صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

حادثتا الحارة (١٧) وجنوب الحزام..الأمر يستحق التناول من زاوية إنسانية بعيداً عن حسابات الحرب

29

 

أبوعاقله أماسا
* غبت يومين عن الفيسبوك.. ومع عودتي بالأمس صدمت بحادثتين أليمتين كان مسرحهما في مكانين مختلفين… الحادثة الأولى كانت في الثورة الحارة (١٧).. آخر محطة القديمة بشارع الثورة بالنص.. وفيها دانة عشوائية استهدفت ركاب حافلة تقل مواطنين أبرياء، لم يسلموا من عبث بعض الجهلاء و(الأجانب) المرتزقة بأمن الوطن.. يتعامل الواحد منهم مع المدافع والراجمات وكأنه طفل صغير يلهو بلعبة صنعت في الصين…!

* الحادثة الثانية كانت في إحدى محطات الوقود بجنوب الحزام… وأيضاً قضى فيها مجموعة كبيرة من المواطنين ليس لهم ذنب سوى أنهم مقيمين في منطقة عمليات حربية.. ومطالبين بالحركة من أجل كسب العيش في ظروف لا توصف من السوء والقهر وقلة الحيلة..!!

* اللافت للنظر أن الزميل كندشه وبحكم إقامته الحالية في منطقة جنوب الحزام (الملتهبة) ومعرفته الشخصية ببعض الضحايا من بني جلدته، وهم من غمار الكادحين في بلادي، تناول الحادثة بعاطفة مزجها بموقف مسبق من الحرب والعمليات، وأنا متابع دقيق لبعض التعليقات على منشوراته، وفي المقابل تناولت المصادر التي كتبت عن كارثة الحارة (١٧) بغضب ظاهر، وأنا منهم، وهذه الكارثة من حيث الترتيب قد تكون بعد الرقم (١٠٠٠) من بين الحوادث والجرائم التي إرتكبتها مدفعية الدعم السريع، وقضى في هذه (٦٥) مواطناً ليس من بينهم عسكري واحد.. ولا يستطيع الفاعل أن يقول أنه كان يقصد منطقة كرري العسكرية التي تبعد عن المكان كيلومترات عديدة.. ولا يستطيع القول أنه لم يكن يقصد المواطنين.. وأنا بدوري أترحم على الأخت (إنصاف مكي درب) شقيقة أخي وزميلي صلاح مكي درب، وزوجة خالي كباشي بديه والتي كانت ضمن ضحايا الحارة (١٧).. وبعض مساندي الدعم السريع ومستشاريه يرفضون مجرد توجيه الإتهامات برغم كل ما يحدث..!!
* مثل هذه الحوادث يجب تناولها من زوايا إنسانية، واستصحاب رأي ديننا الحنيف (إن كنا مسلمين)، وعدم الزج بها في أجندة الحرب وقسوة المتحاربين وبأسهم بينهم.. فمن ماتوا أبرياء وليسوا طرفاً في الإقتتال.. ولا يمكن تبرير قتل المدنيين من الطرفين وترويعه والدخول عليهم في منازلهم ونهب ممتلكاتهم وتهجيرهم وقطع الطريق عليهم في قراهم ومدنهم وسلبهم أقواتهم.. فهذه جرائم ضد الإنسان والقانون والدين والأخلاق.. فلا تبرر حتى لا تؤثم..!!
* كل ذلك وأنا من الموقنين بأن كل المواطنين الأبرياء الآن في درجة أقل من حيث الأمن والأمان.. مهما كانت أماكن إقامتهم.. كانوا في مناطق سيطرة الجيش .. أو مناطق سيطرة الدعم السريع.. ولكن في مناطق سيطرة الدعم السريع يعيش الناس في درجة أمان قد تكون الأقل في أي مكان آخر على الأرض.. فكل فرد يطوف حولك يعطيك إحساساً بأنه (دانة) قاتلة وموجهة لأي مواطن..!

* الأخطر في مناطق الدعم السريع أنه لا أحد من القادة يستطيع أن يفرض كلمته على آخر ولا احترام للتراتبية.. وأفرادهم في درجة من الجموح بحيث أنهم لا يعترفون ببعضهم وليست لديهم الإستعداد للتعاون مع زملاءهم.. لذلك فإن الأمر يستحق أن يوضع في ميزان إنساني بعيداً عن السياسة والنظريات العسكرية..!!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد