هلال وظلال
عبد المنعم هلال
المحترفون الأجانب إضافة نوعية أم عائق أمام تطور اللاعب الوطني ..؟
ـ مع ازدياد اعتماد أندية القمة السودانية الهلال والمريخ على اللاعبين المحترفين الأجانب باتت الآثار السلبية لتكدس هؤلاء اللاعبين تبرز على مستوى اللاعب الوطني وعلى الرغم من أن المحترفين الأجانب قد يساهمون في تحسين الأداء في المباريات القارية فإن الاعتماد الكلي عليهم يخلق أزمة تهدد بتراجع مستوى اللاعب المحلي ويقلل من فرص ظهوره وتطوره.
ـ تقل فرص اللاعب الوطني عندما يتواجد عدد كبير من المحترفين الأجانب في التشكيلة الأساسية وعدم المشاركة بانتظام يؤدي إلى فقدان حساسية المباريات ويعيق تطور اللاعب الوطني خصوصاً في المراكز المهمة وهذا الوضع لا يؤثر فقط على اللاعبين غير المشاركين بل يضعف أيضاً الحماس والتنافسية بينهم مما يجعلهم أقل جاهزية عند استدعائهم للمنتخب الوطني.
ـ كما أن تراجع حظوظ اللاعبين الوطنيين في المشاركة الأساسية مع أنديتهم يعمق شعورهم بعدم الثقة خاصة اللاعبين الشباب الذين يواجهون صعوبة في إيجاد فرص للتألق والظهور لتظل المواهب الشابة محدودة الأفق داخل الأندية فتنعدم فرص التجربة والاحتكاك مما يؤدي في النهاية إلى إهدار العديد من الطاقات الواعدة.
ـ المنتخب السوداني يعتمد بالأساس على لاعبي الهلال والمريخ باعتبارهما من أبرز الأندية المشاركة في البطولات القارية ومع قلة اللاعبين الوطنيين الذين يشاركون بانتظام مع هلال مريخ يتأثر المنتخب سلباً واللاعب الذي يفتقر إلى التنافس المستمر يفقد الكفاءة اللازمة لخوض المباريات الدولية الصعبة وهذا ما ينعكس في أداء المنتخب السوداني الذي يعاني من نقص الخبرة وغياب اللاعب القوي الذي يكون جاهزاً للمشاركة في مختلف الظروف.
ـ عدة منتخبات واجهت نفس المشكلة على رأسها المنتخب السعودي الذي تأثر مستواه بشكل واضح مع زيادة عدد المحترفين الأجانب في الدوري االسعودي حيث تراجع مستوى اللاعبين المحليين نتيجة قلة مشاركاتهم ونجد منتخبات أخرى مثل الإمارات وقطر اضطرت للاستعانة بالتجنيس وهنالك بعض الدول بدأت تضع ضوابط صارمة على مشاركة الأجانب لتطوير كفاءات محلية قوية ومؤهلة دولياً.
ـ الأهلي المصري يمكن اعتباره مثالاً ناجحاً لنهج التوازن فقد حافظ النادي على مجموعة من اللاعبين المحليين الأساسيين مع عدد محدود من المحترفين الأجانب وكان يختار لاعبين أجانب ذوي مهارات عالية لإضافة نوعية للفريق دون التأثير على فرص اللاعبين المصريين مما سمح للأهلي بتحقيق إنجازات محلية وقارية وآخر الأمثلة على نجاح هذا التوازن كان فوزه على نادي العين الإماراتي المليء بالمحترفين الأجانب في حين أن الأهلي اعتمد على لاعبيه المحليين مع أجنبي واحد أو اثنين فقط.
ـ الاتحاد السوداني لكرة القدم فتح الباب واسعاً للاندية لاستجلاب المحترفين الأجانب مما أدي إلى تكدس كشوفات الهلال والمريخ باللاعبين الأجانب ليصل عددهم في كشف كل فريق إلى ثلث اللاعبين المسجلين ويمكنه للاتحاد ان يتدارك هذا الأمر ويتخذ خطوات فعالة لحماية المواهب الوطنية كما فعل الدكتور كمال شداد من قبل بوضع سقف لعدد المحترفين ومنع الأندية من استقطاب حراس مرمى أجانب وهذه الإجراءات من شأنها أن تخلق بيئة تنافسية تساعد على تطوير مستوى اللاعبين الوطنيين وتضمن تواجدهم بشكل أساسي في المباريات المحلية.
ـ ضبط عدد الأجانب لكل فريق والسماح لعدد معين منهم فقط بالمشاركة في المباريات قد يكون خطوة أكثر فاعلية ويمكن أيضاً فرض إجراءات إضافية مثل إلزام الأندية بتطوير برامج تدريبية للمواهب المحلية وتكوين أكاديميات كرة القدم مما سيساهم في بناء لاعبين قادرين على سد احتياجات المنتخب الوطني والأندية على حد سواء.
ـ التكدس الحالي للمحترفين الأجانب في أندية القمة السودانية يشكل تهديداً لتطور اللاعب السوداني ومستقبل المنتخب الوطني ورغم الفائدة التي قد تأتي من الخبرات الأجنبية فإن التوازن مطلوب لتجنب آثارها السلبية على الكرة السودانية وتطوير سياسة شاملة لتحديد دور المحترفين في الأندية السودانية والتركيز على صقل المواهب المحلي سيكون له أثر إيجابي على مستقبل الكرة في السودان ويضمن أن يمثل المنتخب الوطني نخبة من اللاعبين الذين حصلوا على فرص كافية للتطوير والتحضير للبطولات القارية والدولية.
ـ نرفع أيدينا بالدعاء ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يكتب الشفاء العاجل للأخ والزميل العزيز محمد كامل سعيد الذي لزم سرير المرض في القاهرة لقد عرفناه صاحب قلم حر ومميز يحرص دوماً على إيصال الحقائق بأمانة وموضوعية ويثري صفحات الصحف بمقالات قيمة ورؤى عميقة، اللهم اشفه شفاءً لا يغادر سقماً وألبسه لباس الصحة والعافية إنك على كل شيء قدير.