الأمر يعد إضافة للكرة السودانية، التي إبتعدت عن دورها الريادي في أفريقيا لفترة طويلة، حيث أن السودان بجانب مصر وأثيوبيا وجنوب إفريقيا كما نعلم جميعنا هي الدول التي أسست الإتحاد الأفريقي لكرة القدم، وبإستثناء مرة واحدة في العام 1970 لم يفتح الله علي السودان بلقب بطولة الأمم الأفريقية !! لكن ومع الأسف الشديد فقد إستسلم القائمون علي أمر الرياضة في السودان لذلك الواقع الذي أضحي ضرباً من النوم علي وتر الذكريات الجميلة والتي إنقضت مع إنقضاء وقتها، وعندما أفقنا من النوم وجدنا أن الدول التي شاركت السودان في تأسيس الإتحاد الأفريقي لكرة القدم، تقدمت علينا بمئات السنوات الضوئية، وبالنظر فقط لمصر وجنوب أفريقيا، نجد أن الفرق بات شاسعاً في مستوي المكونات الرياضية من أندية ومنتخبات وكوادر وبنايات تحتية متقدمة، ولانقول أن اللحاق بركب تلك الدول يعد ضرباً من المستحيل، فكل المقومات لبناء نهضة رياضية متوفرة للسودان، لكن يغلب علينا طابع العشوائية في إدارة تلك المقومات، فلو تأملنا بتمعن مايحدث هذه الأيام من تخبط وعشوائية في عملية تسجيل اللاعبين الأجانب، لأدركنا أن مشكل الكرة السودانية يكمن في طبيعة العقليات المسيطرة علي إدارة نشاط كرة القدم في السودان، فبالله عليكم كيف لإدارة نادي أن تقوم بتسجيل لاعبين لتقوم بشطبهم بعد أقل من ستة أشهر، وكيف لإدارة نادي أن تقوم بجلب لاعبين معطوبين ؟ مع العلم أن هؤلاء اللاعبين وطوال هذه الفترة يصرفون رواتبهم بالدولار ويقيمون في شقق تكلف الأندية أموالاً طائلة دون أن يشاركوا في مباراة تنافسية واحدة سواء اكان ذلك داخلياً أو خارجياً، حتي الذي شارك منهم في مباريات تعد علي أصابع اليد، لم يقدم فائدة ملموسة لنادية، بل أن مستواه لم يصنع الفارق مع أقرانه من اللاعبين المحليين !!! فلماذا نصر علي تسجيلهم طالما أن مستواهم ليس أفضل من الخامات المحلية؟
        وتنطبق تلك العشوائية علي اتحادات الكرة ، التي أهملت واجباتها وفقدت بوصلة السيطرة علي الأوضاع قبل أن تتفاقم ونصل إلي ماصرنا إليه اليوم من عك كروي يسمي وهماً بأندية جماهيرية ومنتخبات تحمل إسم الوطن لتمثل به لالتمثله في المحافل الخارجية !!!
        العشوائية كذلك تشمل بعض الصحف الرياضية والكتاب الرياضيين ومن إتبع خطواتهم من المشجعين المتعصبين، حيث ترك كل هؤلاء دورهم المنوط بهم في متابعة ونقد وتقويم أخطاء تلك الاتحادات والأندية وأصبحوا أسيري أهوائهم وميولهم الرياضية علي حساب المصلحة العامة، فالصحافة الرياضية إذا إنحدرت إلي مستوي المشجعين المتعصبين لأنديتهم، تصبح صحافة مسلوبة وغير قادرة علي أداء أعبائها ومهامها المنوط بها، وبذلك تفقد الرياضية ركناً مهماً من أركانها، تماماً مثلماً يغيب الدور الرقابي في أي مؤسسة أخري !!!
        خلاصة القول، أن حال الرياضة المحلية لن ينصلح في ظل ماذكرناه من معطيات وحقائق مرة ماثلة أمام أعيننا، فالمطلوب هو الخروج من عباءة العشوائية والتعصب الضيق، وإرتداء ثوب المصلحة العامة، ووضع نظام متسق لبناء أساس متين للكرة السودانية، يقوم علي تأسيس بني تحتية ومدارس سنية تكون عماداً للرياضية السودانية في المستقبل ولامانع من الاستعانة بالكوادر الأجنبية سواء أكانوا مدربين أولاعبين يصنعون الفارق أو مدرسي تربية رياضية طالما أن الهدف هو دراسة وتعلم فنون كرة القدم وأسس إدارتها، والتي أصبحت مثلها مثل غيرها من العلوم….. ولنضرب مثالاً بسيطاً بدولة الصين، فقد أجمع الكل بما فيهم الصينيون أنفسهم، أن الصين تتميز فقط في مجال رياضات ألعاب القوي، ولاتقوي علي منافسة دول متقدمة في كرة القدم مثل البرازيل والأرجنتين وألمانيا وأسبانيا وهولندا وفرنسا وغيرها من الدول، وذلك لإفتقار عناصرها للموهبة الفطرية في مجال كرة القدم، لكن ومع ذلك فلم تركن الصين لذلك ولم تلق المنديل، بل أنها شرعت في إدخال مادة كرة القدم كمادة إجبارية في كل المدارس إبتداءاً من المرحلة الابتدائية وحتي المرحلة الثانوية….. بل أن الصين وفي سبيل بلوغ غاياتها، أسست برنامجاً بالتعاون مع مدرسة ساوباولو في البرازيل لتأهيل خمسين لاعب كرة قدم من فئة البراعم سنوياً ، ومن المؤكد أنه وإن لم ينجح كل هذا العدد فعلي الأقل سيكون للصين منتخب كرة قدم قوي في ظرف سنوات قليلة، ولعلنا قد تابعنا تطور مستوي المنتخب الصيني الذي شارك مؤخراً في بطولة آسيا للمنتخبات 2014 في أستراليا، والذي تمكن من التغلب علي منتخبات ذات سمعة محترمة كالسعودية واوزبكستان وبلوغ لمرحلة دور الثمانية دون هزيمة….. لذلك في إعتقادي أن المنتخب الصيني سيقدم تجربة متميزة في تصفيات كاس العالم لعامي 2018 بروسيا و2022 بقطر، وسيحصد ثمار تخطيطة السليم والذي بدأ مبكراً…… فابالله عليكم ماذا سيحدث إذا تكرمت إدارات الأندية بتخصيص ولو نسبة 10% فقط من المبالغ التي تمنح للمحترفين أنصاف المواهب، ورفدت بها قطاع المراحل السنية، خصوصاً وأن أطفال السودان مسكونين بالموهبة الفطرية في كرة القدم……. ومن يبحث عن ذلك، فعلية متابعة ذلك في الأحياء……. فمن منكم لم تداعب قدماه كرة الشراب؟
قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد