صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

جِـيب كَـراسة الإمــلاء!!

111

صَـابِنَّهَـا
محمد عبد الماجد

جِـيب كَـراسة الإمــلاء!!

مَـرّات بحسد نفسي، أقول نحن في هذه الظروف الصعبة والحرب الدامية، قدرنا نضحك ونتونّس ونتكلم عن حاجة غير الحرب، مرات بستغرب وأقول نحن في هذه الأوضاع كيف بنكتب في الرياضة وبنكتب عن الهلال والكورة، دي قوة عين عجيبة أم هي انتصارٌ على الهزيمة؟ ما تتخلى عن عاداتك وهواياتك بسبب ظروف يفرضها عليك الآخرون (أياً كان الآخرون ديل منو ومن وين وشن خبرهم)، نحن قادرين ننتصر على ظروفنا، وقادرين نفرض ظروفنا غصباً عن أيِّ ظروف تانية.
في بداية الحرب، عندما تكتب عن الكرة، بقولوا ليك يا زول إنت في شنو والناس في شنو؟ الحرب بقت جزءاً من حياتنا ما بنخلي ليها تقاليدنا وعاداتنا.. لازم تقدر تتعايش مع أيِّ وضع، ما تتكسر للأيام، خليك ثابت وراكز ما بتجيك أيِّ عوجة. أعمل على أن تفرض حاجاتك على الحرب، وما تخلي الحرب تفرض حاجاتها عليك، الحرب ما فيها غير الدم والغبينة والكلمة الكعبة.
أزود نفسي دائماً بالقول إنّ الذين فرضوا علينا الحرب لن يفرضوا علينا طقوسها وسلوكياتها، لن يفرضوا علينا ما قصدوه من هذه الحرب. الدمار والخراب الذي أحدثوه في البلد، لن نسمح لهم بأن يحدثوه في نفوسنا ـ في هذه الحرب الخسارة الحقيقية هي الاستسلام للواقع.. ما تمشي مع الناس فقط من أجل أن تسب وتلعن الظروف، الأمر مُؤسفٌ جداً ومُخزٍ، ولكن التغلُّب على الصعاب لا تُضاهيه مُتعة، إن لم تشعر بذلك الآن، سوف تشعر بذلك لاحقــاً.
نحن نعاني فعلاً، ولكن مُتعة التغلُّب على المُعاناة تجعل كل معاناتنا صفراً.. الراحة الحقيقية هي ليست في إنجاز العمل، الراحة الحقيقية في التغلُّب على الصعاب والمُعاناة.. اكتشفت أنّنا شايلين الكثير من الشعارات واللافتات وحتى الأمثال والحِكم القديمة، ونحن عندنا في حياتنا ما هو أعظم، ما تبقوا حمّالين شعارات، لأنّ الذين يحملون الشعارات عادةً لا يعملون بها.. زي البصلح الفول ما بقدر يأكل منو، والبعمل الحلة نفسه بتمرق منها، والبتكلم عن العرس ما بعرس.
هذه الحرب كشفت لنا الكثيرين، قدّمتهم لنا كما هُــم، أقرب الناس إليك تكتشف أنّك لم تكن تعرفه جيداً، البلاء الذي يكشف لك حقيقة الآخرين نعمة، أن تعيش وسط أناس مغشوش فيهم عمرك كله، هذا أسوأ ابتلاء، أسوأ من الحرب نفسها.. هذه الحرب لم تتفضّل علينا بكشف الآخرين فقط، هي أيضاً كشفت لنا نفوسنا ـ مرات زي ما بغشوك، بتغش نفسك، ودي كارثة أكبر.
نحن قادرين ننتصر، لا بمدفع، لا رصاصة، ولا سيف، ولا حتى سكينة بصل، قادرين ننتصر لأن قناعتنا كبيرة وثقتنا في الله بلا حدود، هذه الحرب سوف تنتهي ولن يبقى منها غير تلك (السفاسف)، والسفاسف هو: الردي من كل شيء وما دق من التراب.
دي مقدمة (حربية) قلت أدخل بيها على الموضوع الذي أكتب عنه اليوم، لو عاوز تعرف مستوى طالب، أول من تشيل حقيبته المدرسية بتقول ليه: كدى ورِّينا كراسة الإملاء.
جنس إحراج ـ الطلاب ما بحبوا هذا التطفل، ما بحبوا زول يتغوّل على كراسات الإملاء.
كراسة الإملاء بتكشف ليك مُستوى الطالب الحقيقي، زي هذه الحرب التي كشفت لنا حقيقة الناس ـ بالمناسبة ليس بالضرورة وأنا أتحدّث عن حقيقة الناس، أن تكون هذه الحقيقة سيئة ـ الحرب دي برضو كشفت لنا معادن أناس فاضلين ولديهم مواقف وعينهم فقط على مصلحة البلد.
شوفوا مصلحة البلد من يبقى يتكلم فيها أناس واضعين إيدهم في جيوبهم، وبغيِّروا صورة البروفايل كل 72 ساعة وبعملوا بمفهوم أطعم الفم تستحي العين، أقنع منها ـ والحديث عن مصلحة البلد.
في ناس عاوزين يكسبوا من البلد دي في أيِّ حاجة ومن أيِّ موقف، الواحد لو دفن أبوه بفكر كيف يستفيد من هذه الدافنة، وديل هم مشكلة البلد الحقيقية ـ شفشافة الدعم السريع ديل التغلُّب عليهم هيِّن ـ المشكلة في شفشافة الفهم والقلم ـ الناس العاوزين ينهبوا ويسرقوا ويقتلوا وعاوزين الناس تصفق ليهم. وديل ليهم يوم، أصبروا بس يوم الحساب سوف يأتي، يحسبونه بعيداً وهو قريبٌ.
خلونا في كراسة الإملاء، وهي الكراسة التي تعرف من خلالها مُستوى الطالب الأكاديمي، وبتعرف أيضاً مُستوى فهمه ونظامه، الخط العربي بكشف ليك نظام أو لا نظام كاتبه… في ناس بعرفوك من خطك.
لمن تلقى كراسة الإملاء ملخبطة، شطب ونزول من السطر وورقة مفطوطة والكلمات كلها عليها خطوط حمراء وأعِــد، أعرف أنّ هذا الطالب غير منظم وفوضجي ومتمرد كمان!!
أنا هسع عاوز أشوف كراسة الإملاء بتاعة الهلال ـ في هذا الموسم الكراسة ما فيها مشكلة يكفي تحقيق الدوري الموريتاني، نحن عاوزين نشوف كراسة الإملاء للسنة الجديدة، العام الدراسي القادم، أي الموسم الرياضي الجديد.
وقعت ليكم!!
طلِّعوا كراسات الإملاء ـ نحن زمان لمن الأستاذ يقول لينا الجملة دي ما بنعرف نمشي وين؟!
ارتفعت حقوق الرعاية والتلفزة وجوائز البطولات القارية والعالمية بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، وهي أمورٌ جعلت أندية المقدمة في أفريقيا تبعد بشكل كبير عن الأندية المنافسة لها، لأنّها أصبحت تُحقِّق أرباحاً وجوائز ترفع بها من تعاقداتها ومُستوياتها الفنية.
ارتفاع مُعدّل الدخل ومُعدّل الصرف لأندية المقدمة في أفريقيا، جعلها تغرد منفردة بسبب ميزانيتها العالية وارتفاع القيمة التسويقية للاعبيها، وهذا شئٌ سيجعل المسافة بينها وبين الأندية التي لم تُحقِّق بطولات بعيدة.
أندية مثل الأهلي المصري وصن داونز والترجي التونسي والوداد ويمكن أن نضيف إليها بيراميدز، صعب في السنوات القادمة منافستها لو لم نتدارك الموقف، لأنّ البطولات التي حقّقتها تلك الأندية وضعتها في مكانة لوحدها.
الإمكانيات المادية أصبحت العنصر الأساسي لتحقيق البطولات، هذا الأمر أكّـده فريق باريس سان جيرمان في أوروبا وبيراميدز في أفريقيا، الإمكانيات الفنية والخبرات والقدرات كلها أصبحت تتحقّق عن طريق المال، لو ما عندك إمكانيات مادية كبيرة، التحكيم سوف يظلمك والاتحادات سوف تتجنى عليك.
ما عندك قروش ما بتنافس.
الفوز بالبطولات الأفريقية ـ دوري أبطال أفريقيا وبطولة السوبر سوف يمنح الأندية الفائزة بتلك البطولات وضعية مُميّزة في الرعاية والتلفزة وفي جوائز تلك البطولات المادية، إلى جانب أنّ الفوز بدوري أبطال أفريقيا سوف يؤهل إلى نهايات كأس العالم للأندية، وهي بطولة أضحت الهدف الأساسي لتلك الأندية بسبب جوائزها المادية العالية والكبيرة التي تتجاوز 10 ملايين دولار، إضافةً إلى ما يدخل على النادي من أموال بسبب حقوق الرعاية والإعلانات، وما يتحقّق من سُمعة واحتكاك مع أندية عالمية كبيرة.
الهلال بوضعه الحالي لن ينافس على البطولات القارية، منافسة أندية تصرف ملايين الدولارات في تعاقداتها يقابلها صرفٌ في حدود آلاف في الهلال سوف يجعل أمر البطولة للهلال مستحيلاً.
يمكن أن يسبب الهلال لتلك الأندية مشقة أو صعوبة في التغلُّب عليها، ممكن يعكنن عليها ولكن في النهاية هم قادرون على تجاوز الهلال، أما نحن فسنكتفي بما نُحقِّقه من مشقة عليهم.
الدكتور والإعلامي المصري أحمد ثابت كتب على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي ـ بعد أن ضم الأهلي تريزيغيه وزيزو ورمضان ومع عودة ديانج وحمدي فتحي أصبحت القيمة التسويقية للاعبي الأهلي 60،49 مليون دولار يعني 50 مليون يورو وهو الرقم الأعلى في قارة أفريقيا.. الأهلي أصبح أغلى فريق في أفريقيا بفارق كبير عن صن داونز صاحب المركز الثاني، حيث وصلت قيمته التسويقية إلى 35،25 مليون يورو.. الأهلي أصبح يمتلك أغلى 7 لاعبين داخل القارة الأفريقية في القيمة التسويقية ـ تريزيغيه 5 ملايين يورو، زيزو 4 ملايين يورو، ثم بن شرقي ووسام وإمام 3،5 ملايين يورو، ثم اليو ديانج 3 ملايين يورو ومروان عطية 2،5 مليون يورو.
حتى لا نظلم الهلال ونقول لماذا لا يُحقِّق بطولة خارجية، انظروا لتلك الأرقام، وكل الأندية المنافسة أرقامها لا تبعد عن تلك الأرقام.
إذا لم ترتفع القيمة التسويقية في الهلال وإذا لم يتم التعاقد مع محترفين على مستوى، من الصعب أن يُحقِّق بطولة خارجية.
بالطبع أنا لا أطالب بأن يدفع الهلال في تعاقداته مثل هذه الأرقام التي يدفعها الأهلي وصن داونز وبيراميدز، ولكن أقول إنّ هنالك مواهب في الهلال يمكن أن تصل قيمتها التسويقية لتلك الأرقام التي أشرنا إليها في الأهلي المصري.
الأهلي تعاقد مع أسماء كبيرة فعلاً وبأرقام كبيرة، لكن كل هذه الأسماء تجاوزت الثلاثين، أنا لا أفضِّل التعاقد مع لاعب محترف تجاوز الثلاثين مهما كانت قيمته، مواهب الهلال الموجودة في كشوفاته أعمارها لا تتجاوز 24 سنة وبعضها لم يتجاوز العشرين مثل جان كلود وكوليبالي وعيسى فوفانا، وهناك أحمد سالم وإيمي، ويمكن أن أضيف إليهم بثقة ياسر جوباك وكبه وكنن ومحمد مدني، هذه الأسماء، المستقبل أمامها، وسنهم سوف ترفع قيمتهم التسويقية، لذلك يجب أن لا يفرط الهلال في أيِّ لاعب من هذه الأسماء، أيِّ لاعب من هذه الأسماء إذا حقّق الهلال بطولة خارجية سوف ترتفع قيمته التسويقية إلى أكثر من 3 ملايين يورو.
على الهلال أن يخطط بصورة علمية ومدروسة لتحقيق دوري أبطال أفريقيا، لأنّ تحقيق هذه البطولة سوف يضعه في مكانة ثانية، الجوائز التي سوف يحصل عليها الهلال واللعب في بطولة كأس العالم للأندية، سوف ترفع من سقف تعاقداته، ما سيحصده الهلال من جوائز في تلك البطولات سوف يجعله يتعاقد ويصرف على لاعبيه كما يفعل الأهلي وصن داونز، والهلال نادٍ جماهيري أي بطولة يحققها سوف تكون مكاسبها كبيرة، ليس من الجوائز والإعلانات والرعاية والتلفزة فقط، بل من الجماهير أيضاً.
لا يستطيع الهلال أن يُنافس ويُقاتل أفريقياً بسيوف عُشر أمام أندية تمتلك أسلحة ومدفعية ثقيلة!!
مطلوبٌ من الهلال إذا أراد أن يفوز بالأميرة السمراء أن يحافظ على الأسماء الموجودة في كشوفاته والمستحقة للتواجد، ثم عليه بعد ذلك إضافة أسماء أخرى لترميم الثغرات التي يعاني منها الفريق.
بجماهيرية الهلال وبتاريخه العظيم وبالروح، يمكن أن نتغلّب على الفروقات الكبيرة بين الهلال وأندية المقدمة في القارة الأفريقية، والهلال إذا حقّق البطولة الأفريقية سوف يكون بذلك مسك الدرب ولن يتراجع عن سكة البطولات، لأنّ كل شئ سوف يرتفع في الهلال.
الموسم القادم في البطولة الأفريقية، سوف يكون أصعب، لأنّ هنالك أندية اكتسبت المزيد من القدرات والإمكانيات بسبب مشاركتها في بطولة كأس العالم للأندية، مثل الأهلي وصن داونز والوداد والترجي وأضف إليها بيراميدز بعد أن حقّـق البطولة الأفريقية هذا الموسم، هذا الأمر سوف يجعل الفارق كبيراً بين هذه الأندية والأخرى بما في ذلك الهلال.
كل الأندية أصبحت حريصة على تحقيق البطولة الأفريقية لأنها تبحث عن شرف ونعيم المشاركة في بطولة كأس العالم للأندية العام 2029م، بيراميدز حجز بطاقته بفوزه باللقب هذا العام، والأندية الأخرى سوف تقاتل من أجل البطاقات الثلاث المتاحة لأفريقيا في السنوات القادمة من أجل المشاركة في نهائيات كأس العالم للأندية.
إذا لم يتدارك الهلال الموقف، الفروقات سوف تكون شاسعة وسيكون أقصى ما يمكن أن يُحقِّقه الهلال هو التأهل من مرحلة المجموعات.
أبحثوا عن اللقب، نحن نمتلك الشغف والاسم والتاريخ والجماهير، نمتلك كل الإمكانيات، بما في ذلك الإمكانيات المادية لو أحسن الصرف والتخطيط والتدبير.
نعم المال لا ينقصنا، تنقصنا إدارة هذا المال، لأنّ تحقيق اللقب القاري مرة واحدة سوف يجعلك قادراً مادياً على التعاقد مع أيِّ اسم في أفريقيا.
….
متاريس
علينا أن نتجاوز محطة أن يكون كل طموحنا الوصول لمرحلة المجموعات، ثم يكون أقصى ما نحلم به التأهل من مرحلة المجموعات.
وإذا أردنا أن نُحقِّق اللقب علينا أن لا نكتفي بالطموح.
أعملوا حاجة.
بس مُشكلتنا نحن بعد كل موسم، بنهد الفريق ونبدأ من جديد!!
….
ترس أخير: زمَـان كُـنّـا بنحلَـم نفُـوز بدوري أبطال أفريقيا.. هسـع بقينا نحلَـم بالكهـرباء!!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.