هلال وظلال
عبد المنعم هلال
حنين إلى ميادين الكرة السودانية .. سنعود
ـ
لأول مرة في تاريخ كرة القدم السودانية، يخوض فريقا الهلال والمريخ مبارياتهما في الدوري بعيداً عن أرض الوطن. إنها لحظة مليئة بالمشاعر المتناقضة حيث يلعب الفريقان في ملاعب خارج السودان بعيداً عن جماهيرهما الوفية التي اعتادت ملء المدرجات بصخبها وحماسها هذا التحول التاريخي جاء نتيجة الظروف القاسية التي يمر بها السودان، مما اضطر الأندية الكبرى إلى اللعب في منفى بعيد عن أحضان الوطن.
ـ الهلال بدأ مشواره في الدوري الموريتاني بقوة، بفوزه على إنتر نواكشوط بنتيجة 4-1. تبادل تسجيل الأهداف كلٌ من والي الدين بوغبا من ضربة جزاء، وجان كلود الذي سجل هدفين، بالإضافة إلى هدف من كوليبالي. هذه النتيجة تؤكد بداية الهلال المميزة وقدرته على المنافسة بقوة هذا الموسم، مع تألق واضح من نجوم الفريق خاصة بوغبا وجان كلود والشاب احمد عصمت (كنن) .
ـ سنعود يوماً إلى ملاعبنا التي طالما احتضنت أفراحنا وأحزاننا سيأتي اليوم الذي نشاهد فيه الهلال والمريخ يتنافسان من جديد حين تمتزج ألوان الأزرق والأحمر في مدرجات استادات الهلال والمريخ الخرطوم تلك الأماكن التي شهدت أروع المباريات وأجمل اللحظات الكروية سنعود إليها بأعين مليئة بالحب والشوق.
ـ شيخ الاستادات استاد الخرطوم الذي لطالما كان مسرحاً للمباريات الكبرى سينبض بالحياة من جديد سنجلس على مدرجاته ونسترجع الذكريات ونستقبل المستقبل بحماس. أما دار الرياضة أم درمان فهي رمز لكرة القدم الشعبية والمواهب الصاعدة حيث كانت دوريات الدرجة الأولى والثانية تقدم أبطالاً جدداً كل عام سنعود لنشاهد تلك المباريات لنرى نجوم المستقبل وهم يتألقون أمام أعيننا.
ـ سنكحل أعيننا برؤية “الجوهرة الزرقاء” حيث تتلألأ ألوان الهلال وتعلو الهتافات “سيد البلد… سيد البلد!” تلك اللحظات التي يهتز فيها الاستاد بصوت الجماهير لحظات لن تفارق ذاكرتنا وفي الجهة المقابلة سنرى الرد كسل حيث ترتفع أعلام المريخ وتعلو الهتافات “بالطول والعرض مريخنا يهز الأرض!” تلك المنافسة التاريخية بين الهلال والمريخ هي جزء من نسيج حياتنا وهي التي تعيد لنا الأمل في عودة الروح الرياضية إلى ملاعبنا.
أهازيج الأولتراس ستعود لتملأ المدرجات بالحماس والأمل ستعود تلك الجماهير الوفية التي لا تكل ولا تمل من تشجيع فرقها التي تبتكر الأهازيج والهتافات وتجعل من كل مباراة احتفالًا بالكرة السودانية سنرى الأعلام ترفرف والطبول تقرع واللافتات تزين المدرجات لنعود ونشعر بذلك الانتماء العميق لأنديتنا ووطننا.
بعد كل مباراة سنتزاحم في صباح اليوم التالي لشراء الصحف الرياضية تلك الصحف التي ننتظرها بشغف لمعرفة التفاصيل الدقيقة للمباريات وتحليل أداء اللاعبين ومتابعة آخر أخبار الفرق الصحف الرياضية كانت جزءاً من طقوسنا اليومية وكان لقراءتها بعد كل مباراة طعم خاص، سنعود إلى تلك اللحظات التي نفتح فيها الصحيفة ونتناقش مع أصدقائنا حول أداء الفرق وحظوظها في البطولات القادمة.
ـ إن عودتنا إلى الملاعب ليست مجرد عودة لمشاهدة المباريات بل هي عودة إلى الحياة التي كنا نعيشها حيث كانت كرة القدم تجمعنا وتوحد مشاعرنا. كرة القدم في السودان ليست مجرد رياضة بل هي جزء من ثقافتنا وهويتنا, الهلال والمريخ ليسا فقط فريقين يتنافسان بل هما رمزان للوحدة والتلاحم بين مختلف مكونات المجتمع السوداني.
ـ نحن أبناء السودان وهذه الأرض هي ملك لنا جميعاً. عندما نعود إلى مدرجات الملاعب ونشجع فرقنا المفضلة فإننا نعود إلى قلب الوطن نعود بروح جديدة، متفائلين بمستقبل أفضل لوطننا هتافاتنا في المدرجات ليست فقط دعوات لفوز فريقنا بل هي تعبير عن حبنا للوطن وتأكيد على أن السودان سيظل دائماً علماً بين الأمم.
سنعود وتعود مراكب ريدنا لبر الأمان وسنشاهد الهلال والمريخ يتنافسان كما عهدناهما سنملأ مدرجات شيخ الاستادات ودار الرياضة وسنعيش مجدداً تلك الأجواء الحماسية التي تجمعنا سنكحل أعيننا بالألوان الزرقاء والحمراء ونردد الأهازيج والهتافات التي طالما رفعت رؤوسنا عالياً “هذه الأرض لنا فليعش سوداننا علماً بين الأمم” هذه العبارة هي عهدنا الذي سنحمله معنا دائماً سواء في الملاعب أو في حياتنا اليومية.