زووم
ابوعاقلة اماسا
حالة إنهيار..!
* وكأنما عشق السودانيين الرياضة ليتخذوا من ميادينها وساحاتها حلبات للصراع وساحات لتصفية الحسابات، بعكس مايحدث في كل العالم، حيث الرياضة رسائل وقيم محبة، ووجه تجتهد الأمم من أجل عكس حضارتها وثقافتها وشعبها على أجمل وأقوى ما يمكن في المحافل الدولية، أو أننا فهمناها خطأ وطفقنا نمارس هذا العبث المحشود والمثير للشفقة والإستنكار معاً.
* ما يحدث أيها السادة في الساحة الرياضية في تقديري تشويه لمفاهيم الرياضية، وإنحراف في أهدافها ومضامينها، وتكذيب لحقيقة أنها رسالة سلام، والأمر يتطلب وقفة مراجعة شاملة إذا أردنا التصحيح، على كافة المستويات بدون استثناء، وكل المؤسسات وفي مقدمتها المؤسسات الكبيرة مثل الإتحاد السوداني لكرة القدم والمريخ والهلال كأحد أكبر توابعه، والمتابع للمسيرة يوقن بأن الحصاد لا يشرف، ما لم يكن محبط ومنفر.
* الرياضة السودانية وكرة القدم تحديداً لم تبدأ مع إستقلال السودان، بل كانت في حقبة من وسيلة للتعبير عن أشواق الشعب للحرية والإستقلال، وساحة تستقطب رموز المجتمع والناشطين السياسيين عندما أغلقت الدنيا أبوابها أمامهم وفتحت الرياضة أذرعها لهم واحتضنتهم في حميمية…!
* حاضر هذه المؤسسات لا يعكس عراقتها وتأريخها، والمؤسف أن هنالك من عطل التجسير الذي كان ضرورياً لجملة القيم والموروثات التي تثبت ملامح المجتمع، فجاءت أجيال من الإداريين والإعلاميين ليهدموا ما بناه الرعيل الأول، وفرغ هذا المجال تماماً من كل المضامين السمحة، وبتنا لا نرى المريخ إلا عبر الأزمات والنزاعات والصراعات المدفوعة بأجندة لا علاقة لها بالرياضة، وبدلاً أن يستفيد الهلال من المأزق الذي دخله المريخ بسبب صراعاته، هاهو يخطو بجدية نحو حرب ضروس.. لا تبقي ولا تذر، والموردة التي كانت الضلع الثالث منذ التأريخ الأول للكرة السودانية تقبع اليوم في الحضيض تماماً – إن جاز التعبير – وأعني هذه الكلمة لأن هذا النادي العريق بمكانته الكبيرة يستحق أن يكون دائماً في المقدمة، خاصة وأن تراجعه كان نذير شؤم، ومؤشر لإنحدار قادم للكرة السودانية.. أما المريخ فهو يمثل بؤرة الصراعات الأكثر تعقيداً في تأريخ الصراعات الرياضية، ويكفي تعقيداً أن أهله يرفضون رئيساً يرغب في العمل، ويتجهون نحو من لايرغب، وتتعرض فيه القيادات لضغوطات يشيب لها الولدان، حيث ينتظرهم الجميع ليفشلوا، أو يجتهد الجميع لإفشال شخص برز نجمه وبدأ يعطي ويقدم من تضحيات واجتهادات..
* في المريخ تنهار القيم والموروثات بشكل متسارع وفي غفلة من أهله، وهم بربط المناصب (بما يملك) وليس بما (يفهم) هذا الشخص لا يدرون أنهم يعبدون الطريق لعبور من يملكون المال ولا يفهمون شيئاً في أصول العمل الرياضي والعام.. وفي التجربة خير دليل..!
* فزعت وارتعبت وأنا أقرأ مقالاً لزميل هلالي عن الصراعات الراهنة في هذا النادي، والأمر هنا لا يتعلق بالأهلة وأنصار النادي ومشجعيه فقط، لأن الوسط الرياضي متماسك بفطرته ويتأثر ببعضه البعض سلباً وإيجاباً، ويتبادل الخبرات والثقافات والبدع.. حتى الأزمات تكاد تكون مستنسخة وطبق الأصل من بعضها.. وفي تقديري هي حالة إنهيار شامل يمر بعده الوسط الرياضي وناديي المريخ والهلال تحديداً.. ومرحلة فشل تتطلب من كل منسوبي الناديين الإنتفاض لإستدراك ما يمكن استدراكه.
حواشي
* حتى لو نجح المريخاب داخل المجلس وخارجه في إحداث تغيير على مستوى رئاسة النادي، فذلك لا يعني أن النادي قد عبر مرحلة التأزم والتقزم والخطر بقدر ما يعني أننا عبرنا مرحلة من السوء وقد تلقي بنا الأيام في بركة أسوأ من الذي يحدث الآن.
* تصريحات قيادي الحراك الهلالي محمد عثمان كوارتي تصريحاته تفتقر للحكمة وسوف يحصد حصادها في المستقبل القريب..!!
* في المريخ أيضاً نسخ كثيرة من الكوارتي.. نموذج التليفون (الربيكا) الذي يحتوي على رصيد ملياري من المال… نموذج الإداري الذي يرسخ قيمته عند الناس بالمال.. (بما يملك وليس بما يفهم).!
* في المريخ لا يملكون تصوراً محدداً للمطلوب من الرئيس.. القادم والسابق واللاحق.. بعضهم يريدونه صرافاً آلياً، يدفع ويفعل مايريد، وبعضهم يتمنى لو أنه يلتزم بالمؤسسة، وصنف آخر متوافر ومنتشر يريدون رئيساً ينفق عليهم قبل النادي والمشروعات..!
* عموماً.. وبهذه الكيفية أصبحت هذه الأندية طاردة ومنفرة، والخلافات والصراعات والأجندة المتقاطعة تخلق بيئة لا تطاق.. وبهذه الكيفية سنفاجأ بعد سنوات بفراغ الساحة من الإداريين المبدعين، في ظل سيطرة هذه المد الخراب..!!
* في المريخ خسرنا كثير من العقول والكوادر بسبب النظرة المادية النمطية للإداري.. ومات الحماس في نفوس الكثيرين للإستمرار في المنافسة لدخول المجالس واللجان.. وكذا الحال في الهلال.. يتدافع الناس نحو بوابات الخروج ولا تشهد بوابات الدخول إلا ذلك الصنف الفارغ الذي يعلو صوته ويطول لسانه وتتواضع قدراته في التفكير والإبداع.
* مالك جعفر.. عضو مجلس إدارة الهلال الأسبق.. عقاد عبدالغني الذي عمل في القطاعات المختلفة.. نماذج من الكوادر الهلالية الواعية والنظيفة التي إنزوت متحسرة على ذلك الإنحدار.. وفي المريخ أيضاً عشرات النماذج التي لا يتسع المجال لذكرها.
* سألت أبرز قيادات إتحاد الكرة عن خططهم المستقبلية للعمل في الإتحاد.. فإتفقت آرائهم بدون تنسيق على أن الأجواء طاردة وغير مشجعة للإستمرار..!!
* إنه الإنهيار بأركانه المكتملة والمستقبل المظلم للرياضة السودانية..!