صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الكورونا ليست مزحة

43

تأمُلات

كمال الهِدي
الكورونا ليست مزحة

. أبتدر هذا المقال بالتأكيد على أن الدكتور أكرم أحد أكثر وزراء حكومة الثورة احتراماً عندي بسبب ما رأيناه منه من عمل جاد منذ لحظة توليه منصبه.

. قصدت أن أبدأ بذلك حتى لا يتوهم البعض أننا نظلمه بما ستطالعونه في متن المقال.

. ولكونه أحد ثلاثة وزراء ثوريين حقيقة كان لابد من التأكيد على هذه الجزئية.

. وما يجب أن يفهمه الجميع حكومة وشعباً و(عساكر) أن هذا الوباء الذي ضرب العالم ليس مزحة.

. الكورونا هزت كل أرجاء هذه المعمورة، ومن الظلم أن نتناولها في هذا السودان الشاسع كأمر يخص وزارة الصحة وحدها.

. ففي كل بلدان العالم يتم التعامل معها كقضية وطنية تتطلب تضافر جميع الجهود الجادة من أجل محاصرتها.

. إلا أننا في السودان ما زلنا نتعامل مع هذا الفيروس اللئيم بكثير من الاستهتار على المستويين الحكومي والشعبي.

. بالنسبة للحكومة فلا تكفي العبارات المنمقة التي يتحفنا بها رئيس الوزراء. ولا التصريحات المتكررة عن الإستعداد الجيد لمحاصرة الفيروس، بينما نرى على أرض الواقع شيئاً مغايراً.

. ما سمعناه بالأمس من عضو مجلس السيادة الأستاذة عائشة لم يعكس شيئاً مما ردده دكتور حمدوك في خطابه.

. وقد كان مخجلاً جداً أن تدعو عضو مجلس السيادة الشعب للجود بالموجود من أجل إغاثة بضع مئات من العائدين.

. وماذا طلبت عائشة!

. سندوتشات ومياه وعصائر كعون سريع من المواطنين!

. خجلت لحظتها لحكومتنا، وظننت أنني أستمع لسكرتير فريق بإحدى الروابط، أو ثائر يتحدث من أمام القيادة عند بدء الاعتصام.

. أيعقل أن تتعامل الحكومة مع أمر جلل كالذي نحن بصدده بهذا الشكل!!

. إن فشلتم في توفير أربعمائة وجبة مع مياهها وعصائرها، كيف نتوقع منكم تحقيق الأهداف الكبيرة يا أعضاء حكومة ثورتنا!!

. ثم كيف تقول عائشة أن كل دعم مطلوب الآن وإلى حين وصول الأطقم الصحية وكأنهم قد تفاجأوا بالعائدين، أو أن العائدين نزلوا هكذا من السماء دون سابق إنذار!!

. ألا يعطي ذلك الإنطباع بأن الحكومة تتعامل مع الكورونا وكأنها مزحة!!

. لماذا لم تعدوا أنفسكم جيداً وتوفروا كل شيء قبل وصول بصات العالقين!

. وبالنظر لخطورة الفيروس ما كان مقبولاً أن تستقبلوا تلك الجموع قبل وصول الكادر الصحي المدرب للتعامل معهم، سيما أننا نعلم جميعاً درجة استهتار مواطننا وتعامله البسيط مع مثل هذه الأمور.

. ثم جاءت الطامة الكبيرة حين شاهدت منذ لحظات الفيديو المأساوي الموجود أعلى صفحتي بالفيس.

. لم أصدق في البدء أن من افترشوا الأرض هم نفس من كانت عائشة تدعوا المواطنين لأن يدعموهم بالسندوتشات والمياه.

. حكومتك لم توفر لهم المكان الآمن والأسرة يا عائشة فكيف تطلبين لهم السندوتشات من أفراد الشعب العاديين!

. لم يكونوا مجموعة معزين قادمين من إحدى القرى لتقديم الواجب لأهل ميت حتى يكون الهم الأساسي هو توفير الطعام لهم.

. فهؤلاء عادوا من بلد موبوء وربما يحمل أي منهم الفيروس لذلك كان لابد من تعامل احترافي معهم منذ الوهلة الأولى.

. ثم كيف يهون عليكم أن يفترش عدد من المواطنين الذين أتوا بكم لمناصبكم الحالية الأرض بذلك الشكل المهين وفي مكان مظلم رغم قربه الشديد من مسكن رئيس الوزراء شخصياً!

. أين د. حمدوك الذي حدثنا عن التعاون معاً لتجاوز هذه المحنة!

. وأين العسكر الذين لا نسمع لهم صوتاً إلا إذا كان هناك ما يعيق تحقيق أهداف ثورتنا!

. العائدون يفترشون الأرض في مثل هذه الظروف وما زال العسكر على ذات ممارساتهم وأقوالهم الماسخة.

. فقد صرحوا بأن المستشفيات العسكرية لن تستقبل أي حالات، مع أن الجيوش في كل بلدان العالم قد أُسُتُنفرت للتعامل مع هذا الوباء.

. وهل يظن هؤلاء أن الفيروس سيفرق بين ابن فريق أو ابنة غفير إن هجم علينا بشكله المُدمر!
. استهتاركم وغلظتكم في التعامل مع مواطنيكم يمكن أن تؤدي لكارثة حقيقية في مثل هذه الظروف.

. وما لم تتحلوا بقدر من المسئولية، لن تستطيع وزارة الصحة بمفردها أن تفعل شيئاً لمكافحة هذا البلاء.

. فكفوا عن التصرف كتجار وتصدوا لمسئولياتكم كرجال دولة ولو مرة في حياتكم.

. أما وزير الإعلام فليس أمامنا سوى أن نقول له (نوم العوافي).

. فالرجل كإعلامي يدرك جيداً طبيعة وعادات شعبنا، وإلى أي درجة يحتاج هذا الشعب لحملات توعوية مكثفة.

. لكن المحزن أن قنواتنا ما زالت على ضلالها القديم.

. وصحفنا منشغلة بكل ما من شأنه أن يعيق الثوار عن تحقيق أهدافهم.

. إعلام غير مسئول يقف على رأسه وزير تقاعس عن أداء الدور المناط به، فكيف لنا أن نواجه مثل هذا الوباء المُنهك!

. لا يروق لي بالطبع الاستهتار و (ركوب الرأس) الذي يتعامل به بعض المواطنين مع الوباء الخطير.

. لكن ماذا بوسعنا أن نفعل تجاه الشعب إذا كان رب البيت للدف ضارباً!!

. نحن أمام وضع يتطلب الكثير من الجدية والالتزام والحسم من الحكومة، وبدون ذلك ستحل الكارثة دون أدنى شك.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد