في بيت فنان ليهو قيمة العميري: عندك وقفت من المشي وغرقت في ضوء النهار
الابيض: نيازي محمد علي
يعد الفنان الراحل عبد العزيز العميري، نموذجاً متفرداً لمعنى الفنان الشامل، في رقته وسماحته وطيبة معشره، كان نسيجاً لوحده، وزهرة يانعة في بستان الفن، وطائراً غرّيداً يشجي المسامع، سحراً من الكلمات، والموسيقى، والألحان الموقعة كالهمس، والأمنيات العذبة.
ولد العميري بعروس الرمال مدينة الأبيض، التي تفتخر به كثير كواحدا من مبدعيها الأفزاز، الخالدين بعطائهم الثر وتجربته المميزة في مسيرة الابداع السوداني، شعرا ومسرحا وتمثيلا وغناء، تغني بكلماته الفنانين “مصطفي سيد احمد، حمد الريح، وسيف الجامعة” كما تغني العميري وأطرب.
[ad#Google Adsense]
عمل الراحل عبد العزيز العميري، الذي زارت (كورة سودانية)منزله بمدينة الأبيض مخرجاً بارعاً بتلفزيون والإذاعة وتحفظ له مكتبتي التلفزيون والاذاعة، كثير من برامج المنوعات والسهرات والمسرحيات الجميلة.
ـــــــــــ
في منزل العميري، كان الاحتفاء حاراً، والكرم فياضاً، والبشاشة لونت الوجوه الوضيئة، رغم اجترار الذكريات، الذي جدد كثيرا من الأحزان.
الاستاذ شريف العميري الشقيق الاكبر للراحل الفنان عبد العزيز العميري حكي بشجن عن تاثير العميري علي حياته، وقال بذاكرة متقدة: (اصبحت خطيباً وشاعرا بفضل علاقتي الحميمة مع شقيقي الاصغر الراحل عبد العزيز).
وأوضح شريف العميري، أن شقيقه، ولد في مطلع العام 1954م، درس الابتدائية بالمدرسة الشرقية (كتاب الابيض) وبعدها انتقل الي المرحلة المتوسطة بمدرسة (الابيض الأهلية) قبل أن يشد رحاله الي العاصمة الخرطوم ليلتحق بالتدريب المهني، ويعمل بمصنع النسيج السوداني.
وقال شريف ان انطلاقة العميري الفنية، بدأت من مركز شباب ام درمان، وكان وقتها يقطن بحي ابوروف، قبل أن يلتحق بالمعهد العالي للموسيقي والمسرح في عام 1975م الدفعة السابعة، التي زامل فيها المبدعون خطاب حسن احمد، محمد عبد الرحيم القرني ومني عبد اللطيف.
وقال شريف ان شقيقة العميري عقب تخرجه من المعهد التحق بالعمل مخرجاً بتلفزيون السودان وشارك في اخراج العديد من المسرحيات منها:(وادي ام سدر، تاجوج، المهدي في ضواحي الخرطوم، التحدي واحلام الزمان).
واضاف شريف أن الراحل عبد العزيز وضع بصمته الخاصة للكثير من البرامج التلفزيونية الشهيرة منها، (محطة التلفزيون الاهلية) وكان من اميز الاعمال التي قدم من خلالها الراحل العميري الدراما والشعر والغناء.
وأكد شريف، شارك في كثير من المسرحيات والمسلسلات الإذاعية، منها (سفينة نوح، ودنيا صفاء ودنيا انتباه ، بت المنا بت مساعد) كما كتب العميري الشعر بالعامية والفصيح وله ديوان يحمل عنوان (بعيد ياخوانا بتذكر)، كما له الكثير من النصوص الغنائية مثل اغنيات (الممشي العريض للفنان مصطفي سيد احمد، يا نديدي واجيك من وين لسيف الجامعة، وست القلوب لحمد الريح، ولواعيش زول ليهو قيمة، الأغنية التي قدمته للساحة كفنان كبير.
وعن يوم رحيل حكي شريف عبد الرحمن بعيون دامعة: (سمع بالخبر وأنا في مطار الخرطوم، تحركت وقتها مسرعا لمنطقة ابوروف التي كان يقطن بها العميري وجدت كل نساء الحي في المنزل، تحركنا بسرعة نحو مقابر أحمد شرفي وحين وصلنا كان جثمان العميري قد وري الثري، حزنت حزنا عميقاً وكتبت مرثية بعنوان (طائر الفردوس ) قلت في جزء منها: (شلت يميني وانقطعت عن الوري/ وتكشفت عن شرها الازمان/ ياطائر الفردوس هل غادرتنا / وتركتني متظلماً ام حالماً بامان/ يافارسا عقدت لواءك قبطة/ وبشاشة مزهوة الالوان).
الشباب محمد حمزة الذي رافق (كورة سودانية) لزيارة الممشي العريض، بحي الربع الثاني ذلك الشارع الذي كتب عنه العميري قصيدته المشهورة لمصطفي سيد احمد قال:(ان العميري رمز من رموز شباب كردفان الذين قدموا الكثير من الاعمال الخالدة في ذاكرة الشعب السوداني).
اما صاحب بقالة (الممشي العريض) صالح عبد الرحمن قال :(الشارع ده مفروض يكون ليهو قيمة، لانه خالد في تاريخ الغناء، كتب عنه العميري وتغني له مصطفي سيد أحمد)، ثم شدي بصوت جميل: (مكتوبة في الممشى العريض/ شيلة خطوتك للبنية/ مرسومة بالخط العنيد/ في ذمة الحاضر وصية / شاهدة التواريخ والسير والإنتظار/ أدوني من قبلك مناديل الوصول/ وفردت أجنحة العشم/ في ساحة الوطن البتول/ وضحكت ما هماني شئ / وبكيت ولا هماني شئ/ عندك وقفت من المشي/ وغرقت في ضوء النهار