هلال وظلال
عبد المنعم هلال
المغتربون السودانيون.. عطاء بلا منّ ولا أذى
في خضم هذه الحرب التي مزقت السودان لعب المغتربون السودانيون دوراً عظيماً يتجاوز حدود التضحية والعطاء. كانوا السند والعون لأهلهم وأحبائهم حتى وهم يواجهون في دول الاغتراب تحديات حياتية صعبة من غلاء المعيشة وقلة الرواتب إلى ندرة فرص العمل وتسديد الإيجارات وتجديد الإقامات فضلاً عن المصاريف الدراسية وغيرها من الأعباء التي تثقل كاهلهم ورغم كل ذلك لم يتوانوا لحظة في الوقوف إلى جانب أهلهم وبلدهم.
لقد اقتطع هؤلاء المغتربون من قوت عيالهم واحتياجاتهم اليومية ليسدوا رمق من يعانون في الوطن ويلبون عون المحتاجين، لم تقتصر مساعدتهم على التزاماتهم الأسرية فقط بل كانوا في المقدمة عندما نادتهم النفرات الجماعية والمساهمات المجتمعية. دعموا “تكايا” الأحياء وأرسلوا الأدوية والمواد التموينية لأهاليهم وساهموا في سد ثغرات الحاجة لكل صاحب حاجة. عندما احتاجهم الوطن لبوا النداء بكل ما استطاعوا رغم بعد المسافات وضيق الحال.
وفي بلاد الاغتراب حيث تضيق الحياة بالمعيشة الصعبة وتزداد الأعباء، استطاع المغتربون السودانيون احتضان الفارين من الحرب وتوفير ما يسد حاجتهم وفروا لهم المأوى وشاركوا معهم لقمة العيش رغم صعوبة الظروف. أكثر من ذلك عملوا بتنسيق كامل مع الدول التي يعيشون فيها لحل مشاكل تجديد الإقامات وتنظيم زيارات الفارين وتسهيل الإجراءات الرسمية المتعلقة بالإقامات واللجوء. سعى هؤلاء الأبطال بهدوء وصبر لتحسين أوضاع أهلهم في دول المهجر متحدين التحديات والقيود التي فرضتها تلك الظروف.
هذا العطاء الكبير لم يكن مجرد واجب عائلي أو اجتماعي بل كان انعكاساً لروح أصيلة مغروسة في النفوس السودانية. كانوا جيشاً من المتطوعين ينسقون المساعدات ويدبرون الحلول ويمدون أيديهم بلا تردد لكل من يحتاج. دعمهم لم يكن مجرد دعم مالي بل كان دعماً معنوياً وروحياً يتجاوز كل الحواجز والعقبات.
في ظل هذه المواقف البطولية من الصعب أن نوفيهم حقهم بالكلمات يكفي أن نقول: ما زال هؤلاء المغتربون مصدر فخر واعتزاز لكل سوداني وهم جسر الحياة بين من اضطروا للرحيل ومن ظلوا في الوطن يحاربون بصبر وشجاعة من أجل البقاء.
حقاً لا يمكن أن نمنح المغتربين السودانيين ما يستحقونه من تقدير في هذه الكلمات القليلة فقامتهم السامية ومكانتهم العالية لا يطولها أحد. هم ليسوا فقط جنوداً في ساحات الاغتراب بل هم جيش المحتاجين وحائط الصد الذي منع الكثير من الانهيار في وطن يعاني ويعاني.
التحية والتجلة والتقدير لكل مغترب سوداني نشر الخير في أرجاء الأرض وإن شاء الله يوم شكركم ما يجي وأن ما قدمتموه لا يمكن رده أو مكافأته لقد حملتم أمانة الوطن في قلوبكم وكنتم عند حسن الظن في زمن الحرب والمحنة.
وكما قال شاعرنا العظيم: “كان أسفاي وأسفاي وآمأساتي وآذلي تصور كيف يكون الحال لو ما كنت سوداني وأهل الحارة ما أهلي ..؟”
إن هذه الكلمات تعبر عن الامتنان العميق لكل مغترب سوداني يحمل في قلبه حباً للوطن لا ينضب.
ظل أخير
أيها المغترب رغم البعاد كنت العون والسند
في الحرب والمحن كنت الأمل وجالب المدد