* وقبل شهر تقريباً كنا نمد ألسنة السخرية متندرين عبر هذه المساحة عندما أعلن عبد الحميد موسى كاشا بجرأة متناهية أنه (قفز) من سفينة الإنقاذ قبل أن تغرق، ويبدو أننا كنا مخطئين فالرجل رغم مجافاة حديثه للصحة إلا أنه كان أبعد رفاقه نظراً؛ واختار الهروب ليكون (الملجأ والحل) قبل أن تنزل عليه (صواعق البل) ..!
* مخطئ من يظن أن المغامر النمساوي ذائع الصيت فيليكس بومغارتنر يعتبر صاحب أعلى قفزة في تاريخ البشرية؛ فالوزير والوالي السابق عبد الحميد كاشا نافس صاحب اللقب العالمي بقفزة خطيرة (ونطة ما منظور مثيلا)..!
* إن كان فيليكس قفز من ارتفاع 38.6 كيلومتراً قبل سبع سنوات، في انجاز يتحقق لأول مرة عبر التاريخ؛ محققاً ثلاثة أرقام قياسية تمثلت في (الرقم القياسي لأعلى منطاد مأهول “38.6 كيلومترا”، وأعلى سرعة سقوط، وأعلى قفزة في العالم بالمظلة)، فإن كاشا قفز من ارتفاع (30 سنة إنقاذية) مستغلاً وحدة قياس المسافات البعيدة بين الأرض والنجوم كالسنة الضوئية ليحطم بذلك ثلاثة أرقام قياسية تمثلت في (الرقم القياسي لأغرب تحول سياسي، وأعلى سرعة سقوط مبدئي يشهدها التاريخ الإنساني، وأغبى عملية استهبال سياسي للضحك على العقل السوداني)..!
* قال كاشا بجرأة لا تعرف الحياء؛ و(قوة عين) لا تكسرها (المواقف النية) أنه (قفز من سفينة الإنقاذ قبل أن تغرق؛ وعلينا التسليم بغروب شمس الإسلاميين في السودان)؛ ومثل هذا الحديث ليس بمستغرب من (قيادي رفيع) بحزب هزيل وكيان هش تم التخطيط لإنشائه داخل المكاتب الحكومية المكيفة بنثرياتها وميزانياتها لينشأ في كنف السلطة ويتربى على يديها ويرضع من ثديها، وظلت (حكومة القهر) تمثل قوته وجبروته وسطوته وزاده وعتاده.
* شخصية كاشا السياسية المهتزة بقفزاتها ومغالطاتها تشبه حزبه تماماً؛ ومن شابه (حزبه) فما ظلم.
* التشابه بين شخصية كاشا السياسية الهزيلة وحزبه البائد؛ عكست ثلاثين عاماً سوداء عاش فيها السودان أطول حقبة إذلال وإخفاق وهوان..!
* معظم قادة المؤتمر الوطني يفترضون في الناس الغباء، فهم إما يظهرون لبعضهم البعض وكأنهم ضحايا ويلوكون أحاديث فجة عن تقديمهم للنصح الذي لم يسمعه أحد؛ أو أنهم يزعمون تقديمهم لمصلحة البلاد وخوفهم على أمنها واستقرارها؛ مع مطالبتهم الساذجة بتعزيز مبادئ الثورة المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة، لا لإيمانها بالثورة وشعاراتها؛ ولكن حتى يتنقلون بين بلدان العالم في (حرية) ويفعلون ما يحلو لهم؛ وينعمون بثروات البلد في (سلام)؛ وكي يبعدون عن المساءلة ولا تصلهم يد (العدالة).
* كنت أحسب أن في تصريحات كاشا انتهازية رخيصة؛ ولكني عندما سمعت بعضهم يحدثنا عن خوفه على الدين والعباد والبلاد أيقنت أن كلهم كاشا ولكن بأسلوب مختلف وطريقة خاصة.
* بالمناسبة : إن نسي الناس لكاشا فساد حكمه؛ وسوء قراراته؛ وهوان أمره؛ فإنهم لن ينسوا أبداً أنه المسؤول الوحيد الذي ظهر بلا خجل في فيديو يساوم رعيته طالباً منهم أن (يشرفوه) بالخروج للرئيس لأن ذاك الأمر سيعينه ويرفع من شأنه؛ مشترطاً عليهم إن فعلوا ذلك أن يقوم هو بدوره بسفلتتة الطريق الذي يطالبون به؛ ووصلت وقاحة كاشا حد المساومة علناً : (يا جماعة انا كان قضيتوا لي غرضي بقضي ليكم غرضكم)؛ وتباً لتلك الأيام وأولئك الحكام.
* نعم، كان الأجدر بكاشا أن يحتفظ بصورة (القيادي الرفيع) التي قدمها به حزبه المؤود حتى ولو لم يكن بحجمها بدلاً عن هذه (الجقلبة والولولة)؛ فسفينة الإنقاذ غرقت وهو داخلها؛ ورموزها وحكامها معروفين؛ وحكومة المؤتمر الوطني ماتت وشبعت موتاً، فالأفضل أن يسجل المرء موقفاً مشرفاً ولو مرة واحدة، وأن يظل صامداً لنائبات الدهر وتقلبات الأيام وتصاريف القدر فالدنيا (قضت غرضها وكملت المعدودة)؛ و الركزة سمحة و(بلاش استهبال وضحك على العقول بالفارغة والمقدودة)..!
* أخيراً : لا يزال غندور مواصلاً استفزازه للشعب الثائر والحكومة الانتقالية لأنه لم يلحق برفاقه خلف القضبان؛ ولكن متى ما بدأت التحقيقات وتواصل فتح ملفات المحاسبة ستختلف التصريحات وتتغير النبرات و(الفي “البل” عوام)..!
نفس أخير
* (مبلول) عليك الليلة يا نعومة.. يا حليل ناس ديل (الكيزان) بجونا..!