العمود الحر
عبدالعزيز المازري
الهلال يفاجئ جماهيره…بهلال يبحث عن نفسه
أعلم أن جماهير الهلال حزينة، وأن بعضهم مصدوم من الأداء الأخير أمام أهلي مدني. لا أحد من هذه الجماهير يريد سماع أعذار أو مبررات، لأنهم اعتادوا على الهلال الكبير، ولأن الفريق اليوم يضم عددًا هائلًا من المحترفين كان يُفترض أن يرفعوا من القيمة الفنية.
لكن دعونا نحكم بالعقل وبمنطق كرة القدم. من أبجديات اللعبة الانسجام، اكتمال اللياقة، الروح، القيادة، والإعداد المتوازن مع اكتمال عناصر الفريق. هذه المقومات كلها افتقدها الهلال بالأمس.
أولًا: الانسجام. الهلال يلعب بمدرب جديد وفكر جديد، ومعه اثنا عشر لاعبًا جديدًا، وهذه منظومة تحتاج وقتًا لتتحول إلى فريق متماسك. من الطبيعي أن يفتقد الهلال الجماعية في هذه المرحلة.
ثانيًا: القيادة. القائد في الميدان لا بد أن يكون حاضرًا ليشد أزر زملائه ويدفعهم بروح الهلال. لكن غياب القائد المؤثر كان واضحًا، وفارس الذي حمل الشارة وجد نفسه في مركز جديد عليه، فتأثرت المنظومة ككل.
ثالثًا: الجاهزية البدنية. رأينا بوضوح أن الحمل الزائد من التدريبات الصباحية والمسائية أثّر على أداء بعض اللاعبين. الجسد مثقل، والجهد باهت، والعطاء لم يكن في مستوى الشعار.
رابعًا: اكتمال العناصر. هذه ثالث مباراة إعدادية للهلال، والمدرب لم يصل بعد لتشكيلته الأساسية. هناك غيابات في الدفاع والوسط وحتى في الهجوم بسبب انضمام ركائز مهمة للمنتخب. طبيعي إذن أن يظهر الهلال ناقصًا في بعض المراكز.
صحيح أن كثيرين قالوا إن هذا الأداء لا يشبه الهلال، وأنا أتفق أن غياب الروح كان أمرًا محزنًا. هذه النقطة بالذات ظللت أنبه إليها مرارًا: هوية الهلال لا يحفظها إلا اللاعب الوطني. المحترفون مهما كانت قيمتهم لا يزرعون القتال في الملعب، أما أبناء النادي فهم سر الروح وذاكرة الانتماء.
مباراة أهلي مدني تظل في إطار الإعداد. قد تكون صادمة للبعض، لكنها منطقية جدًا لمن يتابع ظروف الفريق. شخصيًا لم أتوقع أكثر مما رأيت، لكنني مثلكم شعرت بالخذلان من انعدام الروح القتالية وضياع هوية الهلال داخل المستطيل الأخضر.
الهلال ما زال يبحث عن نفسه، لكن أمامه فرصة. عليه أن يتجاوز المباراة القادمة أمام **كتور جوبا** ويحصد النقاط كاملة، وبفارق أهداف مريح، حتى يحجز صدارة مجموعته. لأن حسابات أفضل الثواني باتت معقدة، والواضح أن طريق الهلال الوحيد هو أن يتصدر.
صحيح أن المهمة لن تكون سهلة في جوبا أمام فريق الجاموس، لكن مع عودة المحترفين، وانضمام عناصر المنتخب، واستعداد اللاعبين الوطنيين بروحهم المعهودة، يمكن أن يعود الهلال كما نريده… الهلال الكبير الذي يشبه نفسه.
من حق الجماهير أن تغضب وتحزن، لكنها أيضًا مطالبة بالصبر. فالهلال الذي شاهدناه لم يكن بالفريق الأول، بل نسخة ثانية في طور الإعداد. وما بين الصدمة والحقيقة، تظل الثقة أن الهلال سيستعيد بريقه قريبًا.
**كلمات حرة**
* الهلال بلا روح وطنية لا يشبه الهلال.
* فارس ليس قائدًا بالفطرة… القيادة تُزرع ولا تُفرض.
* ماديكي ظهر بلا قتال… فهل فقد شغفه أم فقد الهوية؟
* اثنا عشر محترفًا لا يساوون لاعبًا وطنيًا واحدًا بروح صادق.
* أهلي مدني استحق التعادل لأنه لعب بجرأة وشراسة أكثر.
**كلمة حرة أخيرة**
الهلال في الأبطال سيقابل الجاموس… وهذه مباراة لا تحتاج أعذار، بل تحتاج رجالًا.