حين شاهدت وزير المالية ابراهيم البدوي في مؤتمره الصحفي اول أمس وشاهدت الاستاذ فيصل محمد صالح وزير الاعلام يقف خلفه واجماً ساهماً شارداً، تأكدت ان الميزانية تحمل في طياتها رفع الدعم.
الرجل الذي بدأ حديثه وهو متهدج الأنفاس كان مثل الذي يحمل قنبلة موقوتة ويخشى ان تنفجر فيه قبل الآخرين.
المؤتمر الصحفي بدا كجس نبض للشارع، فكانت البشريات حاضرة وواضحة والكلمات تخرج من فم الوزير سهلة البيان، وما ان يأتى الحديث عن الوقود حتى تبدأ التمتمة والتعويم.
ذلك على الرغم من ان بشريات الرجل بالتعليم المجاني والعلاج المجاني واستمرار دعم القمح وغاز الطبخ كانت عظيمة، الإ ان حديثه عن رفع الدعم التدريجي (اسم الدلع لرفع الدعم) كان كافياً لنزع فتيل فرحة البشريات. حتى ان الصحف في يومها التالي تجاهلت المجانية في التعليم والصحة وأبرزت رفع الدعم عن الوقود.
اننا نعلم جيداً اننا الأرخص سعراً في الوقود على مستوى ٧٠٪ من دول العالم حولنا، ونعلم ان لتر الوقود ارخص بخمس مرات من لتر الحليب، وبمرة ونصف من لتر الماء، وارخص (١٢) مرة من لتر الزيت، على الرغم من اننا لسنا دولة بترولية.
نقول اننا نعلم كل ذلك، ولكننا انتظرنا من حكومة حمدوك رؤية مختلفة ونقلة نوعية دون اللجوء الى الشماعة التقليدية التي اهترأت من كثرة استخدام حكومة المؤتمر الوطني لها. كنا ننتظر البدائل الحقيقية لرفع مستوى الايرادات دون التلويح بعصا رفع الدعم، اين الذهب واين المعادن الاخرى من نحاس وحديد ويورانيوم، اين تطوير الصادرات من محاصيل زراعية وثروة حيوانية، اين زراعة الاسماك وتعليبها وتصديرها، اين موارد الجمارك والضرائب ومدخلات الانتاج ورسوم الموانئ البحرية والجوية؟ دعكم من كل ذلك اين تخفيض وترشيد الاستهلاك الحكومي، اذا كان كل عضو في المجلس السيادي يمتطي أنفيتي يتجاوز سعرها السبعة مليارات، ومخصصات وحوافز وطاقم حراسة ونثريات وقومة وقعدة لمجلس في الاساس لا نسمع له صوتاً ولا نحس له ركزاً، مجلس عبارة عن تمومة جرتق، لا يحل ولا يربط . ألهذا صبرنا …!؟ الهذا انتظرنا وانتصرنا وهلكنا …!؟ ما الجديد يا بدوي وما الذي تفتقت عنه عبقريتكم اذا كنا لن نراوح مربع الأمس المشؤوم. الا تدري أن تلك الاسر التي وعدت بتمليك كل اسرة منها مبلغ (١.٥٠٠) جنيه انها ستدفع كل هذا المبلغ مواصلات، أسعار نقل المواطنين عبر المركبات العامة والخاصة ستزيد وستزيد تكلفة نقل المحاصيل، فيزيد سيد الدكان وسيد الخضار وسيد اللبن اسعارهم، وحتى سيد الكارو سيزيد سعره لأن رفع الدعم عن الوقود قد زاد أسعار البرسيم …. ولا عزاء للحمار.
خارج السور:
إن لم تعالج هذه الميزانية فالآثار الجانبية ستكون مهلكة.. كُنا ننتظر من الجبل أن يتمخض فيلد على الأقل جرواً.. ولكن النار تلد الرماد دوماً